وكان t يقول:
يا ولدي لا تودعن كلامي إلا عند من كان منا، وأحبّ أن يسلك طريقنا، ولا تُلْقِهِ إلا لمحب محِقّ، يدخل تحت طينا وينقاد لنا، فإن ذِكْرَ الكلام لغَيرَ أهله عورةٌ.
وكان يقول:
طريقتنا هذه ما هي طريق تمليق، بل هي طريق تحقيق وصدق وتصديق وموت وكد وجهد وشد وحزم وكدم وكسر نفس من غير دعوي واتضاع وخضوع وذلة وفراسة ورقوم وعلوم. فيا أولادي إذا عملتم بموعظتي وعادت إشارتي كلُّها فيكم كانت إجازتي مطهرة مكملة بالسر والمعنى، فإن المقامات ما هي محجوبة عنكم إلا بكم.
وكان t يقول:
لا يكون الفقير فقيراً حتى يكون حمالاً للأذى من جميع الخلائق إكراماً لمن عبيده سبحانه وتعالى، فلا يؤذي من يؤذيه، ولا يتحدث فيما لا يعنيه، ولا يشمت بمصيبة، ولا يذكر أحداً بغيبة، وَرِعاً عن المحرمات، موقوفاً عن الشبهات، إذا بُلي صبر، وإذا قدر غفر، غضيض الطرف، يعمر الأرض بجسده والسماء بقلبه، طريقه الكظم والبذل والإيثار والعفو والصفح والإحتمال لكل من يتحدث فيه بما لا يرضيه،
وكان يقول:
واغوثاه من أهل الزمان، والله لو كان في العمر مهلة لسكنت في أكم الجبال وبطون أودية الوحوش فإن الرجل الآن بين هؤلاء الناس في أشد جهاد، قلوب شاردة وأحوال مائلة، وشهوات غالبة قد عدموا الصدق في الأحوال، وكيف يقدر الضعيف على صون الروح من عشرتهم والود لهم وغض بصره عن رؤية عوراتهم ليلاً ونهاراً ويصبر معهم على كل فتنة وشهوة وأذى من غير أن يقابلهم بمثله، هذا لا يطيقه إلا الصالحون.
وكان t يقول:
كم من واقف في الماء وهو عطشان لهفان، أعني إذا لم يحصل له الصدق في طلب مولاه بل عبد ربه على علة فاعملوا بالإخلاص لتُرووا من ظمأ العطش، فإن طريق الله تعالى لا تنال إلا بقتل الأنفس وذبحها بسيف المجاهدة والمخالفة.
وكان يقول:
كيف يدعى أحدكم أنه مريد طريق الله تعالى وهو ينام وقت الغنائم، ووقت فتوح الخزائن، ووقت نشر العلوم وإشهار الرقوم، ووقت تجلي الحي القيوم، يا كذابون ما تستحيون من الدعاوي الكاذبة، وهممكم راقدة وعزائمكم خامدة، ما هكذا درج أهل الطريق فالله تعالى يلهم جميع أولادي طريق الفلاح آمين.
وكان يقول:
ليس الزهد خروج العبد عن الشيء، إنما الزهد أن يكون داخلاً في إمارته، أو صنعته وقلبه خارج حائل ذاكر فاكر حائر مجاهد مرابط مخمول الذكر مشتغلاً بذكر الله عز وجل.
وكان t يقول:
يا أولادي قلبي عليكم بشراب القهوة القرقفية واستعمالها فوعزته وجلاله من صدق منكم وأخلص لا يمس أحداً إلا نبعت فيه الحكمة وحصل عنده الشراب، والسكر عن هذه الدار، يا أولادي الدنيا كحلقة بين أعين أهل التمكين، قوم يمشون إلى الأقطاب، وقوم تأتي إليهم الأقطاب، لا أحب من أولادي إلا من أراه يترقى في كل ساعة من مقام إلى مقام فهناك تقر عيني وهناك يصير ينتفع به، يا ولدي إن أردت أن يسمع دعاؤك فاحفظ لسانك عن الكلام في الناس، وعن تناول الشبهات، يا ولدي إن شككت في قولي فاعمل بما أقول لك وجرب نفسك شيئاً بعد شيء تعرف صدق قولي فمن ثبت ثبت ومن أطاع أطيع، فإذا أطعت مولاك أطاع لك الماء والنار والهواء والخطوة والإنس والجن.
وكان t يقول:
لا تفيد الخلوة إلا إن كانت بإشارة شيخ، وإلا ففسادها أكثر من صلاحها. وكان يقول: لا يحق أن تأمر غيرك إلا إن كانت الشريعة تزكيك بوقوفك على حدودها.
وكان يقول:
الجسد ثلاثة أقسام قلب ولسان وأعضاء، فاللسان والأعضاء وكل بهما ملائكة، والقلب تولاه الله تعالى. وجاءه رجل فقال: أريد أن أسلك طريق الحقيقة.
فقال: يا ولدي إلزم أولاً طريق النسك، على كتاب الله وسنة رسوله r المرضية الزاهرة الباهرة التي نورها جلا الظلم وأنار بطاح مكة والمدينة والشام ومصر والعراق واليمن والمشرق والمغرب والأفق العلوي والسفلي. فإذا عملت بها انقدح لك منها علم الحقائق والأسرار فاسلك يا أخي كما قلت لك على التدريج شيئاً بعد شيء والله يحفظك إن صدقت.
وكان يقول:
ما ثم عمل ازكى ولا أنور ولا أكثر فائدة من علم أهل الله عز وجل فإن الذَّرَّة منَه ترجح على جبال من عمل غيرهم، لخلوه من العلل وأيضاً فإن عمل القوم بقلوبهم وأبدانهم، وعمل غيرهم بأبدانهم دون قلوبهم ولذلك لا يزدادون بكثرة الطاعات إلا كبراً وعجباً
وكان يقول:
لو خشع قلبك يا ولدي في صلاتك، لاختلط عقلك وذهب لبك ولم تقدر أن تقرأ سورة واحدة من كتاب الله تعالى في تلك الحضرة. فإن موسى عليه السلام خر صعقاً يتخبط كالطير المذبوح، حين تجلى له مقدار جزء واحد من تسعة وتسعين جزءاً من سم الخياط وهذا التجلي واقع لكل مصل لو عقل كما عقل موسى عليه السلام. وكان يقول: أهل الشريعة يبطلون الصلاة باللحن الفاحش وأهل الحقيقة يبطلون الصلاة بالخلق الفاحش فإذا كان في باطنه حقد أو حسد أو سوء ظن بأحد أو محبة للدنيا فصلاته باطلة لأن أهل هذه الأخلاق في حجاب عن شهود عظمة الله تعالى في الصلاة، ومن كان قلبه محجوباً فما صلى لأن الصلاة صلة بالله تعالى.