عادل محمد زايد
عدد المساهمات : 4107 تاريخ التسجيل : 30/01/2009 العمر : 37 الموقع : المشرف علي المنتدي
| موضوع: الفرق بين الكرا مات والمعجزات الأحد مارس 08, 2009 2:11 pm | |
| وكان رحمه الله يقول:" من الفرق بين المعجزات والكرامات: أن الأنبياء عليهم السلام مأمورون بإظهارها، والوليّ يجب عليه سترها وإخفاؤها، والنبي صلى الله عليه وسلم يدعى ذلك ويقطع القول به، والولي لا يدعيها ولا يُقطع بكرامته، لجواز أن يكون ذلك مكراً ". وقال أوحد فنه في وقته القاضي أبو بكر الأشعري رضي الله عنه:" إن المعجزات تختص بالأنبياء، والكرامات تكون للأولياء كما تكون للأنبياء، ولا تكون للأولياء معجزة؛ لأن من شرط المعجزة اقتران دعوة النبوة بها، والمعجزة لم تكن معجزة لعينها، وإنما كانت معجزة لحصولها على أوصاف كثيرة، فمتى اختل شرط من تلك الشرائط، لا تكون معجزة. وأحد تلك الشرائط: دعوة النبوة، والولي لا يدعي النبوة، فالذي يظهر عليه لا يكون معجزة " .. وهذا القول الذي نعتمده ونقول به، بل ندين به. فشرائط المعجزات، كلها أو أكثرها، توجد في الكرامة إلا هذا الشرط الواحد. وليس كل كرامة لوليّ يجب أن تكون تلك بعينها لجميع الأولياء، بل لو لم يكن للولي كرامة ظاهرة عليه في الدنيا لم يقدح عدمها في كونه ولياً، بخلاف الأنبياء؛ فإنه يجب أن تكون لهم معجزات، لأن النبي مبعوث إلى الخلق، فبالناس حاجة إلى معرفة صدقه، ولا يعرف إلا بالمعجزة. وبعكس ذلك حال الولي؛ لأنه ليس بواجب على الخلق، ولا على الولي أيضاً، العلم بأنه وليّ. وبالجملة: فالقول بجواز ظهورها على الأولياء واجب، وعليه جمهور أهل المعرفة، ولكثرة ما تواتر بأجناسها الأخبار والحكايات صار العلم بكونها وظهورها على الأولياء في الجملة علماً قوياً انتفى عنه الشك. [[ قال شمس الزمان _ قدس سره _ في بعض فتاواه النورانية:" أن الكرامة: أمر خارق للعادة يُكْرِمُ الله تعالى به أولياءه رضي الله تعالى عنهم. فمردّ الكرامة إلى مقدور الله تعالى، ومعلوم أن الله تعالى لا يُعجزه شيء، ولا ترتبط قدرته بعادة جارية، فيبدي ما شاء عند وجود العادة وعدمها. فإنكار الكرامة: باطل عقلاً ونقلاً؛ الأول: لأنه تعجيز لقدرة الله تعالى، وهذا كفر. والثاني: لأن جواز الكرامة ووقوعها قد ثبت في الكتاب والسنة والأثر. والتفريق بين الكرامة والمعجزة من جهة خرق العادة باطل أيضاً؛ لجوازه عقلاً، وأنه لم يرد التفريق بين الكرامة والمعجزة نقلاً إلا من جهة الدعوى المقترنة بها. فخرق العادة: يجوز إكراماً وإعجازاً على حد سواء، فإن ثبت اختصاص أحدٍ بشيء منه فهو استثناء. "انتهى ]]. فإن قيل: كيف يجوز إظهار هذه الكرامات الزائدة في المعاني على معجزات الرسل؟ قيل: هذه الكرامات لاحقة بمعجزات نبينا صلى الله عليه وسلم؛ لأن كل من ليس بصادق في الإسلام لا تظهر عليه الكرامة، وكل نبي ظهرت كرامته على واحد من أمته فهي معدودة من جملة معجزاته؛ إذ لو لم يكن ذلك الرسول صادقاً لم تظهر على يد من تابعه الكرامة. [[ قال شمس الزمان _ قدس سره _ في بعض فتاواه النورانية:" كرامات الأولياء من معجزات الأنبياء؛ قال الأئمة الأعلام رضي الله تعالى عنهم:" إن كرامات الأولياء تتمة معجزات الأنبياء، معدودة منها ". وفي توضيح ذلك وتقريره يقول الإمام اليافعي رضي الله تعالى عنه:" أقول: الكرامة تشهد للولي بالصّدق، وذلك يستلزم كونه محموداً في دينه، وكونه محموداً في دينه يستلزم كون دينه حقاً. وكل ولي تابع لنبيه في دينه، وكون دين التابع حقاً يستلزم كون دين المتبوع حقاً كذلك، وكون دين المتبوع حقاً يستلزم صدقه فيما أخبر به من الرسالة. فاستلزمت كرامة الولي صدق نبيه فيما ادّعى من الرسالة، وهي فعل خارق للعادة، وكل فعل خارق للعادة مستلزم صدق النبي فيما ادعاه من الرسالة معجزة له، فالكرامة معجزة له، فهي من معجزاته، وهو المطلوب .. وأقول أيضاً: الشريعة بحر يسقي أراضي الأمة في نهرين: نهر باطن يجري في أودية ذهب مواهب الفضل من علا معالي عزائم الشريعة بيواقيت معارف الحقيقة في قلوب العارفين. ونهر ظاهر يجري في فيافي فضة مكاسب العقل من رياض قيعان الحنيفية السمحة بدرر علوم الشريعة في قلوب العلماء { قد علم كل أناس مشربهم }، { والبلد الطيب يخرج نباته بإذن ربّه }. وظهور كرامة الولي: تشهد له بخروج نبات أرض دينه وحسن نشو نباته، وذلك يدلّ على طيب أرضه وعذوبة ماء النهر وطيبه، ثم طيبه وعذوبته دليل على طيب البحر المستمد منه وعذوبته، وطيب البحر المذكور الذي هو الشريعة يدل على طيب مشرعها؛ لأن الطيب لا يصدر عن الخبيث، فكل إناءٍ بما فيه ينضح، وطيب المشرع يستلزم نفي الكذب عنه؛ لأن الكذب خبيث، ويلزم من ذلك: صدقه فيما ادّعى من الرسالة المشتملة على التشريع ابتداءً واستصحاباً. فلزم من ظهور كرامة الولي: صدق نبيه المشرع في دعوى الرسالة المذكورة، وهي فعل خارق للعادة دال على صدق النبي معجزة له. فكرامات الأولياء معجزات الأنبياء، وهو المطلوب "اهـ أقول: وفي إثبات أن الكرامة من المعجزة: دليل على أن حفظ الله تعالى للذكر لم يقتصر على حفظه من التغيير، بل هو في حفظ ما دلَّ على صدق من بُعِثَ به. فتكون معجزة سيدنا رسول الله محمد صلى الله عليه وآله وسلم الباقية: الذِكر الحكيم، وخرق العادة. "انتهى ]]. واعلم! أنَّ من أجلّ الكرامات التي تكون للأولياء: دوام التوفيق للطاعات، والعصمة عن المعاصي والمخالفات. فإن قيل: هل يكون الولي معصوماً؟ قيل: أما وجوباً، كما يقال في الأنبياء، فلا، [[ والوجوب الذي يُقال في الأنبياء عليه السلام: هو وجوب العصمة عن الكذب في التبليغ "ط" ]]. وأما أن يكون محفوظاً حتى لا يصر على الذنوب _ إن حصلت هنات أو آفات أو زلات _، فلا يمتنع ذلك في وصفهم. [[ قلت: الحفظ _ للأولياء رضي الله تعالى عنهم _ ضربان: أحدهما: حفظ كلـي حقيقي: لا يقع معه الولي بذنب، وهو المعبّر عنه بـ" العصمة " المشتركة بين الأنبياء والأولياء عليه السلام في لسان الشرع؛ فيما رواه البخاري في صحيحه { المعصوم من عصم الله }، وهذا يكون لأخص الأولياء رضي الله تعالى عنهم. والثاني: حفظ جزئي معنوي: لا يلتزم معه الولي الذنب: وهو على الوجه الذي ذكره الشيخ هاهنا. ولما لم تكن العصمة للأولياء _ رضي الله تعالى عنهم _ واجبة، ولم تكن شرطاً في الولاية، وتحصل لبعض الأولياء دون بعض: كان الاعتقاد المطلوب في المشايخ ما ذكره الشيخ بعد هذا. وكون عصمة الأولياء غير واجبة، لا يعني جواز زوالها بعد حصولها؛ لأن لازمها: عدم الذنب، وهي لا تنقض إلا بذنب، فدل على امتناع زوالها بعد حدوثها، إلا مزاجاً!! والله تعالى منزه عن ذلك. فافهم "ط" ]]. ومن شرط الولي: أن يكون محفوظاً [[ على الضرب الثاني من الحفظ "ط" ]]، كما أن من شرط النبي أن يكون معصوماً، فكل من كان للشرع عليه اعتراض فهو مغرور مخدوع. [[ قال شمس الزمان _ قدس سره _:" يبين الشيخ هاهنا " شرط الولي "، وهو كما قال، وذلك لا يتعارض مع إكرام الله تعالى لمن شاء منهم بالعصمة [[ وهي الضرب الأول من الحفظ ]] .. وقد ثبتت بالأدلة الشرعية _ [[ قال _ قدس سره _ في فتاواه النورانية:" الأدلة عليها كثيرة .. قال سيدنا رسول الله محمد صلى الله عليه وآله وسلم: { ما بعثَ الله من نبيٍّ ولا استخلفَ مِن خليفةٍ إلا كانت له بِطانتان: بِطانةٌ تأمرُهُ بالمعروفِ وتحُضُّه عليه، وبِطانةٌ تأمره بالشّرِّ وتحضُّه عليه، فالمَعْصُومُ من عَصَمَ الله تعالى }[البخاري]؛ وفيه: تصريحٌ بثبوت العِصمة للأنبياء الكِرام عليه السلام والأولياء الفِخَام رضي الله تعالى عنهم .. كما دلَّ .. على أشياءَ .. منها: الدليل على أن " العصمة " إنما تكون لأخصِّ الأولياء الفخام رضي الله تعالى عنهم؛ لأن اسم الخلافة لا يصحّ على التحقيق إلا لهم. الدليل على ما يصرّح به السادة الصّوفية رضي الله تعالى عنهم من الإرث المحمديّ والخلافة "انتهى، وقد ذكر أدلة أخرى على العصمة يمكن مطالعتها في الفتاوى ]] _. كما نقل الشيخ في رسالته هذه القولَ بها عبارة وإشارة، وقوله .. " يتولى الحق سبحانه رعايته " [[ فيما تقدم في تعريف الولي ]] من ذلك. فافهم "انتهى ومن ذلك: قول الشيخ الإمام عبد القادر الجيلاني _ قدس سره _ في كتاب الفتح الرباني، بعد ذكره لصفة المُراد لله من أوليائه:" آحاد أفراد من هذا الجنس يردّهم إلى الخلق مع الحفظ الكليّ والسلامة الكلية، يوفقهم لمصالح الخلق وهدايتهم "انتهى، وهو معنى الضرب الأول من الحفظ في كلام شيخنا الإمام شمس الزمان _قدس سره _ ]]. ولا ينبغي للمريد أن يعتقد في المشايخ العصمة، بل الواجب أن يذرهم وأحوالهم: فيحسن بهم الظن، ويراعى مع الله تعالى حده فيما يتوجه عليه من الأمر، والعلم كافية في التفرقة بين ما هو محمود وما هو معلول. [[ ومما يتعلق بهذه المسألة ويزيدها وضوحاً: ما نقله الإمام القشيري في الرسالة وعلق عليه شيخنا الإمام شمس الزمان _ قدس سره _، وهو: قال بشر الحافي:" ما أراد أن يذوق طعم الحرية، يستريح من العبودية: فليطهر السريرة بينه وبين الله تعالى ". وقال الجنيد:" إنك لا تصل إلى صريح الحرية وعليك من حقيقة عبوديته بقية "، [[ أي: مشقة التكليف، وذلك لا يحصل إلا بالعصمة. فافهم "ط" ]]. وقال الحسن بن منصور:" إذا استوفى العبد مقامات العبودية كلها يصير حُراً من تعب العبودية، فيترسم بالعبودية بلا عناء ولا كلفة، وذلك مقام الأنبياء والصديقين "، [[ وهو العصمة من الذنب "ط" ]]. قال أبو علي الروذباري:" سمعت الجنيد يقول لرجل ذكر المعرفة وقال: أهل المعرفة بالله يصلون إلى ترك الحركات من باب البرِّ والتقربُّ إلى الله عز وجل!! فقال الجنيدِّ: إن هذا قول قوم تكلموا بإسقاط الأعمال، وهو عندي عظيمة، والذي يسرق ويزني أحسن حالاً من الذي يقول هذا؛ فإن العارفين بالله تعالى أخذوا الأعمال عن الله تعالى، وإليه رجعوا فيها، ولو بقيتُ ألف عام لم أنقص من أعمال البرِّ ذرَّة إلا أن يحال بي دونها ". وقيل للنصراباذي: إن بعض الناس يجالس النسوان، ويقول: أنا معصوم في رؤيتهن؟! فقال:" ما دامت الأشباح باقية، فإن الأمر والنهي باق، والتحليل والتحريم مخاطب به؛ ولن يجترئ على الشبهات إلا من تعرض للمحرمات ". [[ قلت: هذه هي دعوى العصمة التي أنكرها العلماء باتفاق، لا العصمة عن الذنب "ط" ]]. وفي هذا المعنى روى الإمام السلمي _ رحمه الله _ في طبقات الصوفية:" أن أبا سعيد الأعرابي قال:" إن الله تعالى جعل نعمته سبباً لمعرفته، وتوفيقه سبباً لطاعته، وعصمتَه سبباً لاجتناب معصيته، ورحمته سبباً للتوبة، والتوبة سبباً لمغفرته والدنو منه ". "انتهى ]].[right] | |
|