أضرار الغفلة والإعراض عن ذكر الله تعالى
بسم الله الرحمن الرحيم اللهم صلي علي سيدنا محمد واله وسلمما أمرنا الله سبحانه وتعالى ورسوله بشيء إلا وفيه الخير وما نهانا سبحانه وتعالى عن شيء إلا وفيه شر مستطير ؛ قوله {... فَمَا أَمَرْتُكُمْ به مِنْ أَمرٍ فَأْتُوا مِنْهُ مَا اسْتَطَعْتُمْ وَمَا نَهَيْتُكم عَنْهُ فَانْتَهُوا} سنن بن ماجه - الطبراني، وقد أمرنا الله سبحانه وتعالى في كثير من آياته بالذكر بل والإكثار من الذكر حيث قال: {وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيرًا وَالذَّاكِرَاتِ أَعَدَّ اللَّهُ لَهُم مَّغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا} الأحزاب/35 ولعظم فضل الذكر فإن الغفلة عنه ضرر عظيم وشر أعاذنا الله منه. وقال الحكيم الترمذي رحمه الله: ذكر الله يرطب القلب ويلينه فإذا خلا عن الذكر أصابته حرارة النفس ونار الشهوات فقسى ويبس وامتنعت الأعضاء من الطاعات . والإقلال من الذكر صفة من صفات المنافقين أعاذنا الله منها وذلك قوله تعالى:{إِنَّ الْمُنَافِقِينَ يُخَادِعُونَ اللّهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ وَإِذَا قَامُواْ إِلَى الصَّلاَةِ قَامُواْ كُسَالَى يُرَآؤُونَ النَّاسَ وَلاَ يَذْكُرُونَ اللّهَ إِلاَّ قَلِيلاً} النساء /142وهذا سببه قلة الذكر. ويؤيد هذا المعنى ما ذكره الإمام السيوطي في تفسيره ''الدر المنثور في التفسير بالمأثور'' عند تفسير الآية السابقة ما نصه: وأخرج ابن أبي شيبة وابن جرير وابن المنذر والبيهقي في شعب الإيمان عن الحسن {ولا يذكرون الله إلا قليلا} قال: إنما لأنه كان لغير الله. وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن قتادة {ولا يذكرون الله إلا قليلا} قال: إنما قل ذكر المنافق لأن الله لم يقبله، وكل ما رد الله قليل، وكل ما قبل الله كثير.. وأخرج ابن المنذر عن علي قال: لا يقل عمل مع تقوى، وكيف يقل ما يتقبل.
كما أن الإعراض عن ذكر الله تعالى جزاءه في الدنيا المعيشة الضنكه وفي الآخرة أن يحشر المعرض عن ذكر الله أعمى قوله تعالى: {وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى} طه/ 134 وفي ذلك قال بن كثير: فإن له معيشة ضنكا في الدنيا فلا طمأنينة له ولا انشراح لصدره بل صدره ضيق حرج لضلاله وإن تنعم ظاهره ولبس ما شاء وأكل ما شاء وسكن ما شاء فإن قلبه لم يخلص إلى اليقين والهوى فهو في قلق وشك وحيرة فلا يزال في ريبة يتردى فهذا من ضنك المعيشة، ويحشر يوم القيامة أعمى البصر والبصيرة أيضا كما قال تعالى: {ونحشرهم يوم القيامة على وجوههم عميا وبكم وصما مأواهم جهنم} الآية.والمعرض عن ذكر الله تعالى جزاءه يوم القيامة العذاب الشاق قوله تعالى {لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ وَمَن يُعْرِضْ عَن ذِكْرِ رَبِّهِ يَسْلُكْهُ عَذَابًا صَعَدًا''} الجن /17، وعن بن عباس رضي الله عنهما أنه جبل في جهنم. ذكره بن جرير الطبري وقد يجعله الله أداة صد للذاكرين عن ذكر الله ظاناً بهذا أنه المهتد.
ومن شديد التنكيل والتعذيب لهذا المعرض عن ذكر الله أن الشيطان له قرين يضله في الدنيا ويكون معه حتى يدخله النار قوله تعالى {وَمَن يَعْشُ عَن ذِكْرِ الرَّحْمَنِ نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطَانًا فَهُوَ لَهُ قَرِينٌ vوَإِنَّهُمْ لَيَصُدُّونَهُمْ عَنِ السَّبِيلِ وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُم مُّهْتَدُون vحَتَّى إِذَا جَاءنَا قَالَ يَا لَيْتَ بَيْنِي وَبَيْنَكَ بُعْدَ الْمَشْرِقَيْنِ فَبِئْسَ الْقَرِينُ}(38,37,36 الزخرف) قال بن كثير في تفسيره: قال عبد الرزاق أخبرنا معمر عن سعيد الجريري قال بلغنا أن الكافر إذا بعث من قبره يوم القيامة شُفع بيده شيطان فلم يفارقه حتى يصيرهما الله تعالى إلى النار وذلك حتى يقول يا ليت بيني وبينك بعد المشرقين فبئس القرين