ا بسم الله الرحمن الرحيم
لحمد لله ,والصلاة والسلام علي سيدنا رسول الله,سيدنا ومولانا محمد خير خلق الله,وعلي آله وصحبه ومن والاه....وبعد...
....إليكم أيها الأحباب أهم الرسائل التي أرسلها حضرة النبي سيدنا رسول الله صلي الله تعالي عليه وآله وصحبه وسلم..ونبدأها بــــــــ...
,,أسماء أهم الملوك والأمراء في العهد النبوي:/
،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،
ففي شهر ذي الحجة سنة ست من الهجرة نيسان (إبريل) 628 م بعث النبي كتبه وسفراءه إلى ثمانية من أولئك الملوك والأمراء هم:
1- قيصر هرقل حاكم قسطنطينية
2- المقوقس حاكم مصر
3 - الحارث بن أبي شمر الغساني النصراني عامل قيصر على بلاد الشام (صاحب دمشق)
4- كسرى خسروا ملك فارس
5- أصحمة بن الأبجر النجاشي ملك بلاد الحبشة.
6- هوذة بن علي صاحب اليمامة في نجد.
7- جيفر وأخيه عباد ابني جلندا صاحبا عُمان.
8- المنذر بن ساوي صاحب البحرين.
( * )( * )( * )( * )أسماء حاملي رسالات الرسول :/
،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،
الرسالة الأولى إلى النجاشي ملك الحبشة, وكان حامل الرسالة جعفر بن أبي طالب.
الرسالة الثانية إلى المقوقس ملك مصر وكان السفير حاطب بن أبي بلتعة.
الرسالة الثالثة إلى كسرى ملك الفرس , وكان السفير عبد الله بن حذيفة السهمي.
الرسالة الرابعة إلى هرقل قيصر الدولة الرومانية , وكان السفير دحية بن خليفة الكلبي.
الرسالة الخامسة إلى حاكم البحرين المنذر بن ساوي العبدي , وكان السفير هو العلاء بن الحضرمي
الرسالة السادسة إلى هوذة بن علي صاحب اليمامة في نجد, وكان السفير هم سُليط بن عمرو العامري.
الرسالة السابعة إلى الحارث الغساني حاكم الشام, وكان السفير شجاع بن وهب.
الرسالة الثامنة إلى صاحبا عـُمان جيفر وعبد ابني الجلندي, وكان السفير عمر بن العاص.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الرسالة الأولى:
(رسالة الرسول إلى النجاشي ملك الحبشة)
،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،
أرسل النبي عليه الصلاة والسلام كتاباً إلى النجاشي ملك الحبشة دعاه فيه إلى الإسلام وهو أحد الكتب التي أرسلها الرسول إلى ملوك العرب وملوك البلاد المجاورة للبلاد العربية إذّاك وقد حمل هذا الكتاب إلى النجاشي سيدنا جعفر بن أبي طالب ابن عم الرسول ، ولما وصل إليه وعلم النجاشي مضمون كتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " دققوا في قول النجاشي "قال أشهد بالله إنه لنبي الذي ينتظره أهل الكتاب ، وقد كان النجاشي نصرانياً ومذهب نصطور قائم على التوحيد وينكر ألوهية المسيح ، ثم كتب إلى الرسول جواب كتابه إليه فكان مما كتبه إليه : " فأشهد أنك رسول الله صادقاً مصدقاً وقد بايعتك وبايعت ابن عمك وأسلمت على يديه لله ربّ العالمين "، وكان سبب إيمان النجاشي بمحمد عليه الصلاة والسلام معرفته بصفاته من الإنجيل وانطباقها عليه ، سأتلو عليكم كتاب سيدنا محمد إلى النجاشي :
"بسم الله الرحمن الرحيم"
" من محمد رسول الله إلى النجاشي أصحمة ملك الحبشة سِلم أنت فإني أحمد إليك الله الملك القدوس السلام المؤمن المهيمن وأشهد أن عيسى بن مريم روح الله وكلمته ألقاها إلى مريم البتول الطيبة الحصينة ، فحملت بعيسى من روحه ونفخه كما خلق آدم بيده ونفخه وإني أدعوك إلى الله وحده لاشريك له والموالاة على طاعته وأن تتبعني وتؤمن بالذي جاءني فإني رسول الله وقد بعثت إليك ابن عمي " جعفراً " ، ونفراً معه من المسلمين فإذا جاؤوك فأقرِهِم " أي أكرمهم " ، ودع التجبّر فإني أدعوك وجنودك إلى الله فقد بلّغتُ ونصحت فاقبلوا نصحي والسلام على من اتبع الهدى .. "
هذا كتاب النبي عليه الصلاة والسلام للنجاشي ملك الحبشة .. فلما وصل إليه الكتاب وضعه على عينيه ، ونزل من على سريره فجلس على الأرض ثم أسلم وكتب الجواب إلى النبي عليه الصلاة والسلام :
"بسم الله الرحمن الرحيم"
" إلى محمد رسول الله من النجاشي أصحمة بن أبجر ، سلامٌ عليكم يانبي الله ورحمة الله وبركات الله الذي لاإله إلا هو الذي هداني إلى الإسلام . أما بعد فقد بلغني كتابك يارسول الله فيما ذكرت من أمر عيسى فورب السماء والأرض إن عيسى مايزيد على ماذكرت وقد عرفنا ما بُعثت به إلينا وقد قربنا ابن عمك وأصحابه فأشهد إنك رسول الله صادقاً مصدقاً وقد بايعتك وبايعت ابن عمك وأسلمت على يديه لله ربّ العالمين وأرسلت إليك ابني " أبرهة بن الأصحم بن أبجر" فإني لا أملك إلا نفسي فإن شئت أن آتيك فعلت يارسول الله ".
هذا هو جواب ملك الحبشة لذلك النبي الكريم حينما جاءه وفد الحبشة أبى ألا يخدمهم إلا بنفسه وحينما توفي ملك الحبشة صلى عليه صلاة الغائب . لأنه عدّه أحد أتباعه، هذه رسالة رسول الله لملك الحبشة وكما قلت قبل قليل إن سبب إسلام النجاشي هو أنّ الصفات التي جاءت عنده في الإنجيل وجدها منطبقة على النبي عليه الصلاة والسلام.
الرسالة الثانية:
(رسالة الرسول إلى المقوقس عظيم القبط)
،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،
"بسم الله الرحمن الرحيم"
" من محمد بن عبدالله إلى المقوقس عظيم القبط ، سلام على من اتبع الهدى أما بعد فإني أدعوك بدعاية الإسلام . أسلم تسلم يؤتك الله أجرك مرتين فإن توليت فعليك إثم كل القبط "
أما جواب المقوقس ... يقول :
"بسم الله الرحمن الرحيم"
" إلى محمد بن عبد الله من المقوقس سلام عليك أما بعد ، فقد قرأت كتابك وفهمت ماذكرت فيه وما تدعو إليه وقد علمت أن نبياً قد بقي . وقد كنت أظن أنه بالشام وقد أكرمت رسولك ، وأهدى الرسول عليه الصلاة والسلام أصناماً من الهدايا أرسلها مع " حاطب بن أبي بلتعة " رضي الله عنه وكان هذا الصحابي هو الذي حمل كتاب الرسول إليه .بعث عليه بطبيب ، فقال عُد إلى قومك لا حاجة لنا بك نحن قوم لا نأكل حتى نجوع ، وإذا أكلنا لا نشبع ، " عدَّ علماء الطب الوقائي أنَّ هذا الحديث أصل في الطب الوقائي " ، لا نأكل حتى نجوع ، وإذا أكلنا لا نشبع ، " ليس على قدر ما أكلنا لا نشبع ؟؟ " هذا معنى آخر . يعني نجلس إلى الطعام ونحن نشتهيه، وننزع يدنا عنه ونحن نشتهيه.
وقال بعضهم إنَّ عُشر ما نأكله يكفي لبقائنا أحياءً وتسعة عشر ما نأكله يكفي ليبقى الأطباء أحياء
الرسالة الثالثة:
(رسالة الرسول إلى كسرى ملك الفرس)
،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،
وكتب النبي صلى الله عليه وسلم إلى كسرى ملك فارس
"بسم اللَّه الرحمن الرحيم"
من محمد رسول اللَّه إلى كسرى عظيم فارس، سلام على من اتبع الهدى، وآمن با للَّه ورسوله، وشهد أن لا إله إلا اللَّه وحده لا شريك له، وأن محمداً عبده ورسوله، وأدعوك بدعاية اللَّه، فإني أنا رسول اللَّه إلى الناس كافة، لينذر من كان حياً ويحق القول على الكافرين. فأسلم تسلم، فإن أبيت فإن إثم المجوس عليك".
واختار لحمل هذا الكتاب عبد اللَّه بن حذافة السهمي، فدفعه السهمي إلى عظيم البحرين، ولا ندري هل بعث عظيم البحرين رجلاً من رجالاته، أم بعث عبد اللَّه السهمي، وأيا ما كان فلما قرىء الكتاب على كسرى مزقه، وقال في غطرسة عبد حقير من رعيتي يكتب اسمه قبلي، ولما بلغ ذلك رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قال: مزق اللَّه ملكه، وقد كان كما قال، فقد كتب كسرى إلى باذان عامله على اليمن ابعث إلي هذا الرجل الذي بالحجاز رجلين من عندك جلدين، فليأتياني به فاختار باذان رجلين ممن عنده، وبعثهما بكتاب إلى رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يأمره أن ينصرف معه إلى كسرى، فلما قدما المدينة، وقابلا النبي صلى الله عليه وسلم قال أحدهما إن شاهنشاه (ملك الملوك) كسرى قد كتب إلى الملك باذان يأمره أن يبعث من يأتيه بك، وبعثني إليك لتنطلق معي، وقال قولاً تهديدياً، فأمرهما النبي صلى الله عليه وسلم أن يلاقياه غداً.
وفي ذلك الوقت كانت قد قامت ثورة كبيرة ضد كسرى من داخل بيته بعد أن لاقت جنوده هزيمة منكرة أمام جنود قيصر، فقد قام شيرويه أبن كسرى على أبيه فقتله، وأخذ الملك لنفسه، وكان ذلك في ليلة الثلاثاء لعشر مضين من جمادي الأولى سنة سبع وعلم رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم الخبر من الوحي، فلما غدا عليه أخبرهما بذلك فقالا هل تدري ما تقول؟ إنا قد نقمنا عليك ما هو أيسر، أفنكتب هذا عنك، ونخبره الملك. قال: نعم أخبراه ذلك عني، وقولا له إن ديني وسلطاني سيبلغ ما بلغ كسرى وينتهي إلى منتهى الخف والحافر. وقولا له إن أسلمت أعطيتك ما تحت يدك، وملكتك على قومك من الأبناء فخرجا من عنده حتى قدما على باذان فأخبراه الخبر، وبعد قليل جاء كتاب بقتل شيرويه لأبيه وقال له شيرويه في كتابه أنظر الرجل الذي كانت كتب فيه أبي إليك، فلا تهجه حتى يأتيك أمري.
وكان ذلك سبباً في إسلام باذان ومن معه من أهل فارس باليمن.
وروى البخاري ضمن حديث طويل نص الكتاب الذي كتبه النبي صلى الله عليه وسلم إلى ملك الروم هرقل، وهو هذا
الرسالة الرابعة:
(رسالة الرسول إلى هرقل عظيم الروم)
،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،
"بسم اللَّه الرحمن الرحيم"
من محمد عبد اللَّه ورسوله إلى هرقل عظيم الروم سلام على من اتبع الهدى، أسلم تسلم، أسلم يؤتك اللَّه أجرك مرتين، فإن توليت فإن عليك إثم الأريسيين، {يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلا نَعْبُدَ إِلا اللَّهَ وَلا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا وَلا يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضًا أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُولُوا اشْهَدُوا بِأَنَّا مُسْلِمُونَ} [آل عمران: 64].
واختار لحمل هذا الكتاب دحية بن خليفة الكلبي، وأمره أن يدفعه إلى عظيم بصرى، ليدفعه إلى قيصر، وقد روى البخاري عن ابن عباس أن أبا سفيان بن حرب أخبره أن هرقل أرسل إليه في ركب من قريش، وكانوا تجارا بالشام، في المدة التي كان رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم ماد فيها أبا سفيان وكفار قريش، فأتوه وهم بإيلياء فدعاهم في مجلسه وحوله عظماء الروم، ثم دعاهم ودعا ترجمانه فقال: أيكم أقرب نسباً بهذا الرجل الذي يزعم أنه نبي؟ قال أبو سفيان فقلت أنا أقربهم نسباً، فقال: أدنوه مني، وقربوا أصحابه، فاجعلوهم عند ظهره، ثم قال لترجمانه. إني سائل هذا عن هذا الرجل، فإن كذبني فكذبوه، فواللَّه لولا الحياء من أن يأثروا علي كذباً لكذبت عنه.
ثم قال: أول ما سألني عنه أن قال: كيف نسبه فيكم؟ فقلت هو فينا ذو نسب، قال: فهل قال هذا القول منكم أحد قط قبله؟ قلت لا. قال: فهل كان من آبائه من ملك؟ قلت لا. قال: فأشراف الناس اتبعوه أم ضعفاؤهم؟ قلت بل ضعفاؤهم. قال: أيزيدون أم ينقصون؟ قلت بل يزيدون، قال: فهل يرتد أحد منهم سخطه لدينه بعد أن يدخل فيه؟ قلت لا. قال: فهل تتهمونه بالكذب قبل أن يقول ما قال؟ قلت لا. قال: فهل يغدر؟ قلت لا، ونحن منه في مدة لا ندري ما هو فاعل فيها؟ قال: ولم تمكنني كلمة أدخل فيها شيئاً غير هذه الكلمة قال: فهل قاتلتموه؟ قلت نعم، قال: فكيف كان قتالكم إياه؟ قلت الحرب بيننا وبينه سجال، ينال منا وننال منه. قال: ماذا يأمركم؟ قلت يقول اعبدوا اللَّه وحده، ولا تشركوا به شيئاً، واتركوا ما يقول آباؤكم، ويأمرنا بالصلاة والصدق والعفاف والصلة. فقال للترجمان قل له سألتك عن نسبه فذكرت أنه فيكم ذو نسب، وكذلك الرسل تبعث في نسب من قومها، وسألتك هل قال أحد منكم هذا القول قبله، فذكرت أن لا. قلت لو كان أحد قال هذا القول قبله لقلت رجل يأتسي بقول قيل قبله، وسألتك هل كان من آبائه من ملك فذكرت أن لا. فقلت فلو كان من آبائه من ملك قلت رجل يطلب ملك أبيه، وسألتك هل كنتم تتهمونه بالكذب قبل أن يقول ما قال، فذكرت أن لا، فقد أعرف أنه لم يكن ليذر الكذب على الناس، ويكذب على اللَّه وسألتك أشراف الناس اتبعوه أم ضعفاؤهم، فذكرت أن ضعفاءهم اتبعوه، وهم أتباع الرسل، وسألتك أيزيدون أم ينقصون؟ فذكرت أنهم يزيدون، وكذلك أمر الإيمان حتى يتم، وسألتك أيرتد أحد سخطه لدينه بعد أن يدخل فيه؟ فذكرت أن لا، وكذلك الإيمان حين تخالط بشاشته القلوب. وسألتك هل يغدر؟ فذكرت أن لا، وكذلك الرسل لا تغدر. وسألتك بماذا يأمر؟ فذكرت أنه يأمركم أن تعبدوا اللَّه، ولا تشركوا به شيئاً وينهاكم عن عبادة الأوثان، ويأمرك بالصلاة والصدق والعفاف، فإن كان ما تقول حقاً فسيملك موضع قدمي هاتين، وقد كنت أعلم أنه خارج، ولم أكن أظنه أنه منكم، فلو أني أعلم أني أخلص إليه لتجشمت لقاءه ولو كنت عنده لغسلت عن قدميه، ثم دعا بكتاب رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم فقرأه، فلما فرغ من قراءة الكتاب ارتفعت الأصوات عنده، وكثر اللغط، وأمر بنا فأخرجنا، قال: فقلت لأصحابه حين أخرجنا، لقد أمر أمراً ابن أبي كبشة، إنه ليخافه ملك بني الأصفر، فما زلت موقنا بأمر رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم أنه سيظهر حتى أدخل اللَّه على الإسلام.
هذا ما رأه أبو سفيان من أثر هذا الكتاب على قيصر، وقد كان من أثره عليه أنه أجاز دحية بن خليفة بن الكلبي، حامل كتاب رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم بمال وكسوة، ولما كان دحية بحسمي في الطريق لقيه ناس من جذام، فقطعوها عليه، فلم يتركوا معه شيئاً، فجاء رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قبل أن يدخل بيته، فأخبره، فبعث رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم زيد بن حارثة إلى حسمي، وهي وراء وادي القرى في خمسمائة رجل، فشن زيد الغارة على جذام، فقتل فيهم قتلاً ذريعاً، واستاق نعمهم ونساءهم، فأخذ من النعم ألف بعير، ومن الشاء خمسة آلاف، والسبي مائة من النساء والصبيان.
وكان بين النبي صلى الله عليه وسلم وبين قبيلة جذام موادعة، فأسرع زيد بن رفاعة الجذامي أحد زعماء هذه القبيلة بتقديم الاحتجاح إلى النبي صلى الله عليه وسلم ، وكان قد أسلم هو ورجال من قومه ونصروا دحية قطع عليه الطريق فقبل النبي صلى الله عليه وسلم احتجاجه وأمر برد الغنائم والسبي.
وعامة أهل المغازي يذكرون هذه السرية قبل الحديبية، وهو خطأ واضح، فإن بعث الكتاب إلى قيصر كان بعد الحديبية، ولذا قال ابن القيم هذا بعد الحديبية بلا شك.
الرسالة الخامسة:
(رسالة الرسول إلى المنذر بن ساوىالعبدي)
،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،
وكتب النبي صلى الله عليه وسلم إلى المنذر بن ساوى حاكم البحرين يدعوه فيه إلى الإسلام، وبعث إليه العلاء بن الحضرمي بذلك الكتاب، فكتب المنذر إلى رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "أما بعد يا رسول اللَّه فإني قرأت كتابك على أهل البحرين، فمنهم من أحب الإسلام وأعجبه، ومنهم من كرهه وبأرضي مجوس ويهود، فأحدث إلي في ذلك أمرك"، فكتب إليه رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "بسم اللَّه الرحمن الرحيم"
من محمد رسول اللَّه إلى المنذر بن ساوى، سلام عليك، فإني أحمد إليك اللَّه الذي لا إله إلا هو، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله أما بعد فإني أذكرك اللَّه عز وجل، فإنه من ينصح فإنما ينصح لنفسه، وإنه من يطيع رسلي ويتبع أمرهم فقد أطاعني، ومن نصح لهم فقد نصح لي، وإن رسلي قد أثنوا عليك خيراً، وإني قد شفعتك في قومك، فاترك للمسلمين ما أسلموا عليه، وعفوت عن أهل الذنوب، فاقبل منهم، وإنك مهما تصلح فلم نعزلك عن عملك، ومن أقام على يهودية أو مجوسية فعليه الجزية".
الرسالة السادسة:
(رسالة الرسول إلى هوذة بن علي صاحب اليمامة)
،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،
وكتب النبي صلى الله عليه وسلم إلى هوذة بن علي صاحب اليمامة
"بسم اللَّه الرحمن الرحيم"
من محمد رسول اللَّه إلى هوذة بن علي، سلام على من اتبع الهدى، واعلم أن ديني سيظهر إلى منتهى الخف والحافر، فأسلم تسلم، وأجعل لك ما تحت يديك".
واختار لحمل هذا الكتاب سليط بن عمرو العمري، فلما قدم سليط على هوذة بهذا الكتاب مختوماً أنزله وحياه وقرأ الكتاب، فرد عليه رداً دون رد، وكتب إلى النبي صلى الله عليه وسلم ما أحسن ما تدعو إليه وأجمله، والعرب تهاب مكاني، فاجعل لي بعض الأمر اتبعك، وأجاز سليطاً بجائزة، وكساه أثواباً من نسج هجر، فقدم بذلك كله على النبي صلى الله عليه وسلم فأخبره، وقرأ النبي صلى الله عليه وسلم كتابه فقال: لو سألني قطعة من الأرض ما فعلت، باد، وباد ما في يديه. فلما انصرف رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم من الفتح جاءه جبريل عليه السلام بأن هوذة مات، فقال النبي صلى الله عليه وسلم أما إن اليمامة سيخرج بها كذاب يتنبى، يقتل بعدي، فقال قائل يا رسول اللَّه من يقتله؟ فقال: أنت وأصحابك، فكان كذلك.
الرسالة السابعة:
(رسالة الرسول إلى الحارث بن أبي شمر الغساني صاحب دمشق)
،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،
كتب إليه النبي صلى الله عليه وسلم : بسم اللَّه الرحمن الرحيم، من محمد رسول اللَّه إلى الحارث بن أبي شمر، سلام على من اتبع الهدى، وآمن به وصدق وإني أدعوك إلى أن تؤمن باللَّه وحده لا شريك له، يبقى لك ملكك.
واختار لحمل هذا الكتاب شجاع بن وهب من بني أسد بن خزيمة، ولما أبلغه الكتاب قال: من ينزع ملكي مني؟ أنا سائر إليه، ولم يسلم.
الرسالة الثامنة:
(رسالة الرسول إلى ملك عمان)
،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،
وكتب النبي صلى الله عليه وسلم كتاباً إلى ملك عمان جيفر وأخيه عبد ابني الجلندي، ونصه: "بسم اللَّه الرحمن الرحيم، من محمد بن عبد اللَّه إلى جيفر وعبد. ابني الجلندي، سلام على من اتبع الهدى، أما بعد. فإني أدعوكما بدعاية الإسلام أسلما تسلما، فإني رسول اللَّه (صلى الله عليه وسلم ) إلى الناس كافة لأنذر من كان حياً ويحق القول على الكافرين. فإنكما إن أقررتما بالإسلام وليتكما، وإن أبيتما أن تقرا بالإسلام فإن ملككما زائل، وخيل تحل بساحتكما، وتظهر نبوتي على ملككما".
واختار لحمل هذا الكتاب عمرو بن العاص رضي اللَّه عنه. قال عمرو فخرجت حتى انتهيت إلى عمان، فلما قدمتها عمدت إلى عبد وكان أحلم الرجلين، وأسهلهما خلقاً فقلت إني رسول رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم إليك وإلى أخيك، فقال: أخي المقدم علي بالسن والملك، وأنا أوصلك إليه حتى يقرأ كتابك ثم قال: وما تدعو إليه؟ قلت أدعو إلى اللَّه وحده لا شريك له، وتخلع ما عبد من دونه، وتشهد أن محمداً عبده ورسوله. قال: يا عمرو إنك ابن سيد قومك فكيف صنع أبوك؟ فإن لنا فيه قدوة قلت مات ولم يؤمن بمحمد صلى الله عليه وسلم ، ووددت أنه لو كان أسلم وصدق به، وقد كنت أنا على مثل رأيه هداني اللَّه للإسلام. قال: فمتى تبعته؟ قلت قريباً. فسألني أين كان إسلامك؟ قلت عند النجاشي، وأخبرته أن النجاشي قد أسلم، قال: وكيف صنع قومه بملكه؟ فقلت أقروه واتبعوه. قال: والأساقفة والرهبان تبعوه؟ قلت نعم. قال: انظر يا عمرو ما تقول، إنه ليس من خصلة في رجل أفضح له من الكذب. قلت ما كذبت وما نستحله في ديننا، ثم قال: ما أرى هرقل علم بإسلام النجاشي. قلت بلى، قال: فبأي شيء علمت ذلك؟قلت كان النجاشي يخرج له خرجاً، فلما أسلم وصدق بمحمد صلى الله عليه وسلم ، قال: لا و اللَّه لو سألني درهماً واحداً ما أعطيته، فبلغ هرقل قوله فقال له النياق أخوه أتدع عبدك لا يخرج لك خرجاً، ويدين بدين غيرك ديناً محدثاً؟ قال هرقل رجل رغب في دين، فاختاره لنفسه، ما أصنع به؟ واللَّه لولا الضن بملكي لصنعت كما صنع قال: أنظر ما تقول يا عمرو؟ قلت واللَّه صدقتك. قال عبد فأخبرني ما الذي يأمر به وينهى عنه؟ قلت يأمر بطاعة اللَّه عز وجل وينهى عن معصيته، ويأمر بالبر وصلة الرحم، وينهى عن الظلم والعدوان، وعن الزنا، وعن الخمر، وعن عبادة الحجر والوثن والصليب. قال: ما أحسن هذا الذي يدعو إليه، لو كان أخي يتابعني عليه لركبنا حتى نؤمن بمحمد صلى الله عليه وسلم ونصدق به، ولكن أخي أضن بملكه من أن يدعه ويصير ذنباً. قلت أنه إن أسلم ملكه رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم على قومه. فأخذ الصدقة من غنيهم فيردها على فقيرهم، قال: إن هذا لخلق حسن. وما الصدقة؟ فأخبرته بما فرض رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم في الصدقات في الأموال حتى انتهيت إلى الإبل. قال: يا رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم عمرو وتؤخذ منا سوائم مواشينا التي ترعى الشجر وترد المياه؟ فقلت نعم، فقال: و اللَّه ما أرى قومي في بعد دارهم وكثرة عددهم يطيعون لهذا. قال: فمكثت ببابه أياماً. وهو يصل إلى أخيه فيخبره كل خبري، ثم إنه دعاني يوماً فدخلت عليه، أخذ أعوانه بضبعي فقال: دعوه، فأرسلت فذهبت لأجلس، فأبوا أن يدعوني أجلس، فنظرت إليه فقال: تكلم بحاجتك، فدفعت إليه الكتاب مختوماً، ففض خاتمه، وقرأ حتى انتهى إلى آخره ثم دفعه إلى أخيه فقرأه مثل قراءته، إلا أني رأيت أخاه أرق منه، قال: ألا تخبرني عن قريش كيف صنعت؟ فقلت تبعوه. إما راغب في الدين، وإما مقهور بالسيف. قال: ومن معه؟ قلت الناس قد رغبوا في الإسلام واختاروه على غيره، وعرفوه بعقولهم مع هدي اللَّه إياهم أنهم كانوا في ضلال، فما أعلم أحداً بقي غيرك في هذه الخرجة، وأنت إن لم تسلم اليوم وتتبعه توطئك الخيل وتبيد خضراءك، فأسلم تسلم، ويستعملك على قومك، ولا تدخل عليك الخيل والرجال قال: دعني يومي هذا، وارجع إليَّ غداً.
فرجعت إلى أخيه فقال: يا عمرو، إني لأرجوا أن يسلم إن لم يضن بملكه حتى إذا كان الغد أتيت إليه، فأبى أن يأذن لي. فانصرفت إلى أخيه، فأخبرته أني لم أصل إليه، فأوصلني إليه. فقال: إني فكرت فيما دعوتني إليه، فإذا أنا أضعف العرب إن ملكت رجلاً ما في يدي وهو لا تبلغ خيله ههنا، وإن بلغت خيله لقت قتالاً ليس كقتال من لاقى. قلت أنا خارج غداً، فلما أيقن بمخرجي خلا به أخوه فقال: ما نحن فيما ظهر عليه، وكل من أرسل إليه قد أجابه، فأصبح فأرسل إلي، فأجاب إلى الإسلام هو وأخوه جميعاً، وصدقاً النبي صلى الله عليه وسلم ، وخليا بيني وبين الصدقة، وبين الحكم فيما بينهم، وكانا لي عوناً على من خالفني.
وسياق هذه القصة يدلّ على أن إرسال الكتاب إليهما تأخر كثيراً عن كتب بقية الملوك، والأغلب كان أنّه بعد الفتح.
وبهذه الكتب كان النبي صلى الله عليه وسلم قد أبلغ دعوته إلى أكثر ملوك الأرض. فمنهم من آمن به ومنهم من كفر. ولكن شغل فكرة هؤلاء الكافرين، وعرف لديهم باسمه ودينه.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
*أهم ما تمتاز به هذه الرسائل النقاط التالية:/
،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،
1- تجاهل الرسول صلى الله عليه وسلم تماما التوسعات الاستعمارية التى كان يقوم بها الروم والفرس ضد بعض المناطق العربية وكتب صلوات الله وسلامه عليه لولاة هذه المناطق مباشرة فكتب لوالى الروم على دمشق والمقوقس والى مصر، وكتب إلى باذان والى الفرس على اليمن ، وتعتبر هذه الخطوة رائعة ذات مغزى عظيم في الدلالة على عظمة الدعوة.
2- صيغت كتب رسول الله صلى الله عليه وسلم بمنتهى الحكمة والبراعة فالرسول فيها سمح يدعو ولا يهدد، يخاطب الملوك والروساء بألقابهم ويعترف بمكانتهم ويقرر أن سلطانهم في ظل الإسلام باق لهم ، وهو بذلك يؤكد أنه ليس طالب ملك ، ثم هو يذكر أن هناك زكاة في أموال الأغنياء ولكنه يؤكد أن الزكوات والصدقات لا تحل لمحمد ولا آل محمد، وإنما تؤخذ من أغنياء المسلمين وترد على فقرائهم ، وهو بهذا يؤكد أنه ليس طالب مال.
3- كان عليه الصلاة والسلام يخاطب كل ملك حسب ظروفه، فإن كان من أهل الكتاب أشار إلى ما بين الأديان السماوية من روابط، وإذا كان من غيرهم أشار إلى التزام البشرية بالعودة إلى الله وترك عبادة ما سواه.
4- اختير المبعوثون بحيث يعرف كل منهم لغة من سيرسل إليه.
5- امتدت فترة إرسال الرسل فيما بين الحديبية ووفاة الرسول.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
*وأخيـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــراً:/
،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،
1- هذه الرسائل تتضمن تعريف مختصر لرسالة الإسلام وهو ألا يخضع انسان لإنسان ولكن الجميع يخضع لله وشريعته.
2- تحديد لمهام الملوك تجاه شعوبهم ومسئوليتهم أمام الله إذا لم يحكموا بالإسلام ويعلموه للناس، حيث يقول أنهم سيتحملون إثم وضياع شعبهم لأنهم الرعاة وكما قال (صلى الله عليه وسلم) كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته.
3-معنى هذه الرسائل أن الشعوب الغير مسلمة هم ليسوا مذنبون لعدم علمهم وإنما السلاطين الذين يملكون القدرة الإعلامية هم الذين يتحملون الذنب، والعكس صحيح الأمراء الذين سيسلمون فلهم أجرهم مرتين، مرة لإنهم هدو أنفسهم ومرة لأنهم هدو شعوبهم إلى الإسلام.
4- هذه الرسائل لنتعلم منها الآن وليست فقط موجهة لهؤلاء الملوك و الأمراء القدامى.
..................هذا ولله الحمد والمنة,وصل اللهم وسلم وزد وبارك وتحنن وتكرم علي أشرف خلقك,وسيد أنبيائك,وخاتم رسلك,عبدك ورسولك,سيدنا ومولانا محمد النبي الأمي الأمين ,وعلي آله وصحبه أجمعين....وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين..