وكان t إذا صعد الكرسي لا يقوم قائما، وإنما يتحدث قاعدا.
وكان يسمع حديثه البعيد مثل القريب. حتى إن أهل القرى التي حول أم عبيدة، كانوا يجلسون على سطوحهم يسمعون صوته ويعرفون جميع ما يتحدث به. حتى كان الأطرش والأصم إذا حضروا يفتح الله أسماعهم لكلامه. وكانت أشياخ الطريقة يحضرونه ويسمعون كلامه وكان أحدهم يبسط حجره فإذا فرغ سيدي أحمد t ضموا حجورهم إلى صدورهم وقصوا الحديث إذا رجعوا على أصحابهم على جليته قلت وهذا يشبه ما وقع على إبراهيم الخليل عليه الصلاة والسلام، من النداء لما بني البيت، فإنه قال يارب كيف أسمع جميع الخلائق، فأوحى الله تعالى إليه (يا إبراهيم عليك النداء وعلينا البلاغ). فنادى إبراهيم بالحج فأجابوه في الأصلاب من سائر أقطار الأرض البعيد مثل القريب. فالإبلاغ من الله تعالى، لا من إبراهيم. فإن البشرية لا تقدر على ذلك.
وكان t يقول:
إذا أراد الله عز وجل أن يرقي العبد إلى مقامات الرجال، يكلفه بأمر نفسه أولا، فإذا أدب نفسه واستقامت معه كلفه بأهله. فإن أحسن إليهم وأحسن عشرتهم كلفه بجيرانه وأهل محلته، فإن هو أحسن إليهم وداراهم. كلفه ببلده فإن هو أحسن إليهم وداراهم، كلفه جهة من البلاد، فإن هو داراهم وأحسن عشرتهم، وأصلح سريرته مع الله تعالى كلفه ما بين السماء والأرض فإن بينهن خلقا لا يعلمهم إلا الله تعالى. ثم لا يزال يرتفع من سماء إلى سماء، حتى يصل إلى محل الغوث، ثم ترتفع صفته إلى أن تصير صفة من صفات الحق تعالى. وأطلعه على غيبه حتى لا تنبت شجرة ولا تخضر ورقة إلا بنظره وهناك يتكلم عن الله تعالى بكلام لا يسعه عقول الخلائق. لأنه بحر عميق غرق في ساحله خلق كثير. وذهب به إيمان جماعة من العلماء والصلحاء. فضلا عن غيرهم.
وكان t يقول لولده صالح:
إن لم تعمل بعملي فلست لك أبا. ولاأنت لي ولدا.
وكان t يقول
اللهم اجعلنا ممن فرشوا على بابك لفرط ذلهم نواعم الخدود ونكسوا رؤسهم من الخجل وجباههم للسجود ببركة صاحب اللواء المحمود آمين.
وكان إذا جلس على جسمه بعوضه لا يطيرها ولا يمكن أحدا يطيرها ويقول دعوها تشرب من هذا الدم الذي قسمه الحق تعالى لها
وكان إذا جلس على ثوبه جرادة وهو مار في الشمس وجلست على محل الظل يمكث لها حتى تطير. ويقول إنها استظلت بنا.
وكان إذا نام على كمه هرة وجاء وقت الصلاة يقطع كمه من تحتها ولا يوقظها. فإذا جاء من الصلاة أخذ كمه وخاطه ببعضه، ووجد t مرة كلبا أجرب أخرجه أهل أم عبيدة إلى محل بعيد فخرج معه إلى البرية وضرب عليه مظلة وصار يطليه بالدهن ويطعمه ويسقيه ويحت الجرب منه بخرقة فلما برئ حمل له ماء مسخناً وغسله وكان قد كلفه الله تعالى بالنظر في أمر الدواب والحيوانات.
وكان t إذا رأى فقيرا يقتل قملة أو برغوثا يقول له لا وأخذك الله شفيت غيظك بقتل قملة. وسمع مرة رجلا يقول إن الله تعالى له خمسة آلاف اسم فقال قل إن لله تعالى أسماء بعدد ما خلق من الرمال والأوراق وغيرها.
وكان t يمشي إلى المجذومين والزمني يغسل ثيابهم ويفلي رءوسهم ولحاهم ويحمل إليهم الطعام ويأكل معهم ويجالسهم ويسألهم الدعاء.
وكان t يقول الزيارة لمثل هؤلاء واجبة لا مستحبة. ومر يوما على صبيان يلعبون فهربوا منه هيبة له فتبعهم وصار يقول اجعلوني في حل فقد روعتكم ارجعوا إلى ما كنتم عليه.
ومر يوما على صبيان يتخاصمون فخلص بينهم وقال لواحد منهم ابن من أنت فقال له وايش فضولك فصار يرددها ويقول أدبتني يا ولدي جزاك الله خيرا,