عدد المساهمات : 4107 تاريخ التسجيل : 30/01/2009 العمر : 38 الموقع : المشرف علي المنتدي
موضوع: مختصر لواقح الأنوار للإمام الشعراني الخميس يونيو 18, 2009 10:37 am
مختصر لواقح الأنوار للإمام الشعراني
- أخذ علينا العهد العام من رسول الله صلى الله عليه وسلم أن : نكرم العلماء ونجلهم ونوقرهم ، ولا نرى لنا قدرة على مكافأتهم ولو أعطيناهم جميع ما نملك أو خدمناهم العمر كله .
وقد بلغنا عن الإمام النووي رحمه الله تعالى أنه دعاه يوما شيخه الكمال الإربلي رحمه الله تعالى ليأكل معه ، فقال : يا سيدي أعفني من ذلك فإن لي عذراً شرعياً فتركه ، فسأله بعض إخوانه ما ذلك العذر ؟ فقال : أخاف أن تسبق عين شيخي إلى لقمة فآكلها وأنا لا أشعر .
وكان رضي الله عنه إذا خرج للدرس ليقرأ على شيخه يتصدق عنه في الطريق بما تيسر ويقول : اللهم استر عني عيب معلمي حتى لا تقع عيني له على نقيصة .
فينبغي للطالب أن يخاطب شيخه بالإجلال والإطراق وغض البصر كما يخاطب الملوك ، ولا يجادله قط .
فإن الواجب على كل طالب أن يحفظ نفسه عن كل ما يغير خاطر شيخه في غيبته وحضوره .
وروى الأئمة أحمد والترمذي وابن حبان في صحيحه مرفوعاً : ﴿ ليس منا من لم يوقر الكبير ويرحم الصغير ﴾ وفي رواية للأئمة أحمد والطبراني والحاكم مرفوعاً : ﴿ ليس من أمتي من لم يجل كبيرنا ويرحم صغيرنا ويعرف لعالمنا حقه ﴾ وروى الطبراني مرفوعاً : ﴿ ثلاثة لا يستخف بهم إلا منافق ، ذو الشيبة في الإسلام ، وذو العلم ، والإمام المقسط ﴾ .
2- أخذ علينا العهد العام من رسول الله صلى الله عليه وسلم : إذا لم نعمل بعلمنا أن ندل عليه من يعمل به من المسلمين وسمعت سيدي علياً الخواص رحمه الله تعالى يقول : يتعين على كل من لم يعمل بعلمه أن يعلمه الناس ولمن يرجو عمله به .
وسمعته يقول : ما ثم عالم إلا وهو يعمل بعلمه ولو بوجه من الوجوه ما دام عقله حاضراً ، ولا يشترط في كون الإنسان عاملاً بعلمه عدم وقوعه في معصية كما يتبادر إلى الأذهان ، وإنما الشرط عدم إصراره على الذنب ، أو عدم إصراره على الإصرار وهكذا .
وروى مسلم وأبو داود والترمذي مرفوعاً : ﴿ من دل على خير فله مثل أجر فاعله أو قال عامله ﴾
وروى مسلم وغيره مرفوعاً : ﴿ من دعا إلى هدىً كان له من الأجر مثل أجور من تبعه لا ينقص ذلك من أجورهم شيئاً ﴾ .
3- أخذ علينا العهد العام من رسول الله صلى الله عليه وسلم أن : نكرم المساجد ولا نقضي الحاجة قريباً من أبوابها في غير الأمكنة المعدة لذلك تعظيماً وإجلالاً لله تعالى .
وكان سيدي علي الخواص رحمه الله تعالى إذا أراد أن يدخل المسجد يتطهر خارجه أو في بيته ولا يدخل قط محدثاً .
وقام له شخص مرة في المسجد فزجره زجرا شديداً وقال : إن العبد إذا عُظم في حضرة الله تعالى ذاب كما يذوب الرصاص حياء من الله تعالى أن يشاركه في صورة التعظيم والكبرياء .
4- أخذ علينا العهد العام من رسول الله صلى الله عليه وسلم أن : نحافظ على دوام الوضوء وعلى تجديده لنكون مستعدين لقبول الواردات الإلهية ، فإن صدقته تعالى على عباده لا تنقطع ليلاً ولا نهاراً .
والعلماء والصالحون أولى بالمواظبة على الطهارة .
ورأيت سيدي محمد بن عنان رحمه الله تعالى إذا كان في الخلاء وأبطأ عنه ماء الوضوء ضرب بيده على الحائط وتيمم حتى لا يمكث بلا طهارة وإن لم تجز له الصلاة بذلك التيمم .
وقد رأيت الشيخ تاج الدين الذاكر رحمه الله تعالى كلما يصلي بوضوئه صلاةً ما يجدد الوضوء ، وكان سيدي محمد بن عنان يقلل الأكل حتى لا يدخل الخلاء إلا قليلاً ، وكذلك بلغنا عن الإمام البخاري رحمه الله تعالى ، والإمام مالك رضي الله عنه فكان يأكل كل ثلاثة أيام أكلة واحدة ويقول : أستحي من ترددي للخلاء بين يدي الله عز وجل .
وروى ابن ماجه بإسناد صحيح والحاكم وابن حبان وصححاه مرفوعاً : ﴿ استقيموا ولن تحصوا أعمالكم ، واعلموا أن خير أعمالكم الصلاة ، ولا يحافظ على الوضوء إلا مؤمن ﴾ وروى أبو داود والترمذي وابن ماجه مرفوعاً : ﴿ من توضأ على طهر كتب الله له عشر حسنات ﴾ .
5- أخذ علينا العهد العام من رسول الله صلى الله عليه وسلم أن : نواظب على السواك عند كل وضوء وعند كل صلاة ، وقد بلغنا عن الشبلي رحمه الله تعالى أنه احتاج إلى سواك وقت الوضوء فلم يجده ، فبذل فيه نحو دينار حتى تسوك به ولم يتركه في وضوء ، فاستكثر بعض الناس بذل ذلك المال في سواك فقال : إن الدنيا كلها لا تساوي عند الله جناح بعوضة ، فماذا يكون جوابي إذا قيل لي لم تركت سنة نبيي ولم تبذل في تحصيلها ما خصك الله به من جناح البعوضة .
فلازم يا أخي السنة المحمدية لتجني ثمرة ثوابها في الآخرة ، فإن لكل سنة سنها رسول الله صلى الله عليه وسلم درجة في الجنة لا تنال إلا بفعل تلك السنة ، ومن قال من المتهورين : هذه سنة يجوز لنا تركها يقال له يوم القيامة : وهذه درجة يجوز حرمانك منها .
وقليل العمل مع الأدب خير من كثير العمل من غير أدب .
وقد كان سيدي إبراهيم الدسوقي رضي الله عنه يقول لقراء القرآن : إياكم والغيبة والتكلم بالكلام الفاحش ثم تتلون القرآن ، فإن حكم ذلك حكم من مس بألفاظ القرآن القذر ولا شك في كفره .
وقال الفضيل بن عياض وسفيان الثوري رضي الله عنهما : قد صار القراء يتفكهون في هذا الزمان بالغيبة وتنقيص بعضهم بعضاً فعظم يا أخي سنة نبيك صلى الله عليه وسلم واستغفر الله من استهانتك بتركها فإنك لو صرحت بالاستهانة كفرت ، وحكم الباطن عند الله تعالى في ذلك حكم الظاهر ، وروى البخاري وغيره مرفوعاً : ﴿ لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم بالسواك مع كل صلاة ﴾ وفي رواية مسلم : ﴿ عند كل صلاة ﴾ ورواية النسائي وابن ماجه وابن حبان : ﴿ لأمرتهم بالسواك مع الوضوء وعند كل صلاة ﴾ وروى أبو نعيم مرفوعاً بإسناد جيد ﴿ لأن أصلي ركعتين بسواك أحب إلي من أن أصلي سبعين ركعة بغير سواك ﴾ .