أقوال العلماء بالله في فضل الذكر
عبد الله بن عباس (رضي الله عنهما):
قال عبد الله بن عباس رضي الله عنهما: (لم يفرض الله تعالى على عباده فريضة إلا جعل لها حداً معلوماً، ثم عذر أهلها في حال العذر، غير الذكر ؛ فإنه لم يجعل له حداً ينتهي إليه، ولم يعذر أحداً في تركه إلا مغلوباً على عقله، وأمرهم بذكره في الأحوال كلها، فقال عز من قائل: {فاذكُروا اللهَ قياماً وقعوداً وعلى جُنُوبِكُم} [النساء: 103]. وقال تعالى: {يا أيها الذين آمنوا اذكروا الله ذكراً كثيراً} [الأحزاب: 41] أي بالليل والنهار، وفي البر والبحر، والسفر والحضر، والغنى والفقر، وفي الصحة والسقم، والسر والعلانية، وعلى كل حال) ["نور التحقيق" ص147].
ابن عطاء الله السكندري:
قال سيدي ابن عطاء الله السكندري: (الذكر هو التخلص من الغفلة والنسيان بدوام حضور القلب مع الحق، وقيل: ترديد اسم الله بالقلب واللسان، أو ترديد صفة من صفاته، أو حكم من أحكامه، أو فعل من أفعاله، أو غير ذلك مما يُتقرَّبُ به إلى الله تعالى) ["مفتاح الفلاح" ص4 لابن عطاء الله السكندري المتوفى 709هـ].
الإمام أبو القاسم القشيري:
قال الإمام أبو القاسم القشيري رضي الله عنه:[/ (الذكر منشور الولاية، ومنار الوصلة، وتحقيق الإرادة، وعلامة صحة البداية، ودلالة النهاية، فليس وراء الذكر شيء ؛ وجميع الخصال المحمودة راجعة إلى الذكر ومنشؤها عن الذكر).
وقال أيضاً: (الذكر ركن قوي في طريق الحق سبحانه وتعالى، بل هو العمدة في هذا الطريق، ولا يصل أحد إلى الله تعالى إلا بدوام الذكر) ["الرسالة القشيرية" ص110].ابن قيم الجوزية:
قال ابن قيم الجوزية: (ولا ريب أن القلب يصدأ كما يصدأ النحاس والفضة وغيرهما، وجلاؤه بالذكر، فإنه يجلوه حتى يدعه كالمرآة البيضاء، فإذا تُرك صدىء، فإذا ذكر جلاه. وصدأ القلب بأمرين: بالغفلة، والذنب ؛ وجلاؤه بشيئين: بالاستغفار والذكر. فمن كانت الغفلة أغلب أوقاته كان الصدأ متراكماً على قلبه، وصدؤه بحسب غفلته. وإذا صدىء القلب لم تنطبع فيه صور المعلومات على ما هي عليه ؛ فيرى الباطل في صورة الحق، والحق في صورة الباطل، لأنه لمَّا تراكم عليه الصدأ أظلم فلم تظهر فيه صور الحقائق كما هي عليه. فإذا تراكم عليه الصدأ، واسودَّ، وركبه الرانُ فَسَدَ تصورُه وإدراكه فلا يقبل حقاً، ولا ينكر باطلاً، وهذا أعظم عقوباتِ القلب. وأصل ذلك من الغفلة واتباع الهوى، فإنهما يطمسان نور القلب ويعميان بصره.
قال تعالى: {ولا تطعْ مَنْ أغفلْنا قلبَه عن ذكرِنا واتَّبَعَ هواه وكان أمرُهُ فُرُطاً} [الكهف: 28]) ["الوابل الصيب من الكلم الطيب" لابن قيم الجوزية المتوفى سنة 751هـ ص52].
فخر الدين الرازي:
قال العلامة فخر الدين الرازي في تفسيره عند قوله تعالى: {ولله الأسماء الحسنى....} [الأعراف: 180]: (إن الموجب لدخول جهنم هو الغفلة عن ذكر الله تعالى، والمخلِّص من عذاب جهنم هو ذكر الله تعالى، وأصحاب الذوق والمشاهدة يجدون من أرواحهم أن الأمر كذلك، فإن القلب إذا غفل عن ذكر الله، وأقبل على الدنيا وشهواتها، وقع في باب الحرص وزمهرير الحرمان، ولا يزال ينتقل من رغبة إلى رغبة، ومن طلب إلى طلب، ومن ظلمة إلى ظلمة، فإذا انفتح على قلبه باب ذكر الله ومعرفة الله تخلِّص من نيران الآفات، ومن حسرات الخسارات، واستشعر بمعرفة رب الأرض والسموات) [تفسير الفخر الرازي ج4/ص472].
أحمد زروق:
يقول أحمد زروق رحمه الله في قواعده: (الخواص ثابتة في الأقوال والأفعال والأعيان، وأعظمها خواص الأذكار، إذ ما عمل آدمي عملاً أنجى له من عذاب الله من ذكر الله، وقد جعلها الله للأشياء كالأشربة والمعاجين في منافعها ؛ لكلٌّ ما يخصه. فلزم مراعاة العام في العموم، وفي الخاص مما يوافق حال الشخص) ["قواعد التصوف" لأحمد زروق ص37].
أحمد بن عجيبة:
قال أحمد بن عجيبة: (لا يكون الفتح على تحقيق العبد بمقام الرضا إلا بعد تحققه بثلاثة أمور في بدايته:
1ـ الاستغراق في الاسم المفرد [الله] و(هذا خاص بالمأذونين بذكر الاسم من مرشد كامل).
2ـ صحبته للذاكرين.
3ـ تمسكه بالعمل الصالح الذي لم يتصل به شيء من العلل، وهو التمسك بالشريعة المحمدية) ["تجريد شرح الأجرومية" لابن عجيبة ص29].
~*¤ô§ô¤*~*¤ô§ô¤*~والخلاصة:~*¤ô§ô¤*~*¤ô§ô¤*~
إن جميع المربين والمرشدين الكاملين قد نصحوا السالكين في سيرهم إلى الله وأبانوا لهم أن الطريق العملي الموصل إلى الله تعالى وإلى رضوانه هو الإكثار من ذكر الله في جميع الحالات، وصحبةُ الذاكرين، لأن أنفاس الذاكرين تقطع شهوات النفس الأمَّارة بالسوء.