مرحبًا بِمَنْ عاتبني فيه ربِّي
--------------------------
ما أكرم العتاب إذا كان من الحبيب لحبيبه ....
ومن الله عزَّ وجلَّ لرسوله صلى الله عليه وسلم!!!!
فإنه كما يقولون:
(العتاب أدوم للوداد ... وأعذب حديث بين الأحباب).
ولقد عاتب الله رسوله صلى الله علي وسلم بقوله سبحانه وتعالى:
﴿ عَبَسَ وَتَوَلَّى . أَن جَاءهُ الأَعْمَى ﴾ [1، 2 عبس]
ما أرق هذا العتاب وألطفه!!!
حيث أن الله عزَّ وجلَّ لم يقل لحبيبه (عبست وتوليت أن جاءك الأعمى)،
وإنما خاطبه صلى الله عليه وسلم بِهذه العبارات الكريمة،
حتى كأن هذه الأعمال لم تصدر منه صلى الله عليه وسلم، لأنه خطاب للغائب،
وإخبار من الله عن فعل وقع من إنسان لم تُعرف هَوِيَّتُه بعد،
حتى لا يذهب ذهن السامع ابتداءاً أن هذا الفعل وقع من رسول الله عليه الصلاة والسلام،
وحتى يشعرنا الحقُّ جلَّ وعلا أن هذا الذي وقع لم يكن من شأنه ولا من خُلُقِه صلى الله عليه وسلم
وإنما حدث ذلك تحت ظروف ملحة وملابسات قوية.
وقد كان العتاب عليه من الله لحبيبه لعلو مقامه صلى الله عليه وسلم،
وجلالة قدره عن الله عزَّ وجلَّ،
ولأن رسول الله أكبر من أن يشغله أمر الدعوة إلى الله عن حاجة هذا السائل المسترشد،
ولم يعرف أحد أن العتاب كان مع رسول الله إلا بعد أن وجه الله إليه الخطاب مباشرة بقوله سبحانه:
﴿ وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّهُ يَزَّكَّى ﴾ [3 عبس]
فعلمنا جميعًا أن الأمر في هذه السورة الشريفة يتعلق برسول الله صلى الله عليه وسلم،
وأنه هو الْمَعْنُّي بهذا العتاب الرقيق.
----------------------------------------
يتبع إن شاء الله
***************************
من كتاب: (قطرات من بحار المعرفة)
لفضيلة الشيخ/ محمد على سلامة
مدير أوقاف محافظة بور سعيد الأسبق
-------------------------------