عادل محمد زايد
عدد المساهمات : 4107 تاريخ التسجيل : 30/01/2009 العمر : 38 الموقع : المشرف علي المنتدي
| موضوع: موضوع التصوف الإسلامي الأحد مارس 08, 2009 3:38 pm | |
| موضوع التصوف الإسلامي وموضوعه: أعمالُ الظاهرِ والباطن مِنْ حَيْث التخلية والتحلية. فأما ( التخلية ): فالتهذيب، أي: التزكية والتصفية من مَسَاوئها؛ إذ الناس: قد خُلِقوا بطبيعتهم يَقْبَلون معاني ويُقبِلون عليها، قد حَدَّ فيها الشارعُ حدوداً، لتمييز ما سَنَّ خيريَّتَه وقضاه مقبولاً، مما سَنَّ سوءَه وقضاه مردوداً، فيسعون من خلال ( المعرفة ) إلى الوقوف على حدِّ الشرع - الضامن لما يُعتبر خلقاً كريماً -، فيتطهرون من السيئات، ويُبقون على الحسنات. فائدة: والجدير بالذِّكر عند الحديث عن طبيعة الناس: أنهم يَقبلون المعاني ويُقبِلون عليها بدافع الغريزة أو الشهوة أو الهوى أو العلم، فقد يكون العبد صالحاً، ويتفاجأ من نفسه تحدثه بسوء، يشككه بصلاحه، سيما وقد سارع إليه الشيطانُ عندما بلغه ذلك، ليضله عن السبيل، موهماً إياه بالضلال!! وليس حقيقة الأمر إلا موافقة معنى من ذلك لِداعِيه، فيتحرك في العبد طبيعةً، فليتنبه. -- 20 لذلك قال الله : { آمنوا }: إشارة إلى العقيدة، وقوله : { وتواصَوا بالحق وتواصوا بالصَّبر }: إشارة إلى التصوف؛ فقوله : { وتواصوا بالصَّبر }: إشارة إلى العمل بمقتضى الحقائق. وأما ( التحلية ): فالإتمام، أي: إتمام مكارمها؛ إذ طبيعة الناس ليست تامَّة، بل فيهم النِّسبَةُ والشاهِدُ والاستعدادُ، فيسعون من خلال ( المعرفة ) إلى العمل بالمتمِّمَات. تنبيه: والإشارة بـ( المعرفة ): إلى وسيلة تحقيق ذلك الآتي ذكرُها إن شاء الله : { قل إنما حرَّم ربي الفواحش، ما ظهر منها وما بطن }؛ قال سيدنا رسول الله محمد : { ونفس وما سواها * فألهمها فجورها وتقواها * قد أفلح مَنْ زكاها * وقد خاب مَن دسَّاها }. وقال : { ألا وإن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله، وإذا فسدت فسد الجسد كله، ألا وهي القلب }، { إن الله لا ينظر إلى أجسادكم ولا إلى صوركم، ولكن ينظر إلى قلوبكم }؛ وذلك: أن أعمال الظاهر مبنية على الباطن، مُعتبرة به؛ ألا ترى سيدنا رسول الله محمداً : { يوم لا ينفع مال ولا بنون * إلا من أتى الله بقلب سليم }؛ من باب إطلاق السبب وإرادة المُسَبَّب، أي: إلا مَن أتى الله يقول: { كل مولود يولد على الفطرة، فأبواه يهودانه .. }. قال الإمام الجنيد :" ( التصوف ): تصفية القلب عن موافقة البريّة، ومفارقة الأخلاق الطبيعيّة، وإخماد الصفات البشرية، ومجانبة الدواعي النفسانية، ومنازلة الصّفات الروحانيّة .. "اهـ وقال مُظَفَّرٌ القِرْميسِينيُّ (270 هـ):" التّصوف كله آدابٌ: لكل وقت أدبٌ، ولكل مقام أدبٌ "اهـ قال العلامة أمين الكردي ، ومتابعته على إرشاده جملةً وتفصيلاً. قال الإمام أبو عبد الرحمن السّلمي (328 هـ):" لو أن رجلاً جمع العلوم كلها، وصحب طوائف الناس، لا يبلغ مبلغ الرجال إلا بالرياضة من شيخ أو إمام أو مؤدّب ناصح، ومَن لم يأخذ أدبه من آمرٍ له وناهٍ، يريه عيوب أعماله، ورعونات نفسه، لا يجوز الاقتداء به في تصحيح المعاملات "اهـ وقال الإمام أبو عثمان الحِيريُّ :" أنفع شيء للمُريدين: صُحْبَةُ الصالحين، والاقتداءُ بهم في أفعالهم وأخلاقهم -- 24 وشمائلهم، وزيارةُ قبور الأولياء، والقيامُ بخدمة الأصحاب والرُّفقاء "اهـ قال أبو بكر الترمذي بقوله:" مَنْ صَحِبَ الأكابرَ على غير طريق الحُرمةِ: حُرِمَ فوائدهم وبركات نظرهم، ولا يظهر عليه من أنوارهم شيء "اهـ وفي تفصيل ذلك يقول الإمام الحافظ أبو نعيم الأصبهاني (380هـ):" علوم الصوفية: علوم أحوال. والأحوال: مواريث الأعمال، ولا يرث الأحوال إلا مَن صحَّح الأعمال. وأول تصحيح الأعمال: معرفة علومها، وهي: علم الأحكام الشرعية من أصول الفقه وفروعه: من الصلاة، والصوم، وسائر الفرائض، إلى المعاملات: من النكاح، والطلاق، والمبايعات، وسائر ما أوجب الله تعالى ونَدَب إليه، وما لا غناء به عنه من أمور المعاش. وهذه: ( علوم التَّعلم والاكتساب ). فأول ما يلزم العبد: الاجتهاد في طلب هذا العلم وإحكامِه، على قَدر ما أمكنه ووسِعه طبعه، وقوي عليه فهمه، بعد إحكام علم التوحيد والمعرفة، على طريق -- 26 الكتاب والسّنة وإجماع السلف الصالح عليه، القَدْر الذي يتيقن بصحّة ما عليه أهل السّنة والجماعة. فإن وُفّق لما فوقه من نفي الشبه التي تعترضه: من خاطر أو ناظر: فذاك، وإن أعرض عن خواطر السوء اعتصاماً بالجملة التي عرفها، وتجافى عن المُنَاظر الذي يحاجَّه فيه ويُجادله عليه، وباعده: فهو في سِعة إن شاء اللهُ .. يمكن العبد مراقبة الخواطر، وتطهير السرائر. وهذا هو: ( علم المَعرفة ). ثم وراء هذا: علوم الخواطر، وعلوم المشاهدات والمُكاشفات، وهي التي تختص بـ( علم الإشارة ): وهو العلم الذي تفرَّدت به الصوفية، بعد جمعها سائر العلوم التي وصفناها .. ثم لكل مقام بدء ونهاية، وبينهما أحوال متفاوتة، ولكل مقام علم، وإلى كل حال إشارة، ومع كل مقام -- 27 إثبات ونفي، وليس كل نفي في مقام كان منفياً فيما قبله، ولا كل ما أثبت فيه كان مثبتاً فيما دونه "اهـ[ التعرف: 86 – 88 ]. قال الإمام الجنيد في الشريعة "اهـ وقال عمرو المكي (340 هـ):" ما بلغ أحد حالة شريفة إلا بملازمة الموافقة، ومعانقة، الأدب، وأداء الفرائض، وصُحبة الصالحين "اهـ. ويتلخص ذلك جميعاً بقولنا: الانضباط الظاهري والباطني بتمام الحكم الشرعي؛ قال الإمام الجنيد ، وأداء فروضه وواجباته وسُننه، والاتِّباع لجميع ما أمر به، والانتهاء عن جميع ما نهى عنه "اهـ -- 28 وقال سيدي الشيخ إبراهيم غنيم ، لذلك قال : فمسيئ هو المريدُ الذي يظن أن الطريق سهل بسيط، بل إن مَن ظن ذلك لا يزال يُقدِّم قدماً ويؤخر أخرى، حتى يُفارق القوم يأساً، أو يوقن الحق في هذا الأمر: أن طريق التصوف، طريق محتف بالمكاره، مليءٌ بالصِّعاب، لا يصلح إلا لمن صحح هِمَّته، وجعل وظائفه همومه، وعلى رأس أولوياته، بحيث يفرغ منها للدنيا - ولو كانت للآخرة -، لا العكس؛ قال سيدنا رسول الله محمد : أنهم ينتهون إلى رفع التكلييف!! كيف! ومدار العبادة على الأعمال الظاهرة والباطنة؟! قال تاج الإسلام الإمام الكلاباذي : فرضٌ واجِبٌ، وحتم لازمٌ على العُقلاء البالغين، لا يجوز التخلف عنه، ولا يسع التفريط فيه بوجه من الوجوه لأحدٍ من الناس: مِنْ صِدِّيقٍ ووليٍّ وعارِفٍ، وإن بلغَ أعلى المراتب، وأعلى الدَّرجات، وأشرف المقامات، وأرفع المنازل "اهـ[ التعرف: 58 – 59 ]. تنبيه: وهذه العبارة قد يطلقها القوم ويريدون رفع الكلفة ( أي: المشقة ) في الأعمال، كما قال سيدنا رسول الله محمد - وقد سُئل عن مقالة لبعض المبتدعة الذين يزعمون ذلك فعلاً -:" إن هذا قول قوم تكلموا بإسقاط الأعمال!! وهو عندي عظيم، والذي يسرق ويزني أحسن حالاً من الذي يقول -- 30 هذا؛ فإن العارفين بالله تعالى: أخذوا الأعمال عن الله تعالى، وإليه رجعوا فيها، ولو بقيتُ ألف عام لم أنقص من أعمال البِرِّ ذرَّة، إلا أن يُحال بي دونها، وإنه لأوكد في معرفتي، وأقوى في حالي "اهـ وبهذا يتبين بطلان شبهة العصمة في مباشرة المحرمات، التي ينسبها المبتدعة إلى الصوفية :" أجمع الصوفية: أنه لا مقام للعبد تسقط معه آداب الشريعة: من إباحة ما حظر الله، أو تحليل ما حرَّم الله، أو تحريم ما أحل اللهُ، أو سقوط فرض من غير عُذر ولا عِلَّة: ( والعُذر والعِلة: ما أجمع عليه المسلمون، وجاءت به أحكام الشريعة ). ومَن كان أصفى سِرّاً، وأعلى رُتبةً، وأشرفَ مقاماً: فإنه أشد اجتهاداً، وأخلص عملاً، وأكثر توقياً "اهـ[ التعرف: 59 ]. قال الإمام إبراهيم النَّصْرَاباذِيُّ (322 هـ) عمَّن يسمع الملاهي، ويقول: هي لي حلال؛ لأني قد وصلت إلى -- 31 درجة لا يؤثِّر فيَّ اختلاف الأحوال؟! فقال:" نعم!! قد وصّلَ لَعَمْري: ولكن إلى سَقَر "اهـ وأما ذمُّ المبتدعةِ الصوفيةَ : { واصبر نفسك مع الذين يدعون ربهم بالغداة والعَشِي يُريدون وجهه }، وقوله : { نحن أولياؤكم في الحياة الدنيا وفي الآخرة، ولكم فيها ما تشتهي أنفسكم، ولكم فيها ما تتدعون }، والمقصود - بالنسبة للسادة الصوفية أنه جمعهالهم دون أن تصرفهم عنه جل جلاله، كما هو حال أمثال بعضها في الحياة الدنيا. -- 32 لذلك قيل:" إن لله تعالى عباداً لو حَجَبَهُم في الجنة عن رؤيته، لاستغاثوا من الجنَّة كما يستغيث أهل النار من النار "اهـ قال الإمام إبراهيم النَّصْرَاباذِيُّ : { إنما يُوفّى الصابرون أجرهم بغير حِساب } "اهـ وليت شعري! أي عوض يطلبه بالعمل من عرف الحقيقة وسمع قول الله :" العباداتُ إلى طلب الصّفحِ والعفو عن تقصيرها، أقرب منها إلى طلب الأعواض والجزاء بها "اهـ لذلك قال سيدي الشيخ إبراهيم غنيم ، فلا يُقحم نفسه فيه قبل ارتقائه، بل لا يزال يلتفت إلى الأغيار الطيبة، الصحيحة شرعاً، بحسب منزلته، حتى يفنيه الحق فيه. قال الإمام إبراهيم النَّصْرَاباذِيُّ :" الراغب في العطاء: لا مِقدار له. والراغبُ في المعْطِي: عزيز "اهـ وأما أن أعمال الصوفية (230 هـ):" إني لأقرأ القرآن، فأنظُرُ في آية، فيَحارُ عقلي فيها، وأعجب من حُفَّاظ القرآن: كيف يَهنيهم النومُ، ويسعُهم أن يَشْتَغلوا بشيءٍ من الدنيا، وهم يتلون كلام الرحمن؟! أما لو فهموا ما يتلون، وعرفوا حقّه، وتلذَّذوا به، واستَحْلُوْا المُناجاة به، لذهب عنهم النومُ؛ فرحاً بما رُزقوا ووُفِّقوا "اهـ -- 34 فائدة: ومما يشتبه على البعض: أن اشتغاله بأعمال الصوفية (243 هـ):" خِيار هذه الأمة: الذين لا تَشْغَلُهم آخرتُهم عن دُنياهم، ولا دنياهم عن آخرتهم "اهـ وقال أبو سليمان الداراني عن الكسب واتخاذ الأسباب!! لا تقل عن سابقاتها: قال تاج الإسلام الإمام الكلاباذي (271 هـ):" قُعود المؤمن عن الكَسْبِ إلحافٌ في المسألة "اهـ -- 35 وقال أبو سعيد الخراز :" على المريد أن يعمل .. فلا يجوز له أن يقعد حتى تأتيه العطايا أو الصدقات "اهـ[right] | |
|