من مواعظ البربري لعمر بن عبد العزيز يعتبر سابق البربري الرائد الأول للتوجه الإسلامي في العشر العربي وله مواعظ كثيرة خص بها أمير المؤمنين عمر بن عبد العزيز ولكن أروعها وأشهرها هي قصيدته هذه .. يقال أن عمر بن العزيز كتب إلى سابق البربري ينشده الوعظ والنصيحة فأرسل إليه بهذه القصيدة وهناك من يقول أن سابق البربري أرسلها لعمر كتعزيه بوفاة ولده مهما كانت المناسبة فالقصيدة رائعة وتستحق التفكر والتأمل
بسم الذي أنزلت من عنده السور ** والحمد لله أما بعد يا عمر إن كنت تعلم ما تأتي وما تذر ** فكن على حذر قد ينفع الحذر واصبر على القدر المقدور وارض به ** وإن أتاك بما لا تشتهي القدر فما صفى لامرىء عيش يسر به ** إلا وأعقب يوما صفوه كدر قد يرعو المرء يوما بعد هفوته ** وتحكم الجاهل الأيام والعبر إن التقى خير زاد أنت حامله ** والبر أفضل شيئٍ ناله بشر من يطلب الجور لا يظفر بحاجته ** وطالب العدل قد يهدى له الظفر وفي الهدى عبر تشفى القلوب بها ** كالغيث يحيى به من موته الشجر وليس ذو العلم بالتقوى كجاهلها ** ولا البصير كأعمى ما له بصر والرشد فيه حياة للقلوب كما ** تحيا البلاد إذا ما جاءها المطر والعلم يجلو العمى عن قلب صاحبه ** كما يُجَلِّي سواد الظلمة القمر لا ينفع الذكر قلبا قاسيا أبدا ** وهل يلين لقول الواعظ الحجر ما يلبث المرء أن يبلى إذا اختلفت ** يوما على نفسه الروحات والبكر والمرء يصعد ريعان الشباب به ** وكل مصعدة يوما ستنحدر وكل بيت سيبلى بعد جدته ** ومن وراء الشباب الموت والكبر والموت جسر لمن يمشي على قدم ** إلى الأمور التي تخشى وتنتظر فهم يمرون أفواجا وتجمعهم ** دار يصير إليها البدووالحضر كم جمع قوم أشتَّ الدهر شملهم ** وكل شمل جميع سوف ينتثر ورب أصيد سام الطرف مقتضبا ** بالتاج نيرانه للحرب تستعر يظل مفترش الديباج محتجبا ** عليه تبنى قباب الملك والحجر إلى الفناء وإن طالت سلامتهم ** مصير كل بني أنثى وإن كبروا إذا قضت زمر آجالها نزلت ** على منازلهم من بعدها زمر أصبحتم جزرا للموت يأخذكم** كما البهائم في الدنيا لكم جزر أبعد آدم ترجون الخلود وهل** تبقى الفروع إذا ما الأصل ينعقر وليس يزجركم ما توعظون به** والبهم يزجرها الراعي فتنزجر لا تبطروا واهجروا الدنيا فإن لها ** غبا وخيما وكفر النعمة البطر ثم اقتدوا بالأولى كانوا لكم غررا ** وليس من أمة إلا لها غرر متى تكونوا على منهاج أولكم ** وتصبروا عن هوى الدنيا كما صبروا ما لي أرى الناس والدنيا مولية ** وكل حبل عليها سوف ينبتر لا يشعرون إذا ما دينهم نقصوا ** يوما وإن نقصت دنياهم شعروا حتى متى أك في الدنيا أخا كلف ** في الخد مني إلى لذاتها صعر ولا أرى أثرا للذكر في جسدي ** والحبل في الحجر القاسي له أثر لو كان يسهر ليلي ذكر آخرتي ** كما يؤرقني للعاجل السفر إذا لداويت قلبا قد أضر به ** طول السقام وكسر العظم ينجبر ثم الصلاة على المعصوم سيدنا ** ما هبت الريح واهتزت بها الشجر