كتاب الانوار السنية لسيدى عبد السلام الاسمر
كتاب الانوارالسنية والمنن البهية فى طريق أهل الله الصوفية المسماة بالطريقة العروسية الشاذلية
تأاليف العالم الربانى الفقيه المحدث مربى المريدين ومرشد الطالبين القطب الغوث الشيخ عبدالسلام الاسمر الفيتورى الحازمى الطرابلسى.
احضر النسخة الخطية الشيخ الجعفرى من طرابلس من مكتبة سيدى حمودة رضى الله عنه وقام بطباعتها وتصحيحها
حقوق الطبع محفوظة للمصحح 1384ه-1964م
--------------------------------------------
دار الطباعة المحمدية بالازهر بالقاهرة
-----------------------------------------------------------------------------------------------------------
بسم الله الرحمن الرحيم
وصلى الله على سيدنا وملانا محمد وسلم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف المرسلين سيدنا محمد خاتم النبيين وبعد: فيقول العبد الفقير لله تعالى عبد السلام بن سليم الفيتوري الطرابلسي ختم الله له بالشهادة وجعل له السعادة آمين: نور الله قلب وقلوبكم أيها المريدين استخرت الله عز وجل أن أذكر سندي المتصل إلى خير البرية الحالي بالتعلق بالرجال إلى أن ينتهي إلى الهاشمي سيدنا محمد مولى الإكمال والجمال المبعوث بالرسالة صلى الله عليه وسلم وعلى آله وأصحابه أجمعين والتابعين وتابع التابعين بإحسان إلى يوم الدين.
وأن أذكر هنا ما يسر الله جمعه رسالة لطيفة سميتها الأنوار السنية في سندي للطريقة العروسية وفي التحدث بالنعم التي أنعم الله بها علي.
فأقول بعد انتهائي من حفظ القرآن ومعرفة ما يصلح بي من أمر ديني توجه بي عمي أحمد الفيتوري رحمه الله إلى الشيخ الكبير الشهير بالولي الصالح الإمام القدوة أبي محمد عبد الواحد بن محمد الدوكالي الزعفراني دارا وقبرا بمسلاته من عمل طرابلس الغرب ففرح بي فرحا عظيما وقال مرحبا بأبي العباس وابن أخي عبد السلام بن سليم وذكر نسبي إلى النبي صلى الله عليه وسلم من أبي وأمي ولقنني الذكر وأذن لي في الصحبة والنسبة إليه والتزمني حتى قال اعتمادا على فضل بعد اعتذاره بالتقصير وكان من الخائفين الله كثيرا وألبسني الخرقة وقلنسوة من قلنسواته ومرقعة من مرقعاته وأمرني بالمكث فخدمته فمكثت عنده سبع سنين مجدا في خدمته إلى أن فتح الله علي بمنه وكرمه على يديه وهو أستاذي ووسيلتي إلى ربي وعنه أخذت ومنه انتفعت. والحال أن كل من لم يكن له أستاذ يصله بسلسلة الاتباع ويكشف له عن قلبه القناع فهو في هذا الشأن كاللقيط لا أب له ولا داع ينتسب إليه فإن لم يكن له نور فالغالب له غلبة الحال والغالب عليه وقوفه مع ما يرد من الله إليه لم ترضه سياسة التأديب والتهذيب
والعجب مما رأيت من بعض الجهلة يزعمون انهم فقراء فإذا رأوا أحد يريد الانتساب إلى شيخ معين من شيوخ العصر يمنعونه منه ويقولون له بجهله أنت يافلان لا تحتاج إلى شيخ فنحن نكفل عنه فإن طريقتنا لا تحتاج إلى شيخ بل إذا اجمتع ثلاثة منا ولقنوك الذكر اكتفيت لاحول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم وإنا لله وإنا إليه راجعون
فهذا لا يصلح أن يقول به مسلم إلا جاهلا غير معتد به فكيف هذا وقد قالت المشايخ الكمل: إن من لم يكن له شيخ فالشيطان شيخه لأن شيخ التربية واجب متأكد في حق كل فقير ولو بلغ ما بلغ.وقد ذكر الشيخ العارف بالله حجة الإسلام إمام الصوفية أبو القاسم الجنيد رحمه الله لا بد للفقير من الأخذ عن شيخ فارغ من تأديب نفسه وكذا الشيخ الإمام أبو حامد الغزالي في بداية الهداية له قال إن المريد إذا لم يكن له شيخ لا يجيء منه كالشجرة التي تبنت بنفسها لا يتم نتاجها.
قلت نحن أستاذنا وإمامنا ووحيد وقته سيدنا ومولانا عبد الواحد الدوكالي المذكور قدس الله سره ونوره ضريحه وهو الذي اقتبسنا من نوره وسلكنا على منهاج آثاره وهو الذي أسرع باسرارنا حتى لقننا وفتق ألسنتنا حتى نطقنا بكل حكمة وغرس عرائس العرفة في قلوبنا فأينعت ثمراتها وفاحت زهراتها وهو الذي بفضل الله وعدلنا وبالكلام في العلمين أشار لنا إذ قال لي فما تعمل بعد اليوم مليح فأنا لا أنتسب إلا إليه ولا أعتمد في هذا الشأن إلا عليه. فمن نسبنا إلى غيره في الإرادة فهو بأمره جاهل أو عالم متجاهل إذ هو الذي أولاني رؤية الرسول ألفي مرة صلةات الله وسلامه عليه.
قال ابن عطاء الله رحمه الله ونفع به ومن نسب تلميذا إلى غير أستاذه فكمن نسب ولدا إلى غير أبيه وهذه الأبوة لعلها أحق أن يراعى نسبها ويحفظ سببها إذ تلك الأبوة إلى هذه وهذه لا تفتقر إلى تلك لأن هذه الطريقة طريقة الأنبياء والمرسلين وأكابر الصديقين وهي المقام الأكمل والمنهج الأفضل فمن نسبنا إلى غير هذا الإمام مع العلم بنسبنا فهو مكابر ومعاند من نسبنا إلى غيره مع الجهل بنسبنا أيضا على غير سبيل الرشد حايدا مخالفا لأمر ربه غير مراقب لقلبه ألم تسمع لقول الله تعالى (ولا تقف ما ليس لك به علم) الآية
والله أسأل أن يحقق نسبنا بهذه الطائفة العروسية المستندة للشاذلية وأن يتوفانا على محبتهم وأن يجعلنا دارجين على مدرجتهم وأن يزدنا منهم ودا وأن يجعلنا ممن لا ينقض لهم عهدا بمنه ولطفه إنه جواد كريم قوي متين
وهذه أسانيد أخذ التلقين وأخذ الخرقة
الحمد لله وصلى الله على سيدنا ومولانا محمد النبي الكريم وعلى آله وصحبه وسلم تسليما دائما أبدا إلى يوم الدين فأقول وبالله التوفيق أما التلقين فأخذته عن أستاذي عبد الواحد بن محمج الدوكالي المذكور وسيدي عبد الواحد أخذه عن شيخه فتح الله بن فتح الله بن سعيد الشهير بأبي راس القرزاني مولدا الساحلي دارا البرناوي قبرا الجعبري نسبا وهو أخذ عن الشيخ أبي العباس أحمد بن أبي عبد الله الساحلي مولدا القرواني دارا وقبرا العبدري نسبا الشهير بأبي تلييس عن الشيخ أبي الفتح الأمي المحمدي عبد الله أبي راوى بن الفتح علي الشهير بالوصدي دفين مدينة سوسة القلعي مولدا اللواتي نسبا عن الشيخ الكبير العارف بالله سيدي أحمد بن محمد بن عبد الله بن أبي بكر ابن عروس الشهير بابن الهواري التميمي نسبا التونسي دارا وقبرا عن الشيخ العابد الزاهد معين الدين ياقوت بن عبد الله عرف العرشي الحبشي مولدا ومنشئا الإسكندراني قبرا عن الشيخ القدوة الإمام الكامل المتبع سيدي أبي العباس أحمد بن عمر المرسي الإسكندراني دارا وقبرا عن الشيخ الولي الصالح الجامع بين الطريقة والحقيقة أبي الحسن علي بن عبد الله بن عبد الجبار الشهير بالشاذلي دفين عيذاب عن الشيخ الكبير قطب دائرة العلا عبد السلام بن أبي بكر بن مشيش عن الشيخ عبد الرحمن الزياتي المدني وعن العطار عن الشيخ تقي الدين عن فخر الدين عن نور الدين عن تاج الدين الشهير بالعلي (بضم العين وكسر اللام) عن شمس الدين أبي الحسن القزويني عن إبراهيم البصري عن أحمد المرواني عن سعيد عن فتح السعودي عن سعد الغزواني وعن الصافي عن جابر عن السيد الشريف الحسن السبط عن أبيه علي بن أبي طالب رضي الله عنه عن المصطفى نور الوجود سيد الكونين والثقلين سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم وعلى آله وأتباعه أجمعين ثم عن جبريل عن رب العالمين.
إخواني اعلموا رحمكم الله أن هذه الطريقة العروسية الراجعة إلى الشاذلية هي أقرب الطرق إلى الله وهي لبها فمن حلف بالله أن هذه الطريقة الشاذلية هي التي كانت عليها بواطن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم. فهو بار في يمينه ولم يحنث .
وكان سيدي فتح الله أبو راس المذكور يقول لا سيرة إلا شامية ولا طريقة إلا عروسية. وصح عن سيدي أبي العباس المرسي أنه كان يقول طريقتنا هذه التي هي الشاذلية لا تنسب للمشارقو ولا للمغاربة بل هي من واحد عن واحد إلى الحسن بن علي بن أبي طالب رضي الله عنهم, وكان سيدنا علي هو أول الأقطاب ثم ابنه الحسن بعده في القطبانية رضي الله عنهما ولنرجع إلى الكلام على سيدي فتح الله العجمي أنه لما توفي شيخه ياقوت العرشي تتلمذ للشيخ صدر الدين الناكوري ودخل طريقته وخدمه مدة بطرق إرادة كالأولى وانتفع منه انتفاعا رضي الله عنه وأرضاه ونص كلامه الحمد لله وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم يقول العبد الفقير لله فتح الله بن يوسف العجمي الخراساني لما توفي شيخنا كبير القدر ياقوت العرشي رضي الله عنه ونفعنا به وبأسراره آمين أخذت هذه الطريقة الثانية الأدهمية على سبيل الإرادة عن الشيخ صدر الدين الناكوري وهو أخذها عن نصير الدين محمود الأوهى عن نظام الدين الشيخ زيد الخالدي عن فريد الدين الشكركنجي عن معين الدين الحبشي عن عثمان الهروي عن حاجي بن حاجي شريف الزندي عن خاله مورود بن يوسف عن أبيه محمد بن سمعان عن أبيه سمعان عن خاله محمد بن احمد أبدال عن خاله أبي أحمد عن فرشنافه عن أبيه إبي إسحاق إبراهيم الشامي الشافعي عن ممشاد الدينوري عن هبيرة البصري عن حذيفة المرعشي عن الشيخ الكبير الشهيد أبي إسحاق إبراهيم بن أدهم بن الزجاج عن الفضيل بن عياض عن عبد الواحد بن زيد عن الكميل بن زياد عن على بن أبي طالب رضي الله عنه عن سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم وآله وصحبه والتابعين وتابعي التابعين ثم عن جبريل عن رب العالمين
قيل ان لسيدنا أبي الحسن الشاذلي طريقتين طريقة إرادة وطريق تبرك فأما طريقة الإرادة فهو ما تقدم عن ذكره عن سيدي عبد السلام بن مشيش إلى سيدنا محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم عن جبريل عن رب العالمين وأما طريقة التبرك فعن الشيخ أبي عبد الله محمد بن علي بن حرزهم عن الشيخ أبي محمد صالح بن منظار عن الشيخ أبي مدين شعيب أبي الحسن الأنصاري عن الشيخ أبي يعزى عن الشيخ أيوب بن سعيد السارية عن الشيخ أبي محمد فلتوز عن الشيخ أبي ذر عبد الجليل عن الشيخ أبي محمد عبد الله عن سبرة عن والده عن أبيه الحسن الثوري رفيق الجنيد عن سري السقطي عن معروف الكرخي عن داود الطائي عن حبيب العجمي عن الحسن البصري عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه عن سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم.
فعلى هذا طريق الشاذلية مدينية لاتصال السند بأبي مدين.
وعلم أيها الناظرلهذا الجامع أن سلسلة الأشياخ متصلة غير منفصلة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم
ولسيدي أحمد بن عروس المذكور طريقة اخرى أخذها بعد مفارقتهلأستاذه فتح الله العجمي وكان شيخه فيها سيدي محمد المجاهدي وهي تبرك لا إرادة وذلك بسلسلة ممتدة فأقول : اخذ سيدي أحمد بن عروس عن سيدي محمد المجاهدي المذكور عن أبي الحسن علي بن وستان عن أبي النجا سالم العنابي عن سلمان الجزار عن مسعود القسنطيني عن أبي علي الجنيانيي عن سيدي محمد الحنفي عن حمزة البسكري عن تاج الدين أحمد بن عطاء الله عن أبي العباس المرسي عن الشيخ أبي الحسن الشاذلي وهكذا من شيخ إلى شيخ كما تقدم إلى النبي صلى الله عليه وسلم عن جبريل عن رب العالمين.
وزاد ابن عروس بعد ذلك طريقة ثالثة عن سيدنا أحمد الخضر عليه السلام عن رسول الله عن رب العالمين وسيدي أحمد بن عروس هذا أستاذي في لبس الخرقة عن الشيخ أبي النور البونيدي في لبس الخرقة كما سيأتي إن شاء الله وبالله التوفيق.
ولنرجع إلى الكلام على شيخنا عبد الواحد الدوكالي المذكور وأستاذه في لبس الخرقة من سيدي احمد بن عقبة الحضرمي فكاه هو ألبسها إياه وهو لبسها من سيدي أبي النور البو نيدي وهو لبسها من سيدي عبد العزيز المصري وهو لبسها من سيديأبي خوازم وهو لبسها من أبي بكر بن العربي وهو لبسها من إمام الخرمين الغزالي وهو لبسها من إمام الحرمين أبي المعالي وهو لبسها من أبي طالب المكي وهو لبسها من أبي القاسم الجنيد وهو لبسها من خاله سري السقطي وهو لبسها من معروف الكرخي وهو لبسها من داود الطائي وهو لبسها من حبيب العجمي وهو لبسها من الحسن البصري وهو لبسها من أبي الحسن علي بن أبي طالب رضي الله عنه وهو لبسها من رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلى آله وأصحابه أجمعين والتابعين وتابع التابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين.
فهذا الإسناد في القنسوة التي لبسها سيخنا عبد الواحد وألبسني إياها
وأما المرقعة التي ألبستي إياها بعد القلنسوة قال لبستها من الشيخ عبد الدايم بن عساكر وهو لبسها من الهريوشي وهو لبسها من أبي عبد الله المغربي وهو لبسها من سيدي محمد الصفار وهو لبسها من سيدي محمد المقدسي وهو لبسها منسيدي عبد الرحمن القرشي وهو لبسها منسيدي يوسف العجمي وهو لبسها من نجم الدين الأصبهاني وهو لبسها من نور الدين عبد الصمد النضري وهو لبسها من نجيب الدين علي بن يرعوش التيساراني وهو لبسها من شهاب الدين السهروردي وهو لبسها من سيدي السود الدينوري وهو لبسها منالشيخ ممشاد الدينوري وهو لبسها من الشيخ أبي القاسم الجنيدي وهو لبسها من جعفر الحداد وهو لبسها من أبي عمر الإصطخري وهو لبسها من شقيق البلخي وهو لبسها من إبراهيم بن أدهم وهو لبسها من موسى بن زيد الراعي وهو لبسها من أويس القنري وهو لبسها من أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنهم وهما لبساها من رسول الله صلى الله عليه وسلم ومجد وكرم.