عدد المساهمات : 4107 تاريخ التسجيل : 30/01/2009 العمر : 38 الموقع : المشرف علي المنتدي
موضوع: الخلوة صفة أهل الصفوة والعزلة من أمارات الوصلة الثلاثاء يوليو 14, 2009 10:58 am
ش
الخلوة صفة أهل الصفوة والعزلة من أمارات الوصلة
الخلوة والعزلة
إنّ الخلوة صفة أهل الصفوة والعزلة من أمارات الوصلة ومعناها الانقطاع عن الخلق والعزلة عنهم. ثم من ءاداب الخلوة والعزلة أن يحصل من العلوم ما يصحح به عقد توحيده لكي لا يستهويه الشيطان بوسواسه، ثم يحصل من علوم الشرع على ما يؤدي به فرضه ليكون بناء أمره على أساس محكم، والعزلة في الحقيقة اعتزال الخصال الذميمة.
وقد قال أبو بكر الوراق موصيا أحد الرجال: وجدت خير الدنيا والآخرة في الخلوة والقلة وشرهما من الكثرة والاختلاط.
وقال الإمام سهل: لا تصح الخلوة الا بأكل الحلال ولا يصح أكل الحلال إلا بأداء حق الله. وقال الجنيد: مكابدة العزلة أيسر من مداراة الخلطة وذلك لاختلاف أخلاق الناس وما يبدو من أذاهم وما يحتاج إليه من الحلم والصفح.
وقد قيل لابن المبارك: ما دواء القلب قال: قلة الاختلاط بالناس، وقد قال الجنيد: من أراد أن يسلم له دينه ويستريح بدنه وقلبه فليعتزل الناس فانّ هذا زمان وحشة والعاقل من اختار فيه الوحدة، الا أن يكون هناك خير فيخرج ويخالط وإلا فلا. التقوى: هي لزوم طاعة الله فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "عليك بتقوى الله فانّه جماع كل خير" رواه أحمد.
وقد قال العارف الشيخ عبد الله الهرري عن التقوى: "هي أداء الواجبات واجتناب المحرمات". وقد قال الامام سهل: "من أراد أن تصح له التقوى فليترك الذنوب كلها". وقال النصر ءاباذي: من التزم التقوى اشتاق إلى مفارقة الدنيا لأن الله تعالى يقول: {وللدار الأخرة خير للذين يتّقون أفلا تعقلون(32)} [سورة الأنعام].
وروي عن الامام المكرم علي بن أبي طالب عليه السلام في التقوى: "الخوف من الجليل والعمل بالتنزيل والقناعة بالقليل والاستعداد ليوم الرحيل".
وقال أبو بكر الروذباري: "التقوى مجانبة ما يبعدك عن الله تعالى"، وعن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه أنّه قال: "سادة الناس في الدنيا الأسخياء وسادة الناس في الآخرة الأتقياء".
الورع: وهو ترك الشبهات. قال ابراهيم بن أدهم: "الورع ترك كل شبهة وترك ما لا يعنيك هو ترك الفضلات". وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأبي هريرة: "كن ورعا تكن أعبد الناس" أخرجه ابن ماجه والطبراني في الأوسط.
وقال اسحق بن خلف: "الورع في المنطق أشد من الورع في الذهب والفضة، والزهد في الرياسة أشد منه في الذهب والفضة لأنك تبذلهما في طلب الرياسة". وقال يونس بن عبيد: "الورع الخروج من كل شبهة ومحاسبة النفس في كل طرفة". وقال معروف الكرخي رضي الله عنه: "احفظ لسانك من المدح كما تحفظه من الذم". وقال بشر بن الحارث: "من لم يصحبه الورع أكل رأس الفيل ولم يشبع".
وقد قيل انّ ابن المبارك رجع من مرو في تركستان إلى الشام في قلم استعاره حتى يعيده الى صاحبه. ورؤي سفيان في المنام وله جناحان يطير بهما من الجنة فقيل له: بم نلت هذا؟ فقال: بالورع.
الزهد: هو ترك الحرام والدنيا.
وقد قال الامام أحمد الرفاعي: "الزاهد يترك الدنيا ولا يبالي من أخذها". وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ازهد في الدنيا يحبك الله وازهد فيما في أيدي الناس يحبوك"، رواه ابن ماجه وغيره.
وقيل: "الزهد عزوف النفس عن الدنيا بلا تكلف". وقال أبو سليمان الداراني: "الزهد ترك ما يشغل عن الله تعالى"، وسئل الجنيد عن الزهد فقال: "خلو اليد من الملك والقلب من التتبع".
وقد قال الإمام أحمد بن حنبل رضي الله عنه: "الزهد على ثلاثة أوجه الأول: ترك الحرام وهو زهد العوام، والثاني ترك الفضول من الحلال وهو زهد الخواص، والثالث ترك ما يشغل العبد عن الله تعالى وهو زهد العارفين".
وقال يحيى بن معاذ: "لا يبلغ حقيقة الزهد حتى يكون فيه ثلاث خصال: عمل بلا علاقة وقول بلا طمع وعز بلا رياسة، وقد سئل الجنيد عن الزهد فقال: "استصغار الدنيا ومحو ءاثارها من القلب". وقال ابن الجلاء: "الزهد هو النظر الى الدنيا بعين الزوال في عينك فيسهل عليك الاعراض عنها".
الصمت: أي السكوت وفيه سلامة فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيرا أو ليصمت" أخرجه البخاري. ويروى أنّ سيدنا سليمان عليه السلام قال: "إذا الكلام من فضة فالسكوت من ذهب".
وقد قيل لذي النون المصري: من أصْوَن الناس لنفسه؟ فقال: "أملكهم للسانه". وقال بعض الحكماء: "الصمت لسان الحلم". وقيل: "اللسان مثل السبع إن لم توثقه عدا عليك". وقد قال الفضيل بن عياض: "من عدَّ كلامه من عمله قلَّ كلامه إلا فيما يعنيه" أي فيما يحتاج اليه. وقال الأستاذ القشيري: "الصمت سلامة وهو الأصل وعليه ندامة اذا ورد عنه الزجر فالواجب أن يعتبر فيه الشرع والأمر والنهي والسكوت في وقته صفة الرجال كما أن النطق في موضعه من أشرف الخصال لذلك يقول أبو علي الدقاق: الساكت عن الحق شيطان أخرس.
الخوف: معناه أن يخاف من الله تعالى أن يُعاقبه في الدنيا أو في الآخرة قال تعالى: {يدعون ربّهم خوفا(16)} [سورة السجدة]، وقال تعالى: {وخافون ان كنتم مؤمنين(175)} [سورة ءال عمران]. يقول أبو حفص: "الخوف سراج القلوب به يبصر الخير والشر". سئل الجنيد عن الخوف فقال: "توقع العقوبة مع مجاري الأنفاس".
وقال الحاتم الأصم: لكل شىء زينة وزينة العباد الخوف وعلامة الخوف قصر الأمل وكثرة العمل.
وقال عبد الله بن مبارك: "إنّ الذي يهيج الخوف حتى يسكن في القلب دوام المراقبة من السر والعلانية". الرجاء: تعلّق القلب بمحبوب سيحصل في المستقبل. وقيل: "هو ثقة الجود من الكريم الودود". وقيل: "هو النظر الى سعة رحمة الله تعالى".
ويقول أبو علي الروذباري: "الخوف والرجاء كجناحي الطائر إذا استويا استوى الطير وتم طيرانه، وإذا نقص أحدهما وقع فيه النقص وإذا ذهبا صار الطائر في حد الموت".
وقال عبد الله بن خفيف: "الرجاء ثلاثة رجل عمل حسنة فهو يرجو قبولها، ورجل عمل سيئة ثم تاب فهو يرجو المغفرة، ورجل كاذب يتمادى في الذنوب ويقول أرجو المغفرة ومن عرف من نفسه الإساءة ينبغي أن يكون خوفه غالبا على رجائه".
الحزن: حال يفيض القلب عن التفرق في أودية الغفلة، والحزن من أوصاف أهل السلوك. قال الله تعالى: {وقالوا الحمد لله الذي أذهب عنّا الحَزن(34)} [سورة فاطر]. وقيل: "اذا لم يكن في القلب حزن خرب كما أنّ الدار إذا لم يكن فيها ساكن خربت". وقال ابن خفيف: "الحزن حصر النفس عن النهوض في الطرب"، وقيل: "الحزن يمنع من الطعام، والخوف يمنع من الذنوب".
الجوع وترك الشهوة: قال الله تعالى: {وَلَنَبْلُوَنّكم بشىء من الخوف والجوع ونَقص من الأموال والأنفس والثمرات وبشّر الصابرين(155)} [سورة البقرة] فلهذا كان الجوع من صفات القوم وهو أحد أركان المجاهدة فانّ أرباب السلوك قد تدرجوا إلى اعتياد الجوع والإمساك عن الأكل ووجدوا ينابيع الحكمة في الجوع.
وقال أبو سليمان الداراني: "مفتاح الدنيا الشبع لأن الشبع يحرك شهوات الإنسان ويستثيرها ومفتاح الآخرة الجوع".
وقال يحيى بن معاذ: "الجوع نور لأنه يحرك الإنسان للطاعة". وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "بحسب ابن ءادم لقيمات يقمن صلبه" رواه الترمذي.