ألقابها رضي الله عنها:
1-نفيسة الدارين: لعوارفها وصنائعها وشفاعتها يوم القيامة لقاصديها ولتواضعها وخضوعها لله تعالي و يستظل زائرها بجناح رحمتها0
2-نفيسة العلم: لما كان لها من علم غزير ومعرفة وفيرة و ما نشرته علي طلبي العلم منها وإفادتهم به فكان يرجع إليها في طلب ما أحكمته من علوم وحفظها للقرآن الكريم في سن مبكرة وتعلمها الكتابة والقراءة وهي في سن السابعة فأب صالح وأم عابدة يعبدان الله ليل نهار فكان له الأثر البالغ عليها أن تتعلم منهما وما سمعته من تاريخ جديها الإمامان الحسن والحسين وأمهما الزهراء وأبيهما الإمام علي وما اقتبسوه جميعا من أنور رسول الله وما أخذوا عنه من شتي الفضائل والمكرمات0
وتروي زينب ابنة أخيها يحيي المتوج كانت عمتي السيدة نفيسة تحفظ القرآن وتفسيره وتقرأه وتبكي وتقول ألهي وسيدي يسر لي زيارة خليلك إبراهيم عليه السلام وعندما بلغت المزار وقفت وقالت :
ما أن بلغت المقام الكريم والضريح العظيم حتي أجهشت بالبكاء – بكاء الفرح والسرور- لتحقيق أمنيتي في زيارة الخليل ثم جلست في خشوع أقراء من آيات الله ما ورد في خليل الله فقرأت:
{وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ هَذَا الْبَلَدَ آمِنًا وَاجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَن نَّعْبُدَ الأَصْنَامَ* {رَبِّ إِنَّهُنَّ أَضْلَلْنَ كَثِيرًا مِّنَ النَّاسِ فَمَن تَبِعَنِي فَإِنَّهُ مِنِّي وَمَنْ عَصَانِي فَإِنَّكَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ* {رَّبَّنَا إِنِّي أَسْكَنتُ مِن ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِندَ بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ رَبَّنَا لِيُقِيمُواْ الصَّلاَةَ فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِّنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ وَارْزُقْهُم مِّنَ الثَّمَرَاتِ لَعَلَّهُمْ يَشْكُرُونَ * رَبَّنَا إِنَّكَ تَعْلَمُ مَا نُخْفِي وَمَا نُعْلِنُ وَمَا يَخْفَى عَلَى اللّهِ مِن شَيْءٍ فَي الأَرْضِ وَلاَ فِي السَّمَاء * الْحَمْدُ لِلّهِ الَّذِي وَهَبَ لِي عَلَى الْكِبَرِ إِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَقَ إِنَّ رَبِّي لَسَمِيعُ الدُّعَاء * رَبِّ اجْعَلْنِي مُقِيمَ الصَّلاَةِ وَمِن ذُرِّيَّتِي رَبَّنَا وَتَقَبَّلْ دُعَاء * رَبَّنَا اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ وَلِلْمُؤْمِنِينَ يَوْمَ يَقُومُ الْحِسَابُ * وَلاَ تَحْسَبَنَّ اللّهَ غَافِلاً عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الأَبْصَارُ * وَلاَ تَحْسَبَنَّ اللّهَ غَافِلاً عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الأَبْصَارُ * مُهْطِعِينَ مُقْنِعِي رُءُوسِهِمْ لاَ يَرْتَدُّ إِلَيْهِمْ طَرْفُهُمْ وَأَفْئِدَتُهُمْ هَوَاء * وَأَنذِرِ النَّاسَ يَوْمَ يَأْتِيهِمُ الْعَذَابُ فَيَقُولُ الَّذِينَ ظَلَمُواْ رَبَّنَا أَخِّرْنَا إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ نُّجِبْ دَعْوَتَكَ وَنَتَّبِعِ الرُّسُلَ أَوَلَمْ تَكُونُواْ أَقْسَمْتُم مِّن قَبْلُ مَا لَكُم مِّن زَوَالٍ * وَسَكَنتُمْ فِي مَسَاكِنِ الَّذِينَ ظَلَمُواْ أَنفُسَهُمْ وَتَبَيَّنَ لَكُمْ كَيْفَ فَعَلْنَا بِهِمْ وَضَرَبْنَا لَكُمُ الأَمْثَالَ * وَقَدْ مَكَرُواْ مَكْرَهُمْ وَعِندَ اللّهِ مَكْرُهُمْ وَإِن كَانَ مَكْرُهُمْ لِتَزُولَ مِنْهُ الْجِبَالُ * فَلاَ تَحْسَبَنَّ اللّهَ مُخْلِفَ وَعْدِهِ رُسُلَهُ إِنَّ اللّهَ عَزِيزٌ ذُو انْتِقَامٍ * يَوْمَ تُبَدَّلُ الأَرْضُ غَيْرَ الأَرْضِ وَالسَّمَاوَاتُ وَبَرَزُواْ للّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ * وَتَرَى الْمُجْرِمِينَ يَوْمَئِذٍ مُّقَرَّنِينَ فِي الأَصْفَادِ * سَرَابِيلُهُم مِّن قَطِرَانٍ وَتَغْشَى وُجُوهَهُمْ النَّارُ * لِيَجْزِي اللّهُ كُلَّ نَفْسٍ مَّا كَسَبَتْ إِنَّ اللّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ * هَذَا بَلاَغٌ لِّلنَّاسِ وَلِيُنذَرُواْ بِهِ وَلِيَعْلَمُواْ أَنَّمَا هُوَ إِلَهٌ وَاحِدٌ وَلِيَذَّكَّرَ أُوْلُواْ الأَلْبَابِ}
فتقول السيدة نفيسة رضي الله عنها : لما كانت قراءتي في تدبر وتفكر وخشوع وخضـــوع أحسست حينئذ أحساسا يقــرب مـن الماديــة أن الخليل عليه السلام أمامـي و حينئذ خفق قلبي وخشع بصري وقلت :
يا جدي الأكبر جئت إليك بجسدي وروحي وقد جاءت روحي من قبلي فهل أحظي برضاك وصالح دعاك وتوجيهاتك الشريفة لي حتي أتعبد لآخر لحظة في حياتي0
و حينئذ سمعت صوتا مجلجلا يقول:
يا ابنتي نفيسة أبشري فإنك من الصالحات القانتات وإنك بإذن الله موفقة إلا إنني أوصيك بأن تقرئي سورة المزمل 000 وتدبري معناها وستعلمين طرق العبادة التي لا مشقة فيها لأن الله لا يكلف نفسا إلا وسعها وأنت يا ابنتي تتعبدين إلي درجة الإرهاق الذي يضني جسدك ومع ذلك تتحاملين علي نفسك وتغرقين في العبادة
يا ابنتي أقرئي قول الله تعالي {إِنَّ رَبَّكَ يَعْلَمُ أَنَّكَ تَقُومُ أَدْنَى مِن ثُلُثَيِ اللَّيْلِ وَنِصْفَهُ وَثُلُثَهُ وَطَائِفَةٌ مِّنَ الَّذِينَ مَعَكَ وَاللَّهُ يُقَدِّرُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ عَلِمَ أَن لَّن تُحْصُوهُ فَتَابَ عَلَيْكُمْ فَاقْرَؤُوا مَا تَيَسَّرَ مِنَ الْقُرْآنِ عَلِمَ أَن سَيَكُونُ مِنكُم مَّرْضَى وَآخَرُونَ يَضْرِبُونَ فِي الْأَرْضِ يَبْتَغُونَ مِن فَضْلِ اللَّهِ وَآخَرُونَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَاقْرَؤُوا مَا تَيَسَّرَ مِنْهُ وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَأَقْرِضُوا اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا وَمَا تُقَدِّمُوا لِأَنفُسِكُم مِّنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِندَ اللَّهِ هُوَ خَيْرًا وَأَعْظَمَ أَجْرًا وَاسْتَغْفِرُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ} 0
وقد جعل الله العبادة في الليل اختيارية بعد أن كان إجبارية لأن الله يعلم من عباده من يجاهد في سبيل الله ومن يسعى لنيل رزقه 0
هذا والجهاد عبادة والسعي في سبيل الرزق عبادة وإدارة شئون المنزل للسيدات عبادة
اذكري ذلك وارحمي نفسك وأعطيها قسطها من الراحة لتقوي علي العبادة من غير إرهاق مؤلم 0
وأعلمي أنك موفقة وأنك مباركة وأنك في الصف الأول بين الصالحين والصالحات وكوني في جميع خطواتك القدوة الحسنة لغيرك ليقتدي بها من أراد الله له الخير والسعادة0
وحينئذ قلت: يا جدي العظيم يا جدي الأكبر سأنفذ هذه التوجيهات وأرجو من روحك الطاهرة أن تهب روحي صفاء حتى أبلغ ما أتمناه لنفسي من القربي إلي الله تعالي حتى ألقاه وهو عني راض وهذه هي أمنيتي التى لا أمنية بعدها 0
فقال : يا ابنتي فإن الله قد استجاب دعواتك ولن أنساك حتى نلتقي في عالم الروح في عالم الخالدين ثم بين يدي الله رب العالمين يوم تجزي كل نفس ما عملت والعاقبة للمتقين 0
فهنئياً لك سليلة آل البيت التقية النقية الورعة هذه الزيارة التي حقق الله تعالي بها أمنيتك
هنيئاً لك لقياك الروحي بخليل الله جدك الكبير سيدنا إبراهيم عليه وعلي نبينا أفضل الصلاة والسلام
هنيئا لك بشري الخليل إبراهيم عليه السلام بأنك في الصف الأول بين الصالحين والصالحات0
هنيئا لك بشرى الخليل جدك الأكبر بأن الله تبارك وتعالي استجاب دعوتك 0
هنيئاً لك وصايا الخليل عليه السلام 0
3- نفيسة الطاهرة: لطهارتها وتعبدها النقية الطاهرة0
4-نفيسة العابدة: لعبادتها وتقواها حيث أنها من السائحات العابدات الصالحات الصائمات القانتات تصوم نهارها وتقوم ليلها قارئة ذاكرة باكية، راكعة.. ساجدة.. ضارعة داعية، وقد حجت بيت الله الحرام ثلاثين حجّة، أكثرها مشياً على الأقدام تقرّباً إلى الله، وزلفاً إليه0
قدوتها في ذلك جدها الإمام الحسن رضي الله تعالي عنه فكان يقول :
إني لأستحي من ربي أن ألقاه ولم أمشي إلي بيته 0
وتروي زينب ابنة أخيها يحيي المتوج، طرفا من حياتها في كتب الأثر: “خدمت عمتي نفيسة أربعين سنة فما رأيتها نامت الليل ولا أفطرت بنهار، فقلت لها: أما ترفقين بنفسك، فقالت كيف أرفق بنفسي وقدامي عقبات لا يقطعها إلا الفائزون”.
وكانت تتعلق بأستار الكعبة وتقول : إلهي وسيدي ومولاي متعني وفرحني برضاك عني فلا تسبب لي يحجبك عني 0
5-نفيسة المصريين : هكذا أَحبَّ أهل مصر السيدة "نفيسة" رضي الله عنها فلقبت بهذا اللقب- ونستشهد علي ذلك :
أ-بأن أخذ الناس يقبلون عليها و يلتمسون منها العلم، حتى ازدحم وقتها، وكادت تنشغل عما اعتادت عليه من العبادات، فخرجت على الناس قائلة: "إني كنت قد اعتزمت المقام عندكم، غير أني امرأة ضعيفة، وقد تكاثر حولي الناس فشغلوني عن أورادي، وجمع زاد معادي، وقد زاد حنيني إلى روضة جدي المصطفى" ففزع الناس لقولها، وأبوا عليها رحيلها، حتى تدخَّل الوالي لا"السري بن الحكم" وقال لها: "يا ابنة رسول الله إني كفيل بإزالة ما تشكين منه" ووهبها دارًا واسعة، ثم حدد موعدًا -يومين أسبوعيًا- يزورها الناس فيهما طلبًا للعلم والنصيحة، لتتفرغ هي للعبادة بقية الأسبوع، فرضيت وبقيت.
ب- بعد وفاتها رضي الله عنها أراد زوجها أن يحملها إلى المدينة المنورة لكي يدفنها بالبقيع، فعرف المصريون بذلك فهرعوا إلى الوالي عبد الله بن السري بن الحكم واستجاروا به عند زوجها ليرده عما أراد فأبى، فجمعوا له مالا وفيرا وسألوه أن يدفنها عندهم فأبى أيضا، فباتوا منه في ألم عظيم، لكنهم عند الصباح في اليوم التالي وجدوه مستجيبا لرغبتهم، فلما سألوه عن السبب قال: رأيت الرسول صلى الله عليه وسلم وهو يقول لي رد عليهم أموالهم وادفنها عندهم