أول شهيدة في الإسلام
أول شهيدة في الإسلام
اجتمعت قريش ذات يوم لأمر عظيم حين أنتصف النهار ، زعم لها أبو جهل أنه بلغ من ياسر وأهله ما يريد ؛ فقد عذبهم حتى أشفوا على الموت ، ولن يتركهم حتى يذكروا آلهة قريش بخيرٍ ويقعوا في محمد بما يكره ، قال عتبة بن ربيعة : هيهات يا أبا الحكم ؛ أن ياسر رجل جلد وأنه ما علمت ليؤثر الموت على أن يبلغك ما ترضى ، قال أبو جهل ؛ فإن ذكر آلهتنا بخير وذكر محمد بسوء ؟ قال عتبة بن ربيعة : هيهات يا أبا الحكم ، إنما هي أمانيٌ ، وما أرى إلا أنك قد أزمعت على نفس هذا الشيخ . قال أبو جهل : فإن ذكر آلهتنا بخير وذكر محمد بسوء ؟ قال عتبة فلك عشرون من الإبل . قال شيبة بن ربيعة : ولك مني مثلها قال أبو جهل : أن مالكما عليكما لهين . قال عتبة : فإن أتيت على نفس ياسر ..قال شيبة : دون أن تبلغ منه ما تريد ونريد ؟ قال أبو جهل : فأحتكما إذن . قال عتبة : لن نحتكم ولن نرزأك في مالكا شيئاً ، وحسبنا أن تظهر من نفسك عنادها . وأقبل الذين أستخفتم هذه المخاطرة فشهدوا عذاب ياسر وسمية وعمار .
ولم تر قريش من العذاب في مكة مثل ما رأت ذلك اليوم ، ولكنها على ذلك لم تظفر بشيء مما أملت . أقبل أبو جهل ومعه أصاحبه ، فرأى الناس أنطاعاً من أدمٍ ، يسع كل نطعٍ رجلاً وقد ملئت ماء ، ورأوا ناراً مؤججة و مكاوى قد أحمر عليها ، ورأوا تلك الأسرة قد شد وثاق كل منها ، وألقي ثلاثتهم في جانب الطريق كما يلقى المتاع غير ذي الخطو . فلما بلغ أبو جهل وأصحابه مكان العذاب أمر غلمانه فوضعوا بين يدي ياسراً وسميةَ وعماراً ، وألسنتهم لا تفتر عن ذكر الله ، فألهب أجسامهم بالسياط ، ثم أذاقها مس النار ، ثم صب عليها الماء ثم عاد فيهم سيرته تلك مرةً ومرةً ، ثم أمر فغطو في الانقطاع التي ملئت ماء حتى انقطعت أنفاسهم أو كادت ، ثم ردهم إلى الهواء ، وأنتظر بهم حتى أفاقوا ، وتسمع لما ينطقون به بعد أن ثاب إليهم شيء من قوةٍ ، فإذا هم يذكرون الله ويثنون على محمدٍ . قال أبو جهل لسمية وقد بلغ منه الغيظ حتى أقصاه ، لتذكرون آلهتنا بخير ولتذكرون محمداً بسوءٍ أو تموتين . تعلمي أنك لن تري مساء هذا اليوم إلا أن تكفري بمحمد وربه . قالت سمية بصوت هادئ منقطع قليلاً : بوساً لك ولآلهتك ! وهل شيء أحب إلي من الموت الذي يريحني من النظر إلى وجهك القبيح ؟ فجعل يضرب بطن سمية برجله ، وهي تقول له في صوتها المتقطع : بوساً لك ولآلهتك ! ويجن جنون أبي جهل فيطعن سمية بحربة كانت في يده ،فتشهق شهقةً خفيفة ثم تكون أول شهيدة في الإسلام .
مع تحيااااااااات