فكان يقول
الفقير الصابر مع الله تعالى أفضل من الغني الشاكر له. والفقير الشاكر أفضل منهما. والفقير الصابر الشاكر أفضل منهم. وما خطب البلاء إلا من عرف المبلي وسئل t عن حسن الخلق فقال هو أن لايؤثر فيك جفاء الخلق بعد مطالعتك بالحق واستصغار نفسك وما منها معروفة بعيوبها واستعظام الخلق وما منهم نظروا إلى ما أودعوا من الإيمان والحكم.
وسئل t عن البقاء فقال البقاء لا يكون إلا مع اللقاء، واللقاء يكون كلمح البصر أو هو أقرب. ومن علامة أهل اللقاء أن لا يصحبهم في وصفهم به شيء فان لأنهما ضدان.
وكان يقول
متى ذكرته فأنت محب ومتى سمعت ذكره لك فأنت محبوب.والخلق حجابك عن نفسك ونفسك حجابك عن ربك وما دمت ترى الخلق لا ترى نفسك، وما دمت ترى نفسك لا ترى ربك.
ولما اشتهر أمره في الآفاق اجتمع مائة فقيه من أذكياء بغداد يمتحنونه في العلم فجمع كل واحد له مسائل وجاء إليه، فلما استقر بهم المجلس أطرق الشيخ فظهرت من صدره بارقة من نور فمرت على صدور المائة فمحت ما في قلوبهم، فبهتوا واضطربوا وصاحوا صيحة واحدة، ومزقوا ثيابهم. وكشفوا رؤسهم. ثم صعد الكرسي وأجاب الجميع عما كان عندهم فاعترفوا بفضله.
وكان من أخلاقه أن يقف مع جلالة قدره مع الصغير والجارية ويجالس الفقراء ويَفْلي لهم ثيابهم. وكان لا يقوم قط لأحد من العظماء، ولا أعيان الدولة. ولا ألم قط بباب وزير ولا سلطان.
وكان الشيخ علي ابن الهيتي t يقول:
عن الشيخ عبد القادر رضي الله عنه، كان قدمه على التفويض والموافقة مع التبري من الحول والقوة وكانت طريقته تجريد التوحيد وتوحيد التفريد مع الحضور في موقف العبودية لا بشيء ولا لشيء.
وكان الشيخ عدي بن مسافر t يقول كان الشيخ عبد القادر t
طريقته الذبول تحت مجاري الأقدار، بموافقة القلب والروح، واتحاد الباطن والظاهر، وانسلاخه من صفات النفس، مع الغيبة عن رؤية النفع والضرر، والقرب والبعد.
وكان الشيخ بقاء بن بطو t يقول كان طريق الشيخ عبد القادر t
اتحاد القول والفعل والنفس والوقت، ومعانقة الإخلاص والتسليم وموافقة الكتاب والسنة في كل نفس وخطرةٍ ووارد وحال الثبوت مع الله عز وجل وفي رواية كانت قوة الشيخ عبد القادر t في طريقه إلى ربه كقوى جميع أهل الطريق شدة ولزوما وكانت طريقته التوحيد وصفا وحكماً وحالاً، وتحقيقه الشرع ظاهراً وباطناً، ووصفه قلب فارغ وكون غائب، ومشاهدة رب حاضر بسريرة لا تتجاذبها الشكوك، وسر لا تنازعه الأغيار، وقلب لا تفارقه البقايا t،
وكان أبو الفتح الهروي t يقول خدمت الشيخ عبد القادر
t أربعين سنة فكان في مدتها يصلي الصبح بوضوء العشاء وكان كلما أحدث جدد في وقته وضوءه ثم يصلي ركعتين. وكان يصلي العشاء ويدخل خلوته،ولا يمكن أحداً أن يدخلها معه، فلا يخرج منها إلا عند طلوع الفجر.ولقد أتاه الخليفة يريد الإجتماع به ليلاً، فلم يتيسر له الإجتماع إلى الفجر،
قال الهروي وبت عنده ليلة فرأيته يصلي أول الليل يسيراً. ثم يذكر الله تعالى إلى أن يمضي الثلث الأول. يقول المحيط الرب الشهيد الحسيب الفعال الخلاق الخالق البارىء المصور فتتضاءل جثته مرة، وتعظم أخرى يرتفع في الهواء إلى أن يغيب عن بصري مرة. ثم يصلي قائماً على قدميه يتلو القرآن إلى أن يذهب الثلث الثاني.
وكان يطيل سجوده جداً ثم يجلس متوجها مشاهداً مراقباً إلى قريب طلوع الفجر ثم يأخذ في الدعاء والابتهال والتذلل ويغشاه نور يكاد يخطف الأبصار إلى أن يغيب فيه عن النظر. قال وكنت أسمع عنده سلام عليكم سلام عليكم وهو يرد السلام إلى أن يخرج لصلاة الفجر.