ـ من اعظم نعم الله على الانسان في هذه الحياة نعمة الاولاد ، فهم منحة الاهية ، وهبة ربانية ، يختص الله بها من يشـاء من عباده ولو كان فقيرا ، ويمنعها عمن يشاء من خلقه ولوكان غنيا ، قال تعالى : ( لله ملك السموات والارض يخلق مايشاء يهب لمن يشاء اناثا ويهب لمن يشاء الذكور ، او يزوجهم ذكرانا واناثا ويجعل من يشاء عقيما انه عليم قدير ) " الشورى : 49 ، 50 " واذا اردت ان تعرف عظيم منة الله عليك بهذه النعمة فانظر الى من حرمها كيف يحترق ويتمنى ان يرزق ولدا يملأ عليه دنياه فرحا وسرورا
الاولاد زينــة:
فهم زينة الحياة الدنيا ، وهم زهرتها ، يخففون عن ابائهم متاعب الحياة وهمومها ، وجودهم في البيت كالازهار في الحدائق ، يضفون عليهن البهجة والسرور ، تسر الفؤاد مشاهدتهم ، وتقر العين رؤيتهم ، وتبتهجح النفس بمحادثتهم ، قال تعالى : ( المال والبنون زينة الحياة الدينا ) " الكهف : 46 " ..
وهم بسمة الامل ، واريج النفس ، وريحان القلب ، وهم اكبادنا التي تمشي على الارض . انمــــا اولادنا بيننــا اكبادنا تمشي على الارض او هبت الريح على بعضهم لامتنعت عيني من الغمـض
الاولاد فتنه:
يقول تعالى : (انما اموالكم واولادكم فتنة ) (التغابن : 15) ، والافتتان بهم يحصل من وجوه منها : ـ ان الولد قد يحمل اباه على الكسب الحرام من اجله ، فيجتهد في جمع المال من طريق الحرام من اجل ابنه . ـ ومنها : ان الولد قد يحمل اباه على البخل فيأتي الوالد كي يتصدق فياتيه الشيطان ويقول له : ولدك اولى واحق ، فيمسك عن الانفاق في سبيل الله من اجل ابنه . ـ ومنها ان الولد قد يحمل اباه على الجبن ، ياتي الوالد كي يجاهد في سبيل الله فينظر الى ولده فيفتن به ويتخلف عن الجهاد ـ ومنها ان الولد قد يمرض مرضا شديدا ، فيجزع والده حزنا عليه ، فيحمله ذلك على الاعتراض على قدر الله وعدم الرضا بقضائه . كما ان الاولاد قد يكونون سببا في ان ينشغل الابوان عن ذكر الله ، ولهذا حذرنا الله من الانشغال بهم عن ذكره ، وعد من يفعل ذلك خاسرا فقال : ( ياأيها الذين امنوا لا تلهكم اموالكم ولا اولادكم عن ذكر الله ومن يفعل ذلك فاولئك هم الخاسرون ) " المنافقون : 9 " ، بل انهم قد يصبحون عدوا لابائهم ، قال تعالى : ( يا أيها الذين امنوا ان من ازواجكم واولادكم عدوا لكم فاحذروهم ) " التغابن : 14 " . الاولاد امــــانة ومســئولية:
ـ الاولاد امانة عند الوالدين ، كلفهما الله بحفظها ورعايتها ، واوصاهما بتربيتهم تربية صالحة في دينهم ودنياهم ، وهم اولى الناس بالبر واحقهم بالمعروف ، والابوان مسئولان بين يدي الله عن تربية ابنائهم ، قال صلى الله عليه وسلم : ( كلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته ، فالرجل راع في بيته وهو مسـئول عن رعيته ، والمرأة راعية في بيت زوجها ، وهي مسئولة عن رعيتها .. ) " متفق عليه " . ـ وقال ابن عمر رضي الله عنهما : ادب ابنك فانك مسئول عنه ، ماذا ادبته وماذا علمته ؟ وهو مسئول عن برك وطواعيته لك. فهل سيقوم الاباء بالحق الذي اوجبه الله تجاه ابنائهم ؟ وهل سيحفظ الاباء هذه الامانة التي حملهـم الله اياها ؟ وهل سيؤدي الاباء المســئولية التي كلفهم الله بها ؟