عدد المساهمات : 4107 تاريخ التسجيل : 30/01/2009 العمر : 38 الموقع : المشرف علي المنتدي
موضوع: من اقوال السالكين لا تنشغل بغير الطريق. السبت يونيو 27, 2009 12:24 pm
من اقوال السالكين لا تنشغل بغير الطريق.
-
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم
لا يخفى على القارئ الكريم أن لكل شيئ قواعد وأصولاً وأن المتامل للحياة يجد أن كل شيئ فيها يسير وفق نظام دقيق حتى تلك الأشياء التى من صنع الإنسان فهاهى ـ على سبيل المثال ـ (السيارات) فى بلادنا تأخذ جانب الطريق ومن ثم تبطئ لكى تنحرف جهة اليمين أو الشمال وتقف تماما إذا أضيئت الإشارة الحمراء وهكذا الحياة...ولكننا بعيدا عن تلك الضجةالكبرى نحاول معا أن نستنشق معنى نقيا يحمل فى طياته والروح بين جنباته ونحاول أيضا أن نستذكر معا بعضا من قواعد الطريق وأصوله من خلال نظم الشيخ محمد عثمان عبده البرهانى:
ونبدأ أخى القارئ بما نظن أنه قد اثار فيك الرغبة فى ترديد هذا البيت مرات ومرات وإنى استمسك بان تردد كل لحظة منه على حدها ستجد الفصاحة التى توصف بها الكلمة وكما قال النقاد(تتمثل فصاحة اللفظة فى خلوها من تنافر وغرابة اللفظ ومخالفة القياس)
ولتنظر لكثرة المشتقات قوام،القوم،مقام،قام،الاستقامة ـ مع ان الاصل واحد وهو القاف والواو والميم ومثل هذا جدير بأن يجعل الناظم يتعثر فينزلق ويقع ولتنظر لقول الاخر:
وقبر حرب بمكـان قفـر وليس قربَ قبرِ حربٍ قبرُ
فبالرغم من فصاحة اللفظة الواحدة المفردة إلا أن تنافر الحروف جعل البيت بجملته بمعزل عن البلاغة بخلاف قول ا لشيخ محمد عثمان عبده البرهانى.
أما فيما يختص ببلاغة المعنى فلايظن القارئ أن اهتمام الشيخ باللفظ جعله يهمل المعنى بل إن جمال ألفاظه أدعى لأن تكون معانيه كريمة يقولون: (من أراد معنى كريما فليلتمس له لفظا كريما فان من حق المعنى الشريف اللفظ الشريف) واللفظ هو بمثابة الاناء والمعانى بمثابة الاشياء ولا شك ـ وفق النظام ـ ان من له اناء نظيف جميل لا يضع فيه الا ما يناسبه... ولكن ما هى تلك المعانى؟ يحدثنا القوم عن الطريق فيقول بعضهم (الطريق أربعة أركان: محبة وذكر وفكر وتسليم. وأهم هذه الأشياء المحبة الإلهية لانها قطب تدور عليه الدوائر(فمتى أحببته ذكرته ومتى ذكرته فكرت فيه وسلمت أمرك اليه) قال تعالى {إن فى خلق السموات والأرض واختلاف الليل والنهار لآيات لأولى الالباب الذين يذكرون الله قياما وقعودا وعلى جنوبهم ويتفكرون فى خلق السوات والأرض ربَّنا ما خلقت هذا باطلا سبحانك فقنا عذاب النار} (آل عمران 191)
ويذكر الشيخ الجليل أحمد عربى الشرنوبى فى تائية السلوك المشهورة أكثر من خمسين اصلا للطريق على وجه التفصيل ومطلعها هو:
أصولُ طريقِ القوم أهلِ الحقيقة هداةِ الورى المهديين من خير ملةِ طهارة أنـــفاسٍ وصدقُ مودة وحــذق وآدابٌ وتجـريد همةِ ويأتى الشيخ محمد عثمان عبده البرهانى فيذكر الحب والطاعة ولكن بتوافرهما فى السالك تتوافر كل أصول الطريق وهذا هو الإيجاز وقد سئل بعضهم ما البلاغة فاجاب هى الإيجاز ولتقف - يا من تحب الله ورسوله ـ على معنى الحب - الذى يبدأ بحب الناس -: إنه الرأفة والرحمة ونكران الذات والكرم والتضحية والذكر...... ويكفى أن الدين قائم على الحب ويكفى أن من لا حب فى قلبه لا إيمان له ولنا أسوة حسنه فى حبيبنا المصطفى صلى الله عليه وسلم وصحابته رضوان الله عليهم أجمعين فلقد نسب لسيِّدنا ابى بكر الصديق مع المصطفى صلى الله عليه وسلم.
مـرض الحبيب فـزرتـه فمرضت من أسفى علـيه شـفى الحبيب فـزارنـى فشفيت من نـظرى الـيه
و إن هذا لهو الحب الحقيقى الذى يجلب طاعة المحبوب كما يقولون: (إن المحب لمن يحب مطيع) وإحترس الشيخ بقوله(و كل مقام قام بالاستقامة) لئلا يظن أن ذلك الحب حب هوى وأنه فى غير حب الله عز وجل هو هوى تبع لما جاء به الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم لأن الاستقامة توجب أن يكون العمل مستقيماً مثلما أن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر ولا يستقيم الظل والعود أعوج.
و لأهل الإشارات معان دقيقة جليلة عظيمة فى قولهم: لا تنشغل بغير الطريق.