وكان t يقول:
الأعراض تورث الإعراض وكان يقول: دعني يا ولدي من البطالات، وتجرد من قالبك إلى قلبك.
وكان t يقول:
احذر يا أخي أن تدعي أن لك معاملة خالصة أو حالا.
واعلم أنك إن صمت فهو الذي صومك.
وإن قمت فهو الذي أقامك وإن عملت فهو الذي استعملك وإن رأيت فهو الذي أراك، وإن شربت شراب القوم فهو الذي أسقاك وإن اتقيت فهو الذي وقاك وإن ارتفعت فهو الذي رقى منزلتك وإن نلت فهو الذي نولك وليس لك في الوسط شئ إلا أن تعترف بأنك عاص، مالك حسنة واحدة وهو صحيح من أين لك حسنة وهو الذي أحسن إليك؟! وهو الحاكم فيك، إن شاء قبلك، وإن شاء ردك.
وكان t يقول:
ولد القلب خير من ولد الصلب.
فولد الصلب له إرث الظاهر من الميراث، وولد القلب له إرث الباطن من السر.
وكان يقول
من أُدخل دار الفردانية وكُشِفَ له عن الجلال والعظمة، بقي هو بلا هو.
فحينئذ يبقى زماناً فانيا ثم يعود في حفظ الله تعالى وكلاءته سواء حضر أو غاب، ولا يبقى له حظ في كرامات ولا كلام ، ولا نظام نفساني، وخلص لجانب العبودية المحضة.
وكان يقول:
أصحاب العطاء كثير. وأهل هذا الزمان ما بقي عندهم إلا المنافسة إما يسألون عن معنى الصفات، أو معنى الأسماء أو معنى مقطعات الحروف المعجم، وهذا لا يليق بالمبتدي السؤال عنه.
وأما المتمكن فله أن يلوح بذلك لمن يستحق فإن علمها طريقة الكشف لا غير وأما من اشتغل بحفظ كلام الناس، أو جمع الحقائق ولسان المتكلمين في الطرق والطرائق، فمتى يعيش عمراً آخر حتى يفرغ من عمر الفناء إلى عمر البقاء.
فإن القوم كانوا محبين وكل منهم يتكلم بلسان محبته وذوقه، فهو كلام لا يحصر وبحر غرق فيه خلق كثير، ولا وصل أحد إلى قعره، ولا إلى ساحله وإنما يذكر العارف كلام غيره تستراً على نفسه.
أو تنفيساً لما يجده من ضيق الكتمان آه آه آه ولقد شهد الله العظيم أني ما أتكلم قط أو أخط في قرطاس إلا وأتوخى أن يكون ذلك شاغلاً، أو بياناً لمعنى غامض على الناس لا غير.
فإن الصدق قد ذهب من أكثر الناس.