أيها الأخوة: النفوس الطيبة لا تألف الشقاق ولا تنسجم معه ، بل تعده بيئة ملوثة بعيدة عن الصفاء ، نافرة من النقاء ، ولذلك فهي لا تستظل إلا بأفياء الطهر ، ولا تأنس إلا بنسائم الأخوة ، ولا ترتاح إلا بين مروج الحب وأزهار الود ، ولذلك فإنك ترى أحدهم لا يقر له قرار حينما تعصف بالأحبة عواصف الشحناء ، أو تهب عليهم ريح البغضاء ، وسوف تراه كحمامة السلام لا تهجع إلا بعد أن تعيد إلى القلوب ألفتها ، وإلى النفوس صفاءها ، فيا برد فؤاد المصلح بين ذات البين ، ويا لطيب خاطره الشفوق .
إبدأ صلحَك بين أخويك بالدعاء أن يشرح الله قلبهما لهذا الخير ، فإن الله تعالى يقول : ( والصلح خير ) .
قرّب بين وجهات النظر ، وقلل من شأن نقاط الاختلاف ، وتودد لهما ، وأخبر كل واحد منهما بمحبة أخيه له ، وأنه لا يحمل في قلبه عداءً أو حقدًا عليه ، ولو كان ذلك بالكذب ، فإن النبي صلى الله عليه وسلم يقول : ( لَيْسَ الْكَذَّابُ الَّذِي يُصْلِحُ بَيْنَ النَّاسِ فَيَنْمِي خَيْرًا أَوْ يَقُولُ خَيْرًا ) رواه البخاري. وإصلاحك بين أخويك صدقة ، فلا تنس أن تحتسب الأجر فيها ، فهو سر التوفيق ، ومفتاح الإصلاح ، وسبيل القبول ، فإن النبي صلى الله عليه وسلم يقول : (كُلُّ يَوْمٍ تَطْلُعُ فِيهِ الشَّمْسُ : تَعْدِلُ بَيْنَ الِاثْنَيْنِ صَدَقَةٌ ) متفق عليه .