درس القلب لسيدي الشيخ الفقير الى الله تعالى الشيخ باسل صالح جرار رضي الله تعالى عنه الجزء2
كاتب الموضوع
رسالة
عادل محمد زايد
عدد المساهمات : 4107 تاريخ التسجيل : 30/01/2009 العمر : 38 الموقع : المشرف علي المنتدي
موضوع: درس القلب لسيدي الشيخ الفقير الى الله تعالى الشيخ باسل صالح جرار رضي الله تعالى عنه الجزء2 السبت أغسطس 01, 2009 11:38 am
درس القلب! لسيدي الشيخ الفقير الى الله تعالى الشيخ باسل صالح جرار رضي الله تعالى عنه
أيها المسلمون... إنّ القلب كما قلنا يجب أن يكون أميراً مُطاعاً وتكون النّفس هي وسائر البدَن مطيعة لأوامره ونواهيه، فإذا لم يكن كذلك وغلبت الشهوة، صار الأمير مأموراً عبداً وانعكس الأمر، فيصير الملك أسيراً مسخراً في يد كلب أوعدوّ .
احبّة النبي - صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم – إذا صار القلب مقهوراً وأسيراً وصارت النّفس ملكاً وغلبت الشهوات، هناك يقع تحت الآية التي تقول: ﴿ أولئِكَ الذينَ طَبَعَ اللهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ ﴾ محمد/١٦. يقول المصطفى - صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم – ( القلب أربعة، قلبٌ أجرَد فيه سراج يزهو، فذاك قلب المؤمن، وقلبٌ أسود منكوس، فذاك قلب الكافر، وقلبٌ أغلفٌ مربوط على غلافه، فذاك قلب المنافق، وقلبٌ مُصفــّحٌ فيه إيمانٌ ونفاق، فمثل الإيمان فيه مثل البقلة، يمدّها الماء الطيب، ومثل النّفاق فيه، كمثل القرحة يمدّها القيح والصديد، فأيّ المادتين غلبت عليه حُكم لها. وفي رواية ذهبت به ).
وانظروا أخوة الإيمان إلى هذا الحديث العظيم، يقول النبي - صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم: ( إنّ القلبَ ليَـصدأ كما يَصدَأ الحديد. قيل: وما جلاؤه؟ قال: الموت وقراءة القرآن. وفي رواية ذكر الله عز و جلّ ). فالقلب إن صدأ لا بدّ له مِن جلاء، وهذا الجلاء لإبصار القلب لا يحصل إلا بالذّكر، وأن يتمكن من الذكر بالتقوى، فالتقوى باب الذكر، والذكر باب الكشف، والكشف مفتاح الفوز الأكبر، فقد قال النبي عليه الصلاة والسلام: ( لولا أنّ الشياطين يحومون على قلوب بني آدم لنظروا إلى ملكوت السماء ). وروي عن بن عمر رضي الله عنهما قال: قيل : " يا رسول الله - صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم – " أين الله؟ في ألارض أو في السماء؟" قال الحبيب - صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم: ( في قلوب عباده المؤمنين ) وفي الخبر قال الله تعالى: ( لم يسعني أرضي ولا سمائي، ووسعني قلب عبدي المؤمن ). وبذلك قال الفاروق عمر رضي الله عنه: " رأى قلبي ربّي ".
إعلم أيها المسلم إنّ الجود الإلهي اقتضى أن تكون السعادة مبذولة مِن غير بخل، والكرم السرمديّ اقتضى أن يكون القلب في أصل الفطرة مستعداً لقبول هذه السعادة لقول النبي - صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم: ( كل مولود يولـَد على الفطرة ). يقول سيدنا علي رضي الله عنه: " إنّ لله تعالى في أرضه آنية، وهي القلوب، فأحبّها إلى الله عز و جلّ أرقـّها وأصفاها وأصلبها. ثمّ فسّرها فقال: أصلبها في الدين، وأصفاها في اليقين، وأرقـّها على الإخوان".
إنّ للقلب بابين، بابٌ ينفذ إلى عالـَم الجسد، وبابٌ إلى عالـَم الغيب، فإنّك إذا تأمّـلت في النوم، فإنّك ترى فيه العجائب، ويظهر لك الغيب، وما سيكون بعد مدّة مديدة، وفي اليقظة إنّما يفتح ذلك الأنبياء والأولياء عليهم السلام، وذلك لـِمَن طهّر قلبه عمّا سوى الله عز و جلّ، وأقبل بالكلية عليه، وإليه الإشارة بقوله - صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم : ( سيق المفـّردون. قيل: ومَن هم يا رسول الله - صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم؟ قال: المجتهدون بذكر الله، وضع عنهم الذكر أوزارهم، فوردوا القيامة خفافاً. ثمّ قال في وصفهم: أقبـِلُ عليهم بوجهي، أترى مَن واجهته بوجهي يعلم أحد أي شيء أريد ان أعطيه؟ ثمّ قال - صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم: أول ما أعطيهم أن أقذف مِن نوري قي قلوبهم، فيخبرون عنّي كما اخبر عنهم ).
فهذا باب من القلب إلى عالـَم الغيب، فالقلب أمامه أمران، إمّا أن يكون محل الحكمة ومهبط الملائكة عليهم السلام، أو يكون عش الشياطين، وفي الحديث بما معناه أنّ النبي - صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم - قال: ( لا يجتمع حبّ الله عز و جلّ وحبّ الدنيا في قلب المؤمن ) لأنّ الله عز و جلّ يقول: ﴿ مَا جَعَلَ اللهُ لِرَجُلٍ مَنْ قَلْبَيْنِ فِي جَوْفِهِ ﴾ الأحزاب/٤.
فقلبك أيها المسلم إن كان مُلئ بمحبة الله عز و جلّ ومعرفته لا يمكن أن يلتفت إلى هذه الدنيا الفانية، لأن الله عز و جلّ يقول في الحديث القدسيّ: ( أنا أغـْنـِي الأغنياءَ عن الشرك ) إنّ الله عز و جلّ أيها المسلمون ليباهي ببعض قلوب عباده الأخيار، على الملائكة عليهم السلام، فلـِمَ لا يكون قلبك مِن تلك القلوب؟.
درس القلب لسيدي الشيخ الفقير الى الله تعالى الشيخ باسل صالح جرار رضي الله تعالى عنه الجزء2