عدد المساهمات : 4107 تاريخ التسجيل : 30/01/2009 العمر : 38 الموقع : المشرف علي المنتدي
موضوع: الصدق أساس الاستقامة الأحد يونيو 28, 2009 11:54 am
الصدق أساس الاستقامة
الصدق أساس الاستقامة بقلم الأستاذ مصطفى الدليمي القانون والسياسة العراق تلعفــــــــــر
(يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله حق تقاته و لا تموتن إلا و أنتم مسلمون)1. فإن أصدق الكلام كلام الله سبحانه تعالى و خير الهدي هدي نبينا وسيدنا محمد عليه أفضل الصلاة والسلام وعلى اله وصحبه وسلم ، وإن من كلام عز وجل قوله تبارك وتعالى (يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله و كونوا مع الصادقين) قال الإمام ابن القيم في مدارجه الصدق هو منزل القوم الأعظم الذي فيه تنشأ جميع منازل السالكين و الطريق الأقوم الذي من لم يسر عليه فهو من المنقطعين الهالكين وبه تميز أهل النفاق من أهل الإيمان وسكان الجنان من أهل النيران و هو سيف الله سبحانه وتعالى في أرضه الذي ما وضع على شئ إلا قطعه و لا واجه باطلاً إلا أرداه و صرعه من صال به لم تُرَد صولته ومن نطق به علت على الخصوم كلمته فهوروح الأعمال ومحك الأحوال والحامل على اقتحام الأهوال والباب الذي دخل منه الواصلون على ذي الجلال وهوأساس بناء الدين وعمود فسطاط اليقين و درجته تالية لدرجة النبوة التي هي أرفع درجات العالمين ومن مساكنهم في الجنات تجري العيون والأنهارإلى مساكن الصديقين كما كان من قلوبهم إلى قلوبهم في هذه الدار متصل و معين. قال تبارك وتعالى (ومن يطع الله والرسول فأولئك مع الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحَسُنَ أولئك رفيقا) الإيمان أساسه الصدق والنفاق أساسه الكذب فلا يجتمعان الغافل يتخيل الصدق كما يهوى وإنما الصدق استقامة في الأقوال والأفعال والأحوال فلا ينال درجة الصديقية كاذبٌ أبداًلا في قوله ولا في عمله ولا في حاله وفي الصحيحين من حديث بن مسعود رضي الله تعالى عنه عن النبي عليه افضل الصلاة والسلام وعلى اله وصحبه وسلم قال (إنَّ الصدق يهدي إلى البر و إن البرَّ يهدي إلى الجنة و إن الرجل ليصدُقَ حتى يكون صدِّيقاً و إن الكذب يهدي إلى الفجور و إن الفجور يهدي إلى الناروإن الرجل ليكذب حتى يكتب عند الله كذاباً) وعن الإمام الغزالي قديماً فقال ما نسوقه بتصرف ربما جاهد المريد نفسه حتى ترك الفواحش والمعاصي ثم ظن أنه قد هذب خلقه واستغنى عن المجاهدة وليس كذلك فإنَّ حسن الخلق هو مجموع صفات المؤمنين التي ذكرها الله سبحانه وتعالى في كتابه فمن أشكل عليه حاله فليعرض نفسه على الآيات فوجود جميع هذه الصفات علامة حسن الخلق و فقد جميعها علامة سوء الخلق ووجود بعضها دون البعض يدل على البعض دون البعض فليشتغل بحفظ ماوجده وتحصيل ما فقده هذا عن الخلق الحسن عموماً فإذا انتقلنا إلى موضوع الصدق وجدنا أن الله تبارك وتعالى بَيَنَ مراده لما قال(ليس البر أن تولوا وجوهكم قبل المشرق والمغرب ولكن البر من آمن بالله و اليوم الآخر والملائكة والكتاب والنبيين وآتى المال على حبه ذوي القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل والسائلين وفي الرقاب وأقام الصلاة وآتى الزكاة والموفون بعهدهم إذا عاهدوا والصابرين في البأساء والضراء وحين البأس أولئك الذين صدقوا وأولئك هم المتقون) فليس الصدق شيئاً يفهمه الواحد منا كما يهوى وإن العلة التي فينا هي فوات فقه شروط الصدق وأنها تلزم مجتمعة وأن الخلل في واحد منها ينسف الصدق كله فلا يكون عند المؤمن كذب أبدا ًفإن رأيت صائماً مصلياً ثم بعد ذلك يغش وبعد ذلك يسرق أو رأيت خافضَ رأسه ورافعه في المسجد ثم هو عن التحاكم إلى شرع الله سبحانه وتعالى معرض أو وجدت حاشر نفسه مع أهل التقوى0أو رأيت مُحبة لله ولرسوله ثم بعد ذلك لا تكون إلا أداة شيطان تبرجاً وعُرياً وإن رأيت من يحب الإسلام سيرة وتاريخاً وكتباً وسطوراً ثم لا يفهمه نظاماً و شريعة وعقيدة ودستوراً وإن رأيت من يفيض المال من بين يديه لأثاث و طعام و كساء و حذاء و في أهله أو جيرانه أوإخوانه من لا يملك نقيراً أو قطميراً وإن وجدت داعية إلى الله لا يلبس إلاحذاءً ثمنه يساوي مرتب ثلاثة موظفين هو قول الله تعالى (ليس البرَّ أن تولوا وجوهكم قبل المشرق و المغرب و لكن البرَّ من آمن بالله و اليوم الآخر و الملائكةوالكتاب والنبيين وآتى المال على حبه ذوي القربى واليتامى والمساكين و ابن السبيل والسائلين وفي الرقاب وأقام الصلاة وآتى الزكاة والموفون بعدهم إذا عاهدوا والصابرين في البأساء والضراء وحين البأس أولئك الذين صدقوا وأولئك هم المتقون) وفيه إشعار بأن من لم يفعل أفعالهم لم يصدق في دعواه الإيمان وقد أمر الله تعالى رسوله أن يسأله أن يجعل مدخله ومخرجه على الصدق فقال تعالى (وقل ربِّ أدخلني مُدخل صدق و أخرجني مُخرج صدق و اجعل لي من لدنك سلطاناً نصيرا) الغافل يستصعب الصدق و تميل نفسه مع الهوى و تغلبه الشهوة فيكذب و يظن في ذلك قدوم الخير و المصلحة كالأحمق الذي أشعل النار يوما في بيته فسر بضيائها ثم انتشرت فأحرقت البيت بصاحبه وكذا صاحب الكذب والانحراف خذ الراشي مثلاً يظن أنه بالرشوة يأخذ حقه وأوله أخذ حق ثم تعسير ثم زيادة تسعيرة الرشوة ثم رشاةٌ أعظم منه يطيحون به من الطريق فإما أن يدفع أكثر لينافسهم أو يعود إلى ما بدأ فيه وخذ المرتشي يظنُّ في هذا زيادة مالٍ عنده و أول الأمر ظاهره كذلك فإذا انتشرت نار الرشوة أصبح هو مضطراً إلى رشوة الباقين فيما ليس تحت نفوذه ولم يعد للمال قيمة ونزعت البركة منه فهو حرام و كل مال نبتَ من سحت فالنار أولى به وهذا المرتشي يعيش في الدنيا ملعوناً حقيراً و في الآخرة بما أعد الله لمثله من العصاة فأي خير في مثل هذا وقد لُعن الراشي والمرتشي في الصحيح من حديث النبي عليه أفضل الصلاة والسلام وعلى اله وصحبه وسلم(لعن الله الراشي والمرتشي والرائش الذي يمشي بينهما) وكذلك الأمر في كل مفاسد الحياة يظن الإنسان الربح في أولها وعاقبتها خراب ودمارهذا الربا يدافع عنه أهل الباطل و هو الكبيرة الوحيدة التي توعد الله عليها بما لم يتوعد به أصحاب أي ذنب آخر فقال تعالى (يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله و ذروا ما بقي من الربا إن كنتم مؤمنين * فإن لم تفعلوا فأذنوا بحرب من الله و رسوله و إن تبتم فلكم رؤوس أموالكم لا تَظلمون و لا تُظلمون) والكاذب على نفسه تسره قروش الربا فينطلق في الأرض مختالاً فخوراً ووحده شرع الله يضمن توازن الحياة حتى في أدق الأمور التي لا تخطر ببالنا وكلنا يعلم الحديث الشريف(الإيمان بضع و سبعون شعبة فأفضلها قول لا إله إلا الله و أدناها إماطة الأذى عن الطريق و الحياء شعبة من الإيمان) مناهج الأرض مهما اهتمت بإماطة الأذى عن الطريق تبقى قاصرة لا تفي بمتطلبات الآفاق الإيمانية لتقول أن الوجائب التي تقتل الأشجار من أذى الطريق الذي تدخل إزالته في شعب الإيمان و مناهج الأرض قديماً و حديثاً ما بلغت و لا تبلغ من الرقي أن تصل إلى آفاق الإسلام و النبي عليه افضل الصلاة والسلام وعلى اله وصحبه وسلم يقول (ما من مسلم يغرس غرساً أو يزرع زرعاً فيأكل منه إنسان أو طير أو بهيمة إلا كانت له صدقة). بل إن زرع الشجرة مطلب نبوي رشيد جاء في الحديث الصحيح(إذا قامت الساعة وفي يد أحدكم فسيلة فليغرسها) وتبلغ الآفاق بعداً إيمانيا حضارياً مذهلاً في حديث المصطفى عليه أفضل الصلاة والسلام وعلى اله وصحبه وسلم إذ يقول (لقد رأيت رجلاً يتقلب في الجنة في شجرة قطعها من ظهر الطريق كانت تؤذي الناس).و ما بين شهادة لا إله إلا الله و إماطة الأذى عن الطريق و زرع الأشجاروغرس الفسائل إذاقامت الساعة أفق حضاري عظيم عاشه المسلمون فما قامت في وجههم عقيدة منحرفة و لا مذهب باطل و ما كان ذلك إلا بالصدق و الاستمرار عليه فالإنسان مغرور فرداً كان أم جماعة و الصدق ينجيه فرداً كان أم جماعة الصدق ظاهرُ أوله شدة وأوله و نهايته خيروالكذب ظاهر أوله رحمة و أوله و آخره شقاء والصدق يفضح الكذب والحق يدمر الباطل مجرد التزامك بالحق هو نسف للباطل إنسان واحد لا يرتشي يفضح كل مرتش في الأمة إنسان واحد يتكلم بالحق يفضح كل دجال و منافق إنسان واحد لا يسرق يفضح كل سارق هذه معادلات إيمانية وعلى الإنسان أن يبذل ما يستطيعه ما تستطيعه اعمل له عليك بالصدق و الاستمرار به حتى تلقى الله عز و جل الصدق ينسف الباطل و لو لم تتحرش بالباطل فإنه ينهار و يتفتت لأنه أكذوبة ووهم نعيشه بما نجعل له في قلوبنا فمن علم ذلك انهارت عنده صورة الباطل و رأى ذلك ببصيرته قبل أن يراه ببصره وكل ذلك كان من الصدق الذي هو معجزة هذه العقيدة حملها القرآن إلى البشرية وعانقتها نفوس السابقين فسعدوا في الدنيا ويوم القيامة يقال لهم (هذا يوم ينفع الصادقين صدقهم لهم جناتٌ تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها أبداً رضي الله عنهم و رضوا عنه ذلك الفوز العظيم)0