وكان يبتدئ من لقيه بالسلام حتى الأنعام والكلاب وكان إذا رأى خنزيراً يقول أنعم صباحا. فقيل له في ذلك فقال أعود نفسي الجميل. وكان إذا سمع بمريض في قرية ولو على بعد يمضي إليه يعوده ويرجع بعد يوم أو يومين وكان يخرج إلى الطريق ينتظر العميان حتى إذا جاؤا يأخذ بأيديهم ويقودهم
وكان إذا رأى شيخا كبيرا يذهب إلى أهل حارته، ويوصيهم عليه، ويقول: قال النبي r ( من أكرم ذا شيبة يعني مسلما سخر الله له من يكرمه عند شيبته)
وكان إذا قدم من السفر وقرب من أم عبيدة يشد وسطه ويخرج حبلا مدخرا معه ويجمع حطبا ثم يحمله على رأسه فإذا فعل ذلك فعل الفقراء كلهم مثله فإذا دخل البلد فرق الحطب على الأرامل والمساكين والزمنى والمرضى والعميان والمشايخ وكان t لا يجازي قط بالسيئة السيئة.
وكان إذا تجلى الحق تعالى عليه بالتعظيم يذوب حتى يكون بقعة ماء ثم يتداركه اللطف فيصير يجمد شيئا فشيئا حتى يرد إلى جسمه المعتاد ويقول لولا لطف الله تعالى بي ما رجعت إليكم.
ولقيه مرة جماعة من الفقراء فسبوه وقالوا له يا أعور يا دجال يا من يستحل المحرمات يا من يبدل القرآن يا ملحد يا كلب فكشف سيدي أحمد t رأسه وقبل الأرض وقال يا أسيادي اجعلوا عبيدكم في حل وصار يقبل أيديهم وأرجلهم ويقول ارضوا على وحلمكم يسعني فلما أعجزهم قالوا ما رأينا قط فقيرا مثلك تحمل منا هذا كله ولا تتغير فقال هذا ببركتكم ونفحاتكم ثم التفت إلىأصحابه وقال ما كان إلا خيرا أرحناهم من كلام كان مكتوبا عندهم وكنا نحن أحق بهم من غيرنا فربما لو وقع منهم ذلك لغيرنا ما كان يحملهم.
وأرسل إليه الشيخ إبراهيم البستي كتابا يحط عليه فيه فقال سيدي أحمد t للرسول اقرأه لي فقرأه فإذا فيه أي أعور أي دجال أي مبتدع يا من جمع بين الرجال والنساء حتى ذكر الكلب بن الكلب وذكر أشياء تغيظ فلما فرغ الرسول من قراءة الكتاب أخذه سيدي أحمد t وقرأه وقال صدق فيما قال جزاه الله عني خيرا ثم أنشد:
فلست أبالي من رماني بريبة
إذا كنت عند الله غير مريب
ثم قال للرسول أكتب إليه الجواب من هذا اللاش حميد إلى سيدي الشيخ إبراهيم البستي t أما قولك الذي ذكرته فإن الله تعالى خلقني كما يشاء وأسكن فيَّ ما يشاء وإني أريد من صدقاتك أن تدعو لي ولا تخليني من حلك وحلمك فلما وصل الكتاب إلى البستي هام على وجهه فما عرفوا إلى أين ذهب
وكان t إذا علم أن الفقراء يريدون أن يضربوا أحدا من إخوانهم لزلة وقعت منه يستعير منه ثيابه ويلبسها وينام في موضعه فيضربونه فإذا فرغوا من ضربه واشتفوا منه يكشف لهم عن وجهه فيغشى عليهم فيقول لهم ما كان إلا الخير أكسبتمونا الأجر والثواب فيقول بعض الفقراء لبعضهم تعلموا هذه الأخلاق.
وقال t لأصحابه يوما من رأى في حميد منكم عيبا فليعلمه به فقام شخص فقال يا سيدي فيك عيب عظيم فقال وما هو يا أخي فقال كون مثلنا من أصحابك فبكى الفقراء وعلا نحيبهم وبكى سيدي أحمد معهم وقال أنا خادمكم أنا دونكم
وكان لسيدي أحمد شخص ينكر عليه وينقصه في نواحي أم عبيدة فكان كلما لقي فقيراً من جماعة سيدي أحمد t يقول خذ هذا الكتاب إلى شيخك فيفتحه سيدي أحمد فيجد فيه أي ملحد أي باطلي أي زنديق وأمثال ذلك من الكلام القبيح ثم يقول سيدي أحمد رضي الله عنه صدق من أعطاك هذا الكتاب ثم يعطي الرسول دريهمات ويقول جزاك الله عني خيرا كنت سببا لحصول الثواب فلما طال الأمر على ذلك الرجل وعجز عن سيدي أحمد مضى غليه فلما قرب من أم عبيدة كشف رأسه وأخذ مئزره وجعله في وسطه وأمسكه إنسان وصار يقوده حتى دخل على سيدي أحمد فقال ما أحوجك يا أخي إلى هذا فقال فعلي فقال له سيدي أحمد t ما كان إلا الخير يا أخي ثم طلب أخذ العهد عليه فأخذه عليه وصار من جملة أصحابه إلى أن مات.
وكان t يقول إذا قمت إلى الصلاة كان سيف القهر يجذب في وجهي. وكان t يقول ما يحصل للعبد صفاء الصدر
حتى لا يبقى فيه شيء من الخبث لا لعدو ولا لصديق ولا لأحد من خلق الله عز وجل.