عدد المساهمات : 4107 تاريخ التسجيل : 30/01/2009 العمر : 37 الموقع : المشرف علي المنتدي
موضوع: نصائح ومواعظ الزمخشرى مقامة الزهد الثلاثاء يوليو 14, 2009 9:17 am
مقامة الزهد يا أبا القاسم ما لكَ لا ترفضُ هذهِ الفانيةَ رفضاً. ولا تنفضُ يديكَ عن طلبِها نفضاً. ألمْ ترَ كيفَ أبغضَها اللّه وأبغضَها أنبياؤهُ. ومقتَها أولياؤهُ. ولوْلا استيجابُها أن تكونَ مرفوضة لوزَنَت عندَ اللّه جناحَ بعوضةْ. إن راقسيدنا محمد صلى الله علية وسلم رُواؤها الجميلُ فما وراءهُ مشوَّهْ. ما هَيَ إلا اسمٌّ ذُعافٌ بالعسل مموَّه. منغّصةُ المسارّ لمْ تخلُ من أذى. مطروقةُ المشارب لم تصفُ من قَذَى معَ كلِّ استقامةٍ فيها اعوجاجْ. وفي كلِّ دَعةٍ منَ المشقّة مِزاجْ. شهدُها مشفوعٌ بإبرِ النّحلِ. رُطبها مصحوبٌ بسلاّء النّخلِ. أمامَ الظفرِ بغنيمتها الاصطلاءُ بنارِ الحرْب. قبلَ اعتناقِ سيبِها معانقةُ أبناءِ الطعنِ والضرْب. اذكرِ المرْواني وما مُني به من خطّةٍ على رأسهِ مصبوبهْ، حين َغُصّتْ بحبةِ الرمّان حُبابتهُ المحبوبةُ. ثمَّ هَبها مُروَّقة المشاربْ. مصفّقةً من الشوائبِ. قدْ صفتْ لصاحبِها كلُّ لذَّة. وأظلّتهُ سحابةُ اللهوِ هاطلةً مُرذَّه. أما يكفي تيقُّنُ المسرورِ بزوالِ ما هو فيه منغّصاً لسرورِها. وزاجراً للعاقلِ أن يلوِي على غرورِها. بلى إنْ نزلَ اللبيبُ على قضيةِ لُبّه. إن دَعاهُ داعي الشهوةِ لم يلبّه. وهيهاتَ إنَّ مدعوَّ الهوى لمجيب. وإنَّ سهمَ دعوةِ الدَّاعي لمصيب. اللّهمَّ إلا عبداً بحبلِ اللّه يعتصمْ. ويتمسّكُ بعروتهِ التي لا تنفصمْ. طوبَى لعبدٍ بحبلِ اللّه معتصمهْ ... على صراطٍ سويٍّ ثابتٍ قدمُهْ.
رثِّ اللباسِ جديدِ القلبِ مُستترٍ ... في الأرضِ مشتهرٍ فوقَ السماءِ سِمُه. إذا العيونُ اجتلتهُ في بذاذتهِ ... تعلو نواظُرها عنهُ وتقتحمهُ. ما زالَ يستحقرُ الدُّنيا بهمتهِ ... حتى ترقَّتْ إلى الإخرى بهِ همَمُه. فذاكَ أعظمُ من ذي التاج متّكئاً ... على النّمارقِ محْتَفاً بهِ حشمهُ.