عادل محمد زايد
عدد المساهمات : 4107 تاريخ التسجيل : 30/01/2009 العمر : 38 الموقع : المشرف علي المنتدي
| موضوع: حكمة عطائية .. نهاية السالكين بداية المجذوبين .. وبداية السالكين نهاية المجذوبين السبت أغسطس 01, 2009 12:33 pm | |
| إليكم سادتي شرح لإحدى الحكم العطائية لسيدي العارف بالله تعالى سيدي أحمد بن محمد بن عبد الكريم بن عطاء الله السكندري
نص الحكمة :
دل بوجود آثاره على وجود أسمائه وبوجود أسمائه على ثبوت أوصافه وبثبوت أوصافه على وجود ذاته إذا محال أن يقوم الوصف بنفسه . فأرباب الجذب يكشف لهم عن كمال ذاته ثم يردهم إلى شهود صفاته ثم يرجعه إلى التعلق بأسمائه ثم يردهم إلى شهود آثاره . والسالكون على عكس هذا فنهاية السالكين بداية المجذوبين وبداية السالكين نهاية المجذوبين . لكن لا بمعنى واحد فربما التقيا في الطريق هذا في ترقيه وهذا في تدليه .
يقول الشيخ عبد المجيد الشرنوبي الأزهري :
يعني أنه سبحانه دل بوجود آثاره - أي مصنوعاته - على وجود أسمائه إذ لا يصدر هذا الصنع القويم إلا من قادر مريد عليم . وبوجود أسمائه على ثبوت أوصافه من القدرة والإرادة والعلم وبثبوت أوصافه على وجود ذاته . وعلل ذلك بقوله : إذ محال أن يقوم الوصف بنفسه لأن المعنى لا يقوم بالمعنى
ثم إن عباد الله المختصين بالقرب منه والوصول إليه قسمان : أرباب جذب وأرباب سلوك .
فأرباب الجذب :
الذين اختطفتهم يد العناية يكشف لهم أولاً عن كمال ذاته - أي عن ذاته الكاملة - بأن يزيد في قوة معرفتهم حتى يروا ذاته المقدسة بعين بصيرتهم ثم يردهم إلى شهود صفاته فيشاهدون بنور المعرفة ارتباطها بالذات ثم يرجعهم إلى التعلق بأسمائه بأن يشاهدوا بالذوق تعلقها بالآثار ثم يردهم إلى شهود آثاره - أي صدورها عن الأسماء - وهؤلاء هم الذين يستدلون بالمؤثر على الأثر ويقولون ما رأينا شيئاً إلا ورأينا الله قبله .
وأما السالكون:
فهم على عكس هذا لأنهم يستدلون بالأثر على المؤثر فأول ما يظهر لهم الآثار فيستدلون بها على الأسماء وبها على الصفات وبها على كمال الذات وهم الذين يقولون ما رأينا شيئاً إلا ورأينا الله بعده . فنهاية السالكين من شهود الذات المقدسة بداية المجذوبين وبداية السالكين من التعلق بالآثار نهاية المجذوبين .
لكن لا بمعنى واحد :
فإن مراد السالكين شهود الأشياء لله ومراد المجذوبين شهود الأشياء بالله .
فالسالكون على تحقيق الفناء والمحو والمجذوبون مسلوك بهم طريق البقاء والصحو فربما التقيا في الطريق - أي في منزل من المنازل - كشهود الصفات
هذا أي السالك في ترقيه من الخلق إلى الحق وهذا أي المجذوب في تدليه من الحق إلى الخلق .
وتفصيل ذلك بجهد من أخي يسار الحباشنة :
دَلَّ بِوُجودِ آثارِهِ :
الأثر (ج.الآثار):الآثار هي العوالم والأكوان، وهي من تجلياته تعالى، وليست هي مقصودة لذاتها وإن كان يستدَل بها عليه، والإعراض عنها وعدم الوقوف معها واجب للسائر إلى الله تعالى ).
عَلى وُجودِ أسْمائِهِ (الاسم (ج. أسماء): ليس هو اللفظ بل هو ذات المسمى باعتبار صفة وجودية كالعليم والقدير، أو عدمية كالقدوس والسلام.
وبِوجودِ أسْمائِهِ عَلى ثُبوتِ أوصْافِهِ (الوصف (ج. أوصاف): ذاتي للحق وهو أحدية الجمع والوجوب الذاتي والغنى عن العالمين، وذاتي للخلق وهو الإمكان الذاتي والفقر الذاتي. وَبِثُبوتِِ أوْصافِهِ عَلى وُجودِ ذاتِهِ.
الذات:الحق جل جلاله ذات وصفات في الأزل وفي الأبد.
إذْ مُحالٌ أنْ يَقومَ الوَصْفُ بِنَفْسِهِ.
فأرْبابُ الجَذْبِ يَكْشِفُ .
والكشف: هو الإطلاع على ما وراء الحجاب من المعاني الغيبية والأمور الحقيقية وجودا وشهودا.
لَهُمْ عَنْ كَمالِ :
الكمال:ما يكمل به النوع في ذاته أو في صفاته.
ذاتِهِ، ثُمَّ يَرُدُّهُمْ إلى شُهودِ : الشهود: رؤية الحق بالحق.
صِفاتِهِ، ثُمَّ يُرْجِعُهُمْ إلى التَّعَلُّقِ بأسْمائِهِ، ثُمَّ يَرُدُّهُمْ إلى شُهودِ آثارِهِ. وَالسّالِكونَ :
السالك:هو السائر إلى الله والماشي على المقامات بحالهِ لا بعلمه وتصوره,
وهو المتوسط بين المريد والمنتهي ما دام في السير.
والفرق بين السالك والمجذوب هو أن السالك عامل على تزكية نفسه بالمعاملات والمجاهدات والرياضات حتى يترقى في مقامات العبودية والمعرفة، أما المجذوب فإن الله يرقيه بدون تعمّل ومجاهدة منه بل باجتباء رباني.
وحال السالك عند الصوفية أكمل من حال المجذوب وإن كان في كل خير.
ولكن لا يخلو سلوك من جذب، وأكمل السلوك ما جمع بين سلوك وجذب.
عَلى عَكْسِ هذا.
فَنِهايَةُ السّالِكينَ بِدايَةُ المَجْذوبينَ، وَبِدايَةُ السّالكينَ نِهايَةُ المَجْذوبينَ؛ لكِنْ لا بِمَعْنىً واحِدٍ؛ فَرُبَّما التَقَيا في الطَّريقِ .
والطريقة :هي السيرة المختصة بالسالكين للوصول إلى الله تعالى، من قطع المنازل والترقي في المقامات مشتملة على الأعمال والرياضيات والعقائد المخصوصة بها وعلى أحكام الشريعة من الأعمال الصالحة البدنيّة,والانتهاء عن المحارم والمكاره العامة,وعلى أحكام خاصة من الأعمال القلبية والانتهاء عما سوى الله تعالى,فهي أخص من الشريعة لاشتمالها عليها.
وقيل أيضاً الشريعة بدون الحقيقة رياء, والحقيقة بدون الشريعة نفاق، لقوله تعالى {وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا}، فالمجاهدة شريعة، والهداية حقيقة، فالشريعة حفظ العبد لأحكام الظاهر على نفسه, والحقيقة حفظ الحق لأحوال الباطن عن العبد,والشريعة من المكاسب والحقيقة من المواهب.
جاء في الرسالة الخيريّة للشيخ خير الدين الشريف قدس الله سرّه: (الشريعة هي الأقوال الواردة في الكتاب والسنة، والطريقة هي المتابعة لها بالفعل, ونتيجة الأفعال المشاهدة الحقيقية).
وقال الشيخ عبد الرحمن الشريف في رسائله (إن الشريعة أقوال والطريقة أفعال والحقيقة أنوار والمعرفة أسرار,فالشريعة القشر الظاهر والطريقة اللّب الفاخر والحقيقة الذهن الذي لا يدرك إلا بالذوق والمعرفة هي اللّذة المعجلة لأهل الحبّ فيه والشوق).
ويقول في موضعٍ آخر :اعلم أن العلم منحصرٌ في أربعة أنواع:
الأول ظاهر الشريعة في الأمر والنهي وباطنها يسمى الطريقة,وباطن الطريقة يسمى معرفة,وبطن البطون يسمى علم الحقيقة.
فالشريعة شجرة والطريقة أغصانها والمعرفة أوراقها والحقيقة ثمارها، والقرآن جامعٌ لجميعها بالدلالة والإشارة تفسيراً وتأويلاً.
هذا في تَرَقّيهِ : الترقي: التنقل في الأحوال والمقامات والمعارف. وهذا في تَدَلّيهِ. | |
|