وكان t يقول
ما سأل أحدالناس من دون الله تعالى إلا لجهله بالله. وضعف إيمانه ومعرفته ويقينه وقلة صبره، وما تعفف من تعفف عن ذلك ‘إلا لوفور علمه بالله عز وجل، ووفور إيمانه، وحيائه منه سبحانه وتعالى.
وكان t يقول
إنما كان الحق تعالى لا يجيب عبده في كل ما سأله فيه إلا شفقة على العبد، أن يغلب عليه الرجاء والغرة فيتعرض للمكر به، ويغفل عن القيام بأدب الخدمة، فيهلك. والمطلوب من العبد ألا يركن لغير ربه والسلام.
وكان t يقول
علامة الابتلاء على وجه العقوبة والمقابلة عدم الصبر عند وجود البلاء والجزع والشكوى إلى الخلق. وعلامة الابتلاء تكفيراً وتمحيصاً للخطيئات، وجود الصبر الجميل من غير شكوى ولا جزع ولا ضجر، ولا ثقل في أداء الأوامر والطاعات،وعلامة الابتلاء لارتفاع الدرجات وجود الرضا والموافقة، وطمأنينة النفس والسكون للأقدار حتى تنكشف.
وكان t يقول
من أراد الآخرة فعليه بالزهد في الدنيا، ومن أراد الله فعليه بالزهد في الأخرى وما دام قلب العبد متعلقاً بشهوة من شهوات الدنيا أو لذة من لذاتها من مأكول أو من ملبوس أو منكوح أو ولاية أو رئاسة أو تدقيق في فن من الفنون الزائدة على الفرض، كرواية الحديث الآن وقراءةٍ بالروايات السبع وكالنحو واللغة والفصاحة فليس هذا محبا للآخرة، وإنما هو راغب في الدنيا وتابع هواه.
وكان t يقول
تعام عن الجهات كلها ولا تعضض على شيء منها، فإنك ما دمت تنظر إليها فباب فضل الله عنك مسدود فسد الجهات كلها بتوحيدك وامحها بيقينك ثم بفنائك ثم بمحوك ثم بعلمك وحينئذ تفتح من عيون قلبك جهة الجهات، وهي جهة فضل الله الكريم فتراها بعين رأسك، فلا تجد بعد ذلك فقراً ولا غنى.
وكان t يقول
كلما جاهدت النفس وغَلَبْتَهَا وقتلتها بسيف المجاهدة أحياها الله عز وجل ونازعتك وطلبت منك الشهوات واللذات المحرمات. منها، والمباح، لتعود معها إلى المجاهدة والمقاتلة ليكتب لك نوراً وثواباً دائماً وهو معنى قول النبي r « رجعنا من الجهاد الاصغر إلى الجهاد الأكبر ».
وكان t يقول
كل مؤمن مكلف بالتوقف والتفتيش عند حضور ما قسم له فلا يتناوله ويأخذه حتى يشهد له الحكم بالإباحة والعلم بالقَسْم كما قال عليه السلام « المؤمن فتاش والمنافق لفاف » والله تعالى أعلم ([3])
وكان t يقول:
إذا أحب الله عبداً لم يزد له مالاً ولا ولداً، وذلك ليزول اشتراكه في المحبة لربه تعالى.والحق غيور لا يقبل الشركة. قلت فإن بلغ الولي إلى مقام لا يشغله عن الله شاغل، فلا بأس بالمال والأولاد،
وكان t يقول
لا تطمع أن تدخل زمرة الروحانيين حتى تعادى جملتك وتباين جميع الجوارح والأعضاء، وتنفرد عن وجودك وسمعك وبصرك وبطشك وسعيك وعملك وعقلك وجميع ما كان منك قبل وجود الروح.وما أوجد فيك بعد النفخ، لأن جميع ذلك حجابك عن ربك عز وجل كما قال الخليل للأصنام في قوله تعالى {فإنهم عدو لي إلا رب العالمين} فاجعل أنت جملتك وأجزاءك أصناماً مع سائر الخلق ولا ترى لغير ربك وجودا مع لزوم الحدود وحفظ الأوامر والنواهي. فإن انخرم فيك شيء من الحدود. فاعلم أنك مفتون. قد لعب بك الشيطان. فارجع إلى حكم الشرع، والزمه ودع عنك الهوى لأن كله سموم. حقيقة لا تشهد لها الشريعة، فهي باطلة،
وكان t يقول
كثيراً ما يلاطف الله تعالى عبده المؤمن، فيفتح قبالة قلبه باب الرحمة. والمنة والإنعام. فيرى بقلبه ما لا عين رأت، ولا أذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر، من مطالعة الغيوب، والتعريف والكلام اللطيف، والوعد الجميل، والدلائل والإجابة في الدعاء، والتصديق، والوعد والوفاء، والكلمات من الحكمة تُرمى إلى قلبه وغير ذلك من النعم الفائقة، كحفظ الحدود والمداومة على الطاعات، فإذا اطمأن، العبد إلى ذلك واغْتَرَّ بِهِ واعتقد دوامه، فتح الله عليه أنواع البلايا والمحن ، في النفس والمال والولد، وزال عنه جميع ما كان فيه من النعم فيصير العبد متحيراً منكسراً، إن نظر إلى ظاهره رأى ما يسره، وإن نظر إلى باطنه رأى ما يحزنه. وإن سأل الله تعالى كشف ما به من الضر، لم يرج إجابة، وإن طلب الرجوع إلى الخالق لم يجد إلى ذلك سبيلاً، وإن عمل بالرخص تسارعت إليه العقوبات وتسلط الخلائق، على جسمه وعرضه وإن طلب الإقاله لم يُقَلْ، وإن رام الرضا والطيبة والتنعم بما به من البلاء لم يعط. فحينئذ تأخذ النفس في الذوبان والهوي في الزوال والإرادات والأماني في الرحيل، والأكوان في التلاشي فيدام له ذلك ويشدد عليه حتى تفنى أوصاف بشريته ويبقى روحاً فقط فهناك يسمع النداء من قلبه {اركض برجلك هذا مغتسل بارد وشراب} وردت عليه جميع الخلع وأزيد منها، وتولى الحق سبحانه وتعالى تربيته بنفس { فلا تعلم نفس ما أخفي لهم من قرة أعين}.