بعثة الرسل ضرورة اجتماعية وعقلية

***********************

والرسل هم المبعوثون من قبل الله جلَّ جلاله، والمكلفون بإبلاغ الناس دين الله الحق، وهدايتهم إلى

السلوك القويم، والصراط المستقيم، والعمل الصالح.

وكانت بعثة الرسل ضرورة اجتماعية

لأن البشر لا يستطيعون أن يدركوا الآداب والأحكام والمبادئ والأسس التى تنظم حياة الناس على الوجه

الصحيح فى هذه الدنيا،

فكان لابد من معلِّم يعلِّم الناس ما يسعدهم ويصلح شأنهم، ويقوِّم إعوجاجهم فى هذه الحياة،

وهذا المعلم لابد أن يكون من قِبَلِ الله، ومؤيداً بخوارق العادات حتى يقبله الناس ويعملوا بما جاء به،

لينتظم شأن العمران، ويكتمل رقى الإنسان واحترامه لبنى جنسه.

هذا وإن ما عند الناس من علوم ومعارف وقيم ومبادئ وصناعات واختراعات إنما هى من تعليم الله لهم

على أيدى رسله وأنبيائه،

فإن الله هو الذى علَّم الانسان ما لم يعلم لأن الإنسان خلق جاهلاً، قال تعالى:

﴿وَاللّهُ أَخْرَجَكُم مِّن بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ لاَ تَعْلَمُونَ شَيْئًا﴾

[28- النحل]

وقد قام الناس بعد ذلك بتعليم بعضهم بعضاً - سنة الله فى خلقه، ولن تجد لسنة الله تبديلاً -

مع عدم إغفال دور العقل فى هذا المجال، من التجديد والإبداع والاجتهاد، وفى تطوير هذه العلوم

والصناعات،

فإن العقل خلقه الله من أجل ذلك، حتى ينهض العقل برقى الأمم والشعوب والأفراد، وتسير عجلة الحياة من

حسن إلى أحسن،

وهكذا إلى أن يصل العالم إلى غايته وينتهى إلى نهايته.

وقد تعلَّم الناس القراءة والكتابة والتخاطب مع بعضهم من قديم الزمن، ومن أول أن وطأت أقدام الإنسان

الأول على وجه هذه الأرض

فسبحان الذى علَّم الناس بالقلم ومن غير قلم، وعلَّمهم بالرسم والصورة وغير ذلك، من الإشارة والرمز،

والحركة وملامح الوجه،

ونحو ذلك من الآلات والأدوات التى يتعلم منها الانسان.

وكذلك كانت بعثة الرسل ضرورة عقلية

لأن العقل لا يمكنه أن يدرك أنواع العبادات والصالحات والقربات التى تسعد الناس

بعد حياتهم الدنيوية فى الدار الآخرة

فكان لابد من إرسال الرسل ليبينوا للناس هذا الجانب فى حياتهم،

إذ أن الحياة ليست قاصرة على رحلة الدنيا فحسب، ولكنها ستطول إلى الأبد،

فإن الله لم يخلق الانسان ليميته،

وإنما أوجده ليعيش فى أدوار متعددة وأطوار مختلفة إلى أبد الآباد،

لأن هذا الانسان هو خليفة الله، وأكرم مخلوق على الله،

ولذلك قدر الله بقاءه إلى ما شاء الله من غير نهاية:

﴿ وَلَـكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ يَعْلَمُونَ ﴾

[21- يوسف]

***********

يتبع إن شاء الله