1- قالها نبي الرحمة والملحمة، الماحي العاقب، الرسول الخاتِم سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم شهادة على من أحجم وتخلف عن ركب النور، ركب القرءان، في أي زمن كانوا، سادة أو مستضعفين، حكاما جبابرة حاربوا كلام الله، أو محكومين مخذولين أصابهم الوهن ومانصروا القرءان. 2- وقالها صلى الله عليه وسلم أداءا للأمانة وبلاغا للرسالة ونصحا للأمة، وصدقا مع مولاه عزوجل. 3- وقالها رأفة بأمته ورحمة بهم، ومعرفة بالله ووحيا منه سبحانه، أن الوهن والغفلة والتيه قواطع ستصيبهم، فأسف عليهم وخاف وأشفق صلى الله عليه وسلم، هذه الروح المحمدية المحيطة بالعالمين رحمة وهديا، هي بالمؤمنين أرأف وأرحم وأرفق وأشفق: ﴿لَقَدْ جَاءكُمْ رَسُولٌ مِّنْ أَنفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُم بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُوفٌ رَّحِيمٌ {128}﴾ -سورة التوبة-. 4- وقالها صلى الله عليه وسلم افتقارا لله تعالى ومعذرة إليه وتبرءًا من حول النفس وقوتها، وطلبا لحول الله وقوته. 5- وقالها صلى الله عليه وسلم دعاءًا لله ورجاءًا فيه أن لايهجر كتابه الأتم الأكمل. 6- وقالها سيدنا محمد صلى الله عليه وآله سلم يقينا بالله تعالى أن مدرسة القرءان نورها لاينطفئ وبابها لايغلق وأهلها لايذهبون، حتى يأتي أمره سبحانه. وإن تمالأ خدام أنظمة الظلم والجور يمدون أيديهم الآثمة الغادرة سعيا حثيثا لإغلاق أبوابها ومطاردة وقهر معلميها: ﴿يُرِيدُونَ لِيُطْفِؤُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَاللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ{8}﴾ -سورة الصف-، وزادوا في أيامنا هاته أن رفعوا أيديهم بالمطارق يهوون بها على لافتة القرءان ليسقطوها في يوم الجمعة!، وقت الآذان ظهرا!، في موسم القرءان رمضان!، وبقرار من وزارة الداخلية والأمن الروحي! وبتسليم وشراكة وتفويض من وزارة شؤون الإسلام! 7- وقالها ربنا الكريم تعظيما لقدر نبيه الأمي صلى الله عليه وسلم، وإجلالا لشرفه وبيانا لحقيقة شوقه واشراقة حبه لربه عزوجل، هذا كمال الشوق لوجه الله العزيز الجليل، وذكرى لأهل الشوق وتعليما لهم وتأديبا، الله المولى موجود، وهذا كلامه بين يديك، فلم تهجره!؟، وهو تنبيه أيضا لغير أهل الشوق والحب وتحذير لهم، هذا عهدة رسوله الأمين سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم ورسالته ونوره الباقي في الأرض، مائدة السماء المكشوفة للعالمين، كلام الله، وحجة الله، ووحي الله، ورحمة الله التي وسعت العالمين القرءان. 8- وقالها الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم تعظيما لكلام الله تعالى ودلالة على مافيه من هدي ونور واشراق، وشمول وكمال البلاغ، وأنه غير مخصوص بقوم أو جيل أو قرن دون غيره، بل هو من عند ربنا ولكل الناس ولكل زمان، على هذا وجب تلقيه، وحي طري حديث العهد بربه إيمانا وتلاوة، فهما وتدبرا، علما وعملا، تعلما وتعليما: "مدرسة قرآنية متنقلة عبر الأجيال"، قطب رحاها ومفتاح بابها نموذج قرآني متجدد يمشي بين الناس بنور الله وهديه، قلب كامل الوراثة للعهدة المحمدية، دلالة على الله وإرشاد إليه، يفتح الله به وبمن معه، قومة ربانية تخلص الناس من عبادة الطاغوت لعبادة الله الحق الواحد القهار: ﴿هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولاً مِّنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِن كَانُوا مِن قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُّبِينٍ {2} وَآخَرِينَ مِنْهُمْ لَمَّا يَلْحَقُوا بِهِمْ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ {3} ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَن يَشَاءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ {4}﴾ -سورة الجمعة-. هو الذي أعطى وهو من وهب سبحانه، مَنَّ على الخلق بالرسالة وبالسراج الوهاج سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم: ﴿يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِداً وَمُبَشِّراً وَنَذِيراً {45} وَدَاعِياً إِلَى اللَّهِ بِإِذْنِهِ وَسِرَاجاً مُّنِيراً{46}﴾ -سورة الأحزاب -، نبينا محمد صلى الله عليه وسلم هوأصل النور والهداية الإلهية، هوالمعلم والمرشد المزكي الأول للخلق في زمانه ومن بعده، هو الروح الخفاقة في العالمين، هوالنموذج القرآني الأكمل "كان خلقه القرآن يرضى لرضاه ويسخط لسخطه" -أخرجه مسلم وأحمد وأبو داوود وغيرهم عن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها وصححه السيوطي-، فـ(الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَنزَلَ عَلَى عَبْدِهِ الْكِتَابَ وَلَمْ يَجْعَل لَّهُ عِوَجَا{1}) -سورة الكهف-، الحمد لله أن أرسل نبيه الأمي صلى الله عليه وسلم للعالمين بكلمته القرءان، الحمد لله أن أرسله وأيده بمفتاح الفاتحة، ونور محمد، وبيان طه، وتأييد يس، وسطعة النجم، وبشارة الفتح، ووعد الضحى، وأذان النصر، وعطية الكوثر، وكل الآي والسور، الحمد لله أن أكرمنا بأنوار القرآن وإعجازه الموحى وبلاغه المنزل المسطر.
أهل الله وخاصته
من هم أهل الله وخاصته؟ ما وصفهم؟ وكيف يكرمهم مولاهم ويكافئهم؟ الجواب عند رسول الله صلى الله عليه وسلم: 1- قال صلى الله عليه وسلم: "إن لله تعالى أهلين من الناس، أهل القرآن هم أهل الله وخاصته" / أخرجه أحمد في مسنده والنسائي وابن ماجة والحاكم في المستدرك عن أنس رضي الله عنه وصححه السيوطي. 2- وقال صلى الله عليه وسلم: "أَهْلُ الْقُرْآنِ هُمْ أَهْلُ اللّهِ وخَاصَّتُهُ" / أخرجه ابن ماجه وأحمد عنْ أنس رضي اللّه عنه. 3- وقال صلى الله عليه وسلم: "خيرُكُم مَن تعلَّم القرآن وعلَّمَه" / أخرجه البخاري والترمذي عن علي أحمد في مسنده وأبو داود والترمذي وابن ماجة عن عثمان ابن عفان رضي الله عنه وصححه السيوطي. 4- وقال صلى الله عليه وسلم: "أشراف أمتي حملة القرآن، وأصحاب الليل" / أخرجه الطبراني في الكبير والبيهقي في شعب الإيمان عن ابن عباس رضي الله عنهما. 5- وقال صلى الله عليه وسلم: "ثلاثة على كثبان المسك يوم القيامة لا يهولهم الفزع ولا يفزعون حين يفزع الناس: رجل تعلم القرآن فقام به يطلب وجه الله وما عنده، ورجل نادى في كل يوم وليلة خمس صلوات يطلب وجه الله وماعنده، ومملوك لم يمنعه رق الدنيا من طاعة ربه." / الطبراني في الكبير عن ابن عمر وحسنه السيوطي. 6- وقال صلى الله عليه وسلم: "الماهِرُ بالقٌرآن مع السَّفَرَة الكِرم البرَرة، والذي يقرأ القرآن وهو يتتعتَعُ فيه ، وهو عليه شاق ، فله أجران " / حديث متفق عليه (أخرجه البخاري ومسلم) وأبو داود وابن ماجة عن عائشة رضي الله عنها وصححه السيوطي. 7- وقال صلى الله عليه وسلم: "عدد درج الجنة عدد آي القرآن، فمن دخل الجنة من أهل القرآن فليس فوقه درجة" / أخرجه البيهقي في شعب الإيمان عن عائشة رضي الله عنها وحسنه السيوطي. 8- وقال صلى الله عليه وسلم: "يجيء القرآن يوم القيامة، فيقول يا رب حله فيلبس تاج الكرامة ثم يقول: يا رب زده فيلبس حلة الكرامة ثم يقول: يا رب ارض عنه فيرضى عنه فيقال اقرأ وارق ويزاد بكل آية حسنة (وفي رواية فيقال اقرأ وارق ورتل كما كنت ترتل في دار الدنيا فإن منزلتك عند آخر آية كنت تقرأها) / أخرجه الترمذي والحاكم عن أبي هريرة رضي الله عنه. 9- وقال صلى الله عليه وسلم: "أهل القرآن عرفاء أهل الجنة." / أخرجه الحكيم عن أبي أمامة رضي الله عنه.
نغم العارفين
يقول الأستاذ المرشد عبد السلام ياسين حفظه الله: ذكر الرجال القرءان والسماع حلاوة الصبيان، وسَأَلَ الامام الجنيد رضي الله عنه يوما بعض المريدين: "تحفظ القرآن؟ فقال: لا. فقال: واغوثا بالله! مريد لا يحفظ القرآن كأترجة لا ريح لها. فبما يتنغم؟! فبما يترنم؟! فبما يناجي ربه؟! أما تعلم أن عيش العارفين سماع النغم من أنفسهم وغيرهم". -من كتاب حلية الأولياء-. قال صلى الله عليه وسلم: "ما أذن الله لشيء ما أذن لنبي حسن الصوت يتغنى بالقرآن يجهر به" / متفق عليه (أخرجه البخاري ومسلم) وأحمد في مسنده ووأبو داود والنسائي عن أبي هريرة رضي الله عنه وصححه السيوطي. وقال الأستاذ المرشد عبد السلام ياسين في كتابه الشذرات: نَزَلَ الْهُدَى بِبِشَائِرِ الْقُــــرْآنِ *** لِلمُسْتَجِيبِ لِدَعْـوَةِ الْإِحْسَــانِ أُمِرَ الْوَرَى بِالْعَدْلِ فِي أَحْكَامِـهِمْ *** وَاسْتُنْهِضُوا لِمَـآدِبِ الْرَحْمَـانِ وَالْعَدْلِ فِي الْأَقْسَامِ: تُطْعِمُ سَـاغِيًا *** تَرْوِي لُغُـوبَ الْوَارِدِ الْظَّمْـآن