مقدمــــــــــــــــــــة

بســـــــم الله الرحمن الرحـــــــــــــــــيم

الحمد لله مؤلف القلوب، وجامع الشتات
والصلاة والسلام على مصدر كل خير، ونبع كل هدي للمؤمنين في جميع الآنات سيدنا محمد،
وآله الذين استضاءوا بهديه، وأصحابه الذين استناروا بنوره، ومن تبعهم على هذا الهدى إلى يوم الدين
... آمين .... وبعد ....
كثر في مجتمعاتنا الإسلامية المعاصرة العلل والأمراض المعنوية الجماعية:
- فتفشت الأنانية والأثرة وحب الذات.
- وزاد التهافت على الدنيا والشهوات.
- وأصاب الناس السّعار المادي الرهيب، فبدَّد الحب والوئام، وأحل محلهما الفرقة والعداوة والبغضاء والانقسام.
- وظهرت بشدة آفات القلوب المُردية كالحقد والحسد، والغلِّ والشح، والكبر والغرور والعُجب
فأصبحنا في حال يسرُّ العدو، ويكمد الحبيب، ويسوء الصديق.

والغريب في هذا الأمر ... أن الرسول صلى الله عليه وسلم نبَّه الأُمة إلى ما يحدث بينها الآن!!
وصوَّر ذلك بأسلوب نبوي واضح وشفاف - لا لبس فيه ولا غموض -
حتى تفيء الأُمة قبل غيِّها، وتثوب إلى رشدها، فلا يتخلف عنها موعود الله الذي وعدها به حتى آخر الزمان،
وذلك في قوله عزَّ وجلَّ:

(وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُم فِي الأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ

وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُم مِّن بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُدُونَنِي لا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا

وَمَن كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ
)

(55 النور)

وقد رصدنا في كتابنا هذا :
- بعض الأمراض الخطيرة التي فشت في ربوع الأمة الإسلامية.
- وحلَّلنا أسبابها.
- وذكرنا من القرآن الكريم والسُنَّة النبوية والهدى النبوي الشريف الأدوية التي بها يزول كل داء؛
والأسباب التي إذا أخذنا بها استردت الأمة عافيتها، ورجع لها صالح أحوالها، وعادت لها قيمها التي انفردت بها،
والتي هي سرُّ رقيِّها وازدهارها
وذلك لأن كل مؤمن صادق في إيمانه لا يهدأ له بال، ولايستقر له حال، ولا يهنأ له عيش
إذا دبَّت الفرقة بين المسلمين، وانتشرت العصبية الدنيوية الحزبية بين المسلمين،
وكل ذلك في سبيل مناصب زائلة، أو مطامع دنيوية فانية
حتى تزول هذه الغيوم من الحظ والهوى، ويعود الصفاء والنقاء بين الإخوة المؤمنين.

وقد ألهمنا الله تعالى لما رأيناه من اليأس والقنوط الذى اعترى جموع الناس فى أيامنا هذه
فأقض مضاجعهم، وزاد فى معاناتهم، حتى ظنَّ الناس أنه قد أحيط بهم،
وأنه لا مخرج لهم مما نحن فيه إلا إلى أسوء منه، من القحط والفقر والمجاعة التى تأتى على الأخضر واليابس
فألهمنا سبحانه وتعالى أن نختم الكتاب بفصل من بشريات النبوة الصادقة للأمة المحمدية
بأنه عزَّ وجلَّ قد صان تلك الأمة من أن يهلكها بالسنين، ولا بالجدب، ولا بالخسف، ولا بالزلازل، ولا بالصعق
فهما طال أمد الليل فنهار الفرج لابد أن يشرق علينا، ولا بد أن يرفع الله ما نزل بنا
لبشريات الحبيب المحبوب صلى الله عليه وسلم للأمة كلها، بقوله صلى الله عليه وسلم:

{ سَأَلْتُ اللَّهَ ثَلاثًا، فَأَعْطَانِي اثْنَتَيْنِ، وَزَوَى عَنِّي وَاحِدَةً،
سَأَلْتُهُ أَنْ لا يَبْعَثَ عَلَى أُمَّتِي عَدُوًّا مِنْ غَيْرِهِمْ فَيَجْتَاحَهُمْ فَأَعْطَانِيهِ،
وَسَأَلْتُهُ أَنْ لا يَبْعَثَ عَلَيْهِمْ سَنَةً تَقْتُلُهُمْ جُوعًا، فَأَعْطَانِيهِ،
وَسَأَلْتُهُ أَنْ لا يَجْعَلَ بَأْسَهُمْ بَيْنَهُمْ، فَرَدَّهَا عَلَيَّ
}
(مسند الإمام أحمد وصحيح ابن خزيمة عن معاذ بن جبل)

والله عزَّ وجلَّ أسأل أن يكشف عنا وعن المسلمين أجمعين في هذا الزمان ما نزل بنا من الفرقة والانقسام
وأن يجمع شملنا، ويزيل الجفا والرين من قلوبنا
وأن يرزقنا أجمعين التقى والهدى والعفاف والغنى في كل أحوالنا
وأن يتولانا بولايته، وألا يتخلى عنا بعنايته طرفة عين ولا أقل
إنه سميع قريب مجيب الدعاء.
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه
الجميزة في يوم الاثنين .. 15 من ربيع الآخر 1434هـ الموافق 25 من فبراير 2013م
فوزى محمد أبويد
--------------------------------
من كتاب: (أمراض الأمة وبصيرة النبوَّة) لفضيلة الشيخ/ فوزى محمد أبوزيد
رئيس الجمعية العامة للدعوة إلى الله - جمهورية مصر العربية
----------------------------
يتبع إن شاء الله