حبيب العجمي
حبيبُ بن عيسى بن محمد العجميُ، أبو محمد - وقيل - أبو مسلم الفارسي أصلاً، ثم البصري سكناً. كان عابداً زاهداً مجاب الدعوة.
لقى الحسن وابن سيرين، وروى عنهما.
مات سنة تسع عشرة ومائة، كما أفاده ابن الجوزي في " المنتظم " .
من كلامه: أن الشيطان ليلعب بالقراء كما يلعب الصبيان بالجوز. ولو أن الله تعإلى دعاني - يوم القيامة - فقال: " ياحبيب! " فقلت: " لبيك! " فقال: " جئني بصلاة يوم، أوركعة، أو سجدة، أو نسبيحة، أبقيت عليها من أبليس، أل يكون طعن فيها طعنة فأفسدها. ما أستطعت أن أقول: نعم! .
وكان يخلو في البيت، فيقول: " من لم تقر عينه بك فلا قرت!. ومن لم يأنس بك فلا أَنِس! " .
وكان - أولا - تاجراً، فمر بصبيان، فقالوا: قد جاء آكل الربا! فنكس رأسه وقال: يا رب، أفشيت سري للصبيان!، فرجع فلبس مدرعة من شعر، وغلَ يده، ووضع ماله بين يديه، وجعل يقول: يا رب! أني أشتري نفسي منك بهذا المال، فأعتقني!. فلما اصبح تصدق به، وأخذ في العبادة، فلم ير ألا صائماً، أو قائماً، أو ذاكراً. فمر ذات يوم بأولئك الصبيان، فقالوا: اسكتوا! قد جاء حبيب العابد! فبكى وقال: يا رب! أنت تذم مرة، وتحمد مرة، فكل من عندك!.
وقال عبد الواحد بن زيد: " كنا عند مالك أبن دينار، ومعنا محمد بن واسع وحبيب. فجاء رجل فكلم مالكا فأغلظ عليه قسمة قسمها، وقال: " وضعتها في غير حقها! وتتبعت بها أهل مجلسك، ومن يغشاك، لتكبر غاشيتك، وتصرف وجوه الناس إليك " .
فبكى مالك، وقال: " والله ما أردت هذا! " قال: " بلى! والله لقد أردته! " . فجعل مالك يبكي، والرجل يغلظ عليه، فلما كبر ذلك عليهم، رفع حبيب يده إلى السماء ثم قال: " اللهم أن هذا قد شغلنا عن ذكرك، فأرحنا منه كيف شئت! " . قال: فسقط - والله - الرجل على وجهه ميثاً، فحمل إلى أهله على السرير " .