الصلاة على النبي صلى الله عليه وآله وسلم ومسألة الأعداد، ومن صلوات الصحابة رضي الله عنهم
كاتب الموضوع
رسالة
تاريخ التسجيل : 01/01/1970
موضوع: الصلاة على النبي صلى الله عليه وآله وسلم ومسألة الأعداد، ومن صلوات الصحابة رضي الله عنهم الأربعاء أكتوبر 15, 2008 3:31 am
الصلاة على النبي صلى الله عليه وآله وسلم ومسألة الأعداد، ومن صلوات الصحابة رضي الله عنهم بسم الله الرحمن الرحيم وصلى الله تبارك وتعالى على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم
مقدمــة الحمد لله الذي منّ على المؤمنين بإرساله سيد المرسلين صلى الله تبارك وتعالى عليه وآله وصحبه وسلم أجمعين. (لَقَدْ مَنَّ اللّهُ عَلَى الْمُؤمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولاً مِّنْ أَنفُسِهِمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ ). وجعل الصلاة عليه صلى الله عليه وآله وسلم: فرضاً مفروضاً، وقربةً يتقرب بها إلى الله تبارك وتعالى: ( إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا ). والصلاة والسلام على من بعثه الله رحمةً للعالمين، بشيراً ونذيراً، وداعياً إلى الله بإذنه وسراجاً منيراً.. وبعد: الصلاة على النبي حق لازم: فإنَّ الصلاة والسلام على رسول الله صلى الله تبارك وتعالى عليه وآله وصحبه وسلم، ليست نفلاً منا، ولا تكرماً عليه صلى الله عليه وآله وسلم. وإنما هي فرض فرضه الله تبارك وتعالى على كل مسلم، أداء لحقه صلى الله تبارك وتعالى عليه وآله وصحبه وسلم. هذا، وقد قال العلماء: إن لرسول الله صلى الله تبارك وتعالى عليه وآله وصحبه وسلم حقاً في رقبة كل مسلم، ذلك لأنه أنقذه من ظلمات الجهل إلى نور الإيمان، وبالتالي أنقذه من ظلمات النار ودخانها، إلى نور الجنة وريحانها. ومن المعروف أن من أسدى إليك معروفاً، وجب عليك شكره، علماً بأن الأمر في أصله مردود إليك: ذلك أن رسول الله صلى الله تبارك وتعالى عليه وآله وصحبه وسلم لا تـزيده صلاة المصلى عليه قدراً، ولا ينقصه غفلة الغافل عنه صلى الله تبارك وتعالى عليه وآله وصحبه وسلم، لأن الله تبارك وتعالى أعطاه من الإكرام ما يجل عن الوصف: قال الإمام البوصيري، رحمه الله تبارك وتعالى:
فإن فضل رسول الله ليس له حدٌ فيعرب عنه ناطـــق بفم
وقال أيضاً، رضي الله تبارك وتعالى عنه:
فمبلغ العلم فيه: أنه بشر وأنه خير خلق الله كلهم
أي: إن الناس لا يعرفون عنه صلى الله عليه وآله وسلم، إلا أنه بهذه الصفة وحسب.. هذا مبلغ علمهم، ومنتهى معرفتهم عنه صلى الله عليه وآله وسلم. وفي قوله تبارك وتعالى: ( لقد مَنَّ الله على المؤمنين) ما يفيد عظمة الرسول صلى تبارك وتعالى عليه وآله وصحبه وسلم، إذ أن العطية بقدر المعطي، والهدية بقدر المهدي، والمنة بقدر المان. والمعطي والمهدي والمان هنا هو الله تبارك وتعالى، فكيف تكون عطية مولى الموالي سبحانه وتعالى لأمة أحب الخلق إليه صلى الله عليه وآله وصحبه أجمعين وسلم. وقد قال بعض العارفين: الأنبياء لأممهم عطية، ونبينا صلى الله عليه وآله وسلم لنا هدية، والعطية للمحتاجين، والهدية للمحبوبين . ولعله أخذها من قول النبي صلى الله عليه وآله وسلم: ( إنما أنا رحمة مهداة ). رواه ابن سعد والحكيم عن أبي صالح مرسلاً . أجعل لك صلاتي كلها:وقد قال أبي بن كعب أحد أجلاء الصحابة لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: يا رسول الله، إني أكثر الصلاة عليك، فكم أجعل لك من صلاتي؟ قال: صلى الله عليه وآله وسلم: ( ما شئت) . قلت: الربع؟ قال صلى الله عليه وآله وسلم: (ما شئت، وإن زدت فهو خير). قلت: النصف؟ قال صلى الله عليه وآله وسلم: (ما شئت، وإن زدت فهو خير). قالت: الثلثين؟ قال صلى الله عليه وآله وسلم : ( ما شئت، وإن زدت فهو خير لك ). قال: أجعل لك صلاتي كلها ؟ قال صلى الله عليه وآله وسلم : ( إذن تكفى همك، ويغفر ذنبك ). رواه الترمذي وقال: حسن صحيح، وعبد بن حميد في مسنده، والإمام أحمد في مسنده، والحاكم في المستدرك. انظر: جلاء الأفهام لابن قيم الجوزية ص40، طبع المنيرية. وقول الله سبحانه وتعالى: ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ ...) أمر من الله تبارك وتعالى. والقاعدة النحوية أن ما جاء على هيئة الأمر، فإن كان من الأدنى للأعلى، فهو الطلب. وأما إن كان من الأعلى للأدنى، فهو الأمر. فقوله: ( صَلُّوا ) أمر من الله تبارك وتعالى لا محالة، ولا موضع للجدال فيه. وقوله تبارك وتعالى: ( وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا ) حث على المداومة والاستمرار على طول المدى.
أهل الصلوات فلذلك لجأ كثير من الناس لاغتنام هذه الفرصة، ولإزالة هموم الدنيا والآخرة، بألفاظ ينطقها اللسان، وذلك منتهى الكرم من الله تبارك وتعالى على عباده. ومن المعروف أن: (من أحب شيئاً أكثر من ذكره) لفظ حديث شريف رواه الديلمي في مسند الفردوس. فكثرة الصلاة على رسول الله صلى الله تبارك وتعالى عليه وآله وصحبه وسلم، تدل على صدق المحبة. قال رسول الله صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم: ( أكثروا الصلاة عليَّ فإن صلاتكم عليَّ مغفرة لذنوبكم، واطلبوا لي الدرجة والوسيلة، فإن وسيلتي عند ربي شفاعتي لكم ). رواه ابن عساكر. وقد روي في بعض الأحاديث: كيف تعرفنا يا رسول الله ؟ قال صلى الله عليه واله وصحبه وسلم: ( أعرفكم بكثرة الصلاة عليَّ ). وقد قال عليه وآله وصحبه الصلاة والسلام: ( إن أولى الناس بي يوم القيامة أكثرهم عليَّ صلاة ). رواه البخاري في التاريخ، وابن حبان، والترمذي. مسألة الأعداد:من هنا رغب أهل المعرفة بالله تبارك وتعالى ورسوله صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم في جمع أكبر قدر من الصلاة على رسول الله صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم، ونشأت فكرة جمعها في كتب خاصة. وقد نبتت نابتةٌ في هذه الأيام، لامت - عن جهل - هؤلاء الناس في مواضع، منها: العدد، والكيفية!. ولكنهم نسوا أنها مأخوذة من ألفاظ الحديث الشريف، وأن الذين وضعوا صيغ الصلوات - في الأصل - هم من أهل العلم والدراية، لا من أهل الهجاية!. ورد في الحديث الشريف: (إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئٍ ما نوى). هذا الحديث الشريف عُمدة في الدين كله، حتى إن المالكية رضي الله عنهم اعتبروا كل عمل بغير نية باطلاً. وعلى هذا، فإذا قال الذاكر لله، المصلي على رسول الله صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم: ( اللهم صلِّ وسلم وبارك على سيدنا محمد عدد من يصلي عليه )، فإنه يقصد إلى العدد فعلاً، فيعطيه الله على حسب ما نوى في نفسه، تفضلاً وتكرماً، ومنّة من الله تبارك وتعالى على ذلك العبد المصلي على حبيبه صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم. ومن المعلوم أن ملائكة الله مشتغلون جميعاً بالصلاة والسلام على رسول الله صلى الله تبارك وتعالى عليه وآله وصحبه وسلم، بالأمر التكليفي الكامن في قوله تبارك وتعالى: ( إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ ...) إلى آخر الآية. ولئن قال قائل: لئن كانوا مشتغلين بالصلاة على النبي صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم، فأين ذكر الله، وأين التكاليف الأخرى؟. فنقول له: إن الذي أعطى المَلَك القُدرة على الهُبوط من السماء إلى الأرض في لمح البصر، قادرٌ على أن يجمع له ما شاء من الأذكار والصلوات على حبيبه ومصطفاه صلى الله عليه وآله وسلم، وما كُلِّفَ به. وطلب الله تبارك وتعالى من المؤمنين الصلاة عليه صلى الله عليه وآله وسلم، إكمالاً لدائرة السماوات؛ فتكون دائرة السماوات والأرض كلها مشغولة بالصلاة عليه صلى الله عليه وآله وسلم.. وفي هذا من التشريف للمؤمنين ما فيه، إذ وصلهم بالملأ الأعلى. وفي مثل قولك: ( اللهم صلِّ على سيدنا محمد كما أمرتنا أن نصلي عليه ) من المعاني الرفيعة: يا ربِّ إنني لا أعرف قيمة الصلاة على حبيبك، صلى الله عليه وآله وسلم... فصلِّ أنت عليه كما تعرف، فإنك تعرف ولا أعرف.
النبي يسمع الصلاة عليه ولتعلم أيها الأخ المسلم: أن صلاتك على النبي صلى الله تبارك وتعالى عليه وآله وصحبه وسلم يوم الجمعة، يسمعها هو بنفسه صلى الله عليه وآله وسلم، ويردّ عليك أينما كنت في أطراف الدنيا.. وفي هذا من التشريف ما فيه لك. روى الطبراني عن أبي الدرداء رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله تبارك وتعالى عليه وسلم: (أكثروا الصلاة عليَّ يوم الجمعة، فإنه يوم مشهود تشهده الملائكة، ليس من عبدٍ يُصلِّي عليَّ فيه إلا بلغني صوته حيث كان...) إلى آخره. قال المنذري: ورواه ابن ماجه بإسناد جيد. انظر: جلاء الأفهام ص74، ط المنيرية.
.
الصلاة على النبي صلى الله عليه وآله وسلم ومسألة الأعداد، ومن صلوات الصحابة رضي الله عنهم