كان t يقول:
خاص الخاص من أهل الخصوصية جعلوا زواياهم قلوبهم ولبسهم تقواهم وخَوْفَهُم من ربهم ومولاهم قد رفضوا الكرامات ولم يرضوا بها وخرجوا عنها لعلمهم أنها من ثمرة أعمالهم فلم يطيروا في الهواء ولم يمشوا على ماء ولم تسخر لهم الهوام ولم تبصبص لهم الأسود ولم يضربوا رجلهم بالأرض فتتفجر ماء ولامسوا أجذم، ولا أبرص، فبرىء ولا غير ذلك فخرجوا من الدنيا وأجورهم موفورة رضى الله عنهم أجمعين.
وكان t يقول:
يا أولادي عمركم في انتهاب، وأجلكم في اقتراب، وقد طويت الدنيا وجثا أولها عند آخرها فالسعادة كل السعادة لمن طوى منكم صحيفته كل يوم مضمخة معنبرة ممسكة معطرة بأعماله الزكية وشيمه المرضية.والشقاوة كل الشقاوة لمن طوى منكم صحيفته كل يوم على زلات وقبائح عظيمات. يا أولادي كأنكم بالساهرة وقد مدت وبالجبال وقد دكت وبالحجارة وقد صاخت بالحصى وهو يقطر دماً فبادروا واعملوا ولا تسرفوا تندموا هذه وصيتي لكم وهديتي إليكم
وكان يقول:
إنما قالوا حسنات الأبرار سيئات المقربين.. لأن المقرب يراعي الخطرات واللحظات وبعد ذلك من الهفوات، ويفتش على هواجس النفوس ويراقب خروج أنفاسه ويخاف من حسناته كما يخاف المذنب من سيئاته.والأبرار لا يقدرون على هذا الحال، وأيضاً فالمقرب لا يقول عند شرابه أواه ولا ما أحلاه ولا يصفق بكف، ولا يصرخ،ولا يشق، ولا يضرب برأسه الحجر ولا يهيم، ولا يمشي على الماء ولا يقفز في الهواء، فلما لم يقع منه شيء من ذلك أثبته أهل الطريق ونفوا من فعل ذلك لقلة ثبوته على الواردات مع أنهم سلموا له حاله لغلبته عليه،وجعلوا حسناته سيئات مع أن المقربين ليس لهم سيئات إنما هي محاسبات عاليات نفيسات. وكان يقول: كيف يدعي أحدكم أنه من الصالحين، وهو يقع في الأفعال الردية، ويأكل طعام المكاسين وأهل الرشا والربا والظلمة وأعوانهم، وكيف يدعي أنه من الصالحين وهو يقع في الكذب والغيبة، والوقيعة في الناس، وفي أعراضهم، وكيف يطلب أن يكتب عند الله صادقاً أو ولياً، أو حبيباً أو زكياً أو رضياً وهو يقع في شيء من المناهي، ولعمري هذا الآن لم يتب فكيف يدعي الطريق أو يتوب غيره.
وكان يقول:
إن أردت يا ولدي أن تفهم أسرار القرآن العظيم فاقتل نفس دعواك، واذبح شبح قولك، واطرح نفس نفسيتك تحت قدم أقدامك، وعفر خديك على الثرى،واشهد أن نفسك قبضة من تراب واعترف بكثرة ذنوبك وخف أن يَرُدَّ عليك عبادتك وقل يا ترى مثلي يقبل منه عمل فإذا كنت علي هذا الوصف فيرجى لك أن تشم رائحة من معاني كلام ربك، وإلا فباب الفهم عنك مغلق وعزة ربي إن كل حرف من القرآن العظيم يعجز عن تفسيره الثقلان ولو اجتمع الخلق كلهم أن يعلموا معنى (ب) بعقولهم لعجزوا وما لأحد من ذات نفسه شيء قل ولا جل وإن لم يكن الله تعالى يعلم العبد وإلا فهو عائم في البحر مزكوم محجوب لا شم ولا لم ولا علم ولا حس ومن لم يذق مقام القوم ويرى ويشاهد لم يحسن أن يصف بحراً لا قرار له أو يترجم عن ساحل لا آخر له أو يعوم في قعر التخوم أو يصل إلى النون أو يدرك معاني السر المصون.وأما إذا أعْطَى عَبدهُ عِلْمَ ذلك فلا مانع.
وكان t يقول:
شراب القوم لا يشربه من في قلبه عسيدنا محمد صلى الله علية وسلمرُ دنس، ولا بقايا غلس، ولا حظوظ نفسانية، ولا دعاوي شيطانية،ولا كبرُ تَرَفٍ ولا نفس ثائرة.
وكان t يقول:
كم من علم يسمعه من لا يفهمه، فيتلفه ولذلك أخذت العهود على العلماء أن لا يودعوا العلم إلا عند من له عقل عاقل وفهم ثاقب.
وكان يقول:
الصحيح من قول العلماء أن العقل في القلب لحديث «إن في الجسد مضغة»، ولكن إذا فكرت في كنه العقل وجدت الرأس يدبر أمر الدنيا ووجدت القلب يدبر أمر الآخرة فمن جاهد شاهد ومن رقد تباعد.
وكان يقول:
ليس أحدهم يقدم في الطريق بكبر سنه، وتقادم عهده، إنما يقدم بفتحه ومع هذا فمن فتح عليه منكم فلا يرى نفسه على من لم يفتح عليه، وتأمل يا ولدي ابليس اللعين لما رأى نفسه على آدم عليه السلام.وقال أنا أقدم منه وأ:ثر عبادة ونورا كيف لعنه الله تعالى وطرده وكان يقول يجب على حامل القرآن أن لايملأ جوفه حراماً ولا يلبس حراماً فإن فعل ذلك لعنه القرآن من جوفه.وقال لعنة الله على من لم يجل كلام الله تعالى.
وكان يقول:
من أحب أن يكون ولدي فليحبس نفسه في قمقم الشريعة وليختم عليها بخاتم الحقيقة وليقتلها بسيف المجاهدة، وتجرع المرارات ومن رأى أن له عملاً سقط من عين ربه وحرم من ملاحظته
وكان يقول:
العارف يرى حسناته ذنوباً ولو آخذه الله تعالى بتقصيره فيها لكان عدلاً.
وكان يقول:
يا أولادي اطلبوا العلم ولا تقفوا ولا تسأموا فإن الله تعالى قال لسيد المرسلين {وقل رب زدني علماً } فكيف بنا ونحن مساكين في أضعف حال وآخر زمان وسبب طلب الزيادة من العلم إنما هي للأدب يعني اطلب الزيادة من العلم لتزداد معي أدباً علي أدبك {وما قدروا الله حق قدره}.
وكان t يقول:
إذ أُلبس مريد الخرقة ـ « اعلم يا ولدي أن صحة هذه الطريق وقاعدتها ومجلاها ومحكمها الجوع فإن أردت السعادة فعليك بالجوع ولا تأكل إلا على فاقه فإن الجوع يغسل من الجسد موضع ابليس. فيا ولدي تريد شربة بلا حمية هذا لا يكون ».
وكان يقول:
اتقوا فراسة المؤمن فإنه ينظر بواطنكم بنور الله تعالى فيجد فيها ما يسخط الله تعالى فإن أحببت يا ولدي أن تسمع وتبصر وتعقل فع في باطنك الفوائد ولا تقنع ببوس اليد ولا بالرياسة، ولا يكمل الفقير إلا إن تكلم بمعاني الحقيقة ذوقاً لا نقلاً وفعلاً لا قولاً، تحلي في باطنه بحلية الاصطفاء بالسر والمعني، فتغنى وتكلم بالحكم ونطق بالمعجم، وبالسر المكتَّم. واطلع وحقق فما ينطق إلا صدقاً ولا يتكلم إلا حقاً وعند ذلك يصح له أن يدعو الخلق إلى الله تعالى.