عادل محمد زايد
عدد المساهمات : 4107 تاريخ التسجيل : 30/01/2009 العمر : 37 الموقع : المشرف علي المنتدي
| موضوع: من مواعظ ابراهيم بن أدهم رضي الله عنه الثلاثاء فبراير 08, 2011 7:20 pm | |
| من مواعظ ابراهيم بن أدهم رضي الله عنه
يقول رضي الله عنه: "ليس من أعلام الحب أن تحب ما يبغض حبيبك، ذمّ مولانا الدنيا فمدحناها، وأبغضها فأحببناها، وزهّدنا فيها فآثرناها ورغبنا في طلبها، وعدكم خراب الدنيا فحصنتموها، ونُهيتم عن طلبها فطلبتموها، وأنذرتم الكنوز فكنزتموها دعتكم إلى هذه الغرارة دواعيها، فأجبتم مسرعين مناديها، خدعتكم بغرورها وفتنتكم فأنفذتم خاضعين لأمنيتها، تتمرغون في زهواتها وتتمتعون في لذاتها، وتتقلبون في شهواته وتتلوثون بتبعاتها، تنبشون بمخالب الحرص عن خزائنها، وتحفرون بمعاول الطمع في معادنها، وتبنون بالغفلة في أماكنها، وتحصّنون بالجهل في مساكنها، وأنتم غرقى في
بحار الدنيا، حيارى تتمتعون في لذاتها وتتنافسون في غمراتها، فمن جمعها ما تشبعون، ومن التنافس منها ما تملّون، كذبتكم والله أنفسكم وغرّتكم ومنّتكم الأماني، وعللتكم بالتواني حتى لا تعطوا اليقين من قلوبكم والصدق من نياتكم، وتتنصتون اليه من مساوىء ذنوبكم وتعصونه في بقية أعمالكم أما سمعتم الله تعالى يقول في محكم كتابه: {أَمْ نَجْعَلُ الذينَ ءَامَنوا وعَِملُوا الصَّالِحاتِ كالمُفْسِدينَ في الأَرْضِ أَمْ نَجْعَلُ المُتَقينَ كالفُجَّارِ(28)} [سورة ص].
لا تُنال جنته إلا بطاعته، ولا تنال ولايته إلا بمحبته، ولا تنال مرضاته إلا بترك معصيته، فإن الله تعالى قد أعدّ المغفرة للأوابين، وأعد الرحمة للتوابين، وأعدّ الجنة للخائفين، وأعدّ الحور للمطيعين، وأعدّ رؤيته للمشتاقين قال الله تعال: {وإِنِّى لَغَفَّارٌ لِمَنْ تَابَ وَءََامَنَ وعَِملَ صَالِحًا ثُمَّ اهْتَدَى(82)} [سورة طه]".
"خالفتم الله فيما أنذر وحذر، وعصيتموه فيما نهى وأمر، وإنّما تحصدون ما تزرعون، وتجنون ما تغرسون، وتُكافأون بما تفعلون، وتُجزوْنَ بما تعملون، فاعلموا إن كنتم تعقلون، وانتبهوا من رقدتكم لعلكم تفلحون، الحذر الحذر!! الجدّ الجدّ!! كونوا على حياء من الله، فوالله لقد ستر وأمهل وجاد فأحسن"
قال شقيق البلخي قال لي إبراهيم بن أدهم أخبرني عما أنت عليه فقلت إذا رزقت أكلت وإذا منعت صبرت قال هكذا تعمل كلاب بلخ عندنا قلت له فكيف تعمل أنت قال إذا رزقت آثرت وإذا منعت شكرت
قال النسائي : إبراهيم بن أدهم ثقة مأمون أحد الزهاد . وذكر أبو نعيم وغيره أنه كان ابن ملك من ملوك خراسان ، وكان قد حبب إليه الصيد قال : فخرجت مرة فأثرت ثعلبا فهتف بي هاتف : ما لهذا خلقت ، ولا بهذا أمرت . قال : فوقفت وقلت : انتهيت انتهيت ، جاءني نذير من رب العالمين فرجعت إلي أهلي فخليت عن فرسي وجئت إلي بعض رعاة أبي فأخذت منه جبة وكساء ثم ألقيت ثيابي إليه ، ثم أقبلت إلي العراق فعملت بها أياماً فلم يصف لي بها الحلال ، فسألت بعض المشايخ عن الحلال فأرشدني إلي بلاد الشام فأتيت طرسوس فعملت بها أياماً أنظر البساتين وأحصد الحصاد، وكان يقول : ماتهنيت بالعيش إلا في بلاد الشام . أفر بديني من شاهق إلي شاهق ومن جبل إلي جبل ، فمن يراني يقول هوموسوس . ثم دخل البادية ودخل مكة وصحب الثوري والفضيل بن عياض ودخل الشام ومات بها ، وكان لايأكل إلا من عمل يديه مثل الحصاد وعمل الفاعل وحفظ البساتين وغير ذلك .
وقال إبراهيم بن بشار قيل لابن أدهم لم تركت الحديث ؟ فقال: إني مشغول عنه بثلاث ، بالشكر علي النعم ، وبالاستغفار من الذنوب، وبالاستعداد للموت ، ثم صاح وغشي عليه فسمعوا هاتفا يقول : لاتدخلوا بيني وبين أوليائي .
وذكروا أنه مرمع رفقة فإذا الأسد علي الطريق فتقدم إليه إبراهيم بن أدهم فقال له : ياقسورة إن كنت أمرت فينا بشئ فامض لما أمرت به وإلا فعودك علي بدنك . قالوا : فولي السبع ذاهبا يضرب بذنبه، ثم أقبل علينا إبراهيم فقال : قولوا : اللهم راعنا بعينك التي لاتنام ، واكنفنا بكنفك الذي لايرام ، وارحمنا بقدرتك علينا ، ولانهلك وأنت رجاؤنا يا الله ، يا الله ، يا الله . قال خلف بن تميم : فما زلت أقولها منذ سمعتها فما عرض لي لص ولاغيره .
وكان كثيراً ما يتمثل بهذه الأبيات :
لما توعد الدنيا بهِ منُ شرورهـايكوُن بكاءُ الطفلِ ساعةً يوضعَ وإلا فـمــا يبـكـيـهِ مـنـهـا وإنـــهلاروحُ ممـا كـانَ فـيـهِ وأوســعُ إذا أبصـر الدنيـا استهـل كأنـمـايري ما سيلقي مْن أذاها ويسمعُ وكان يتمثل أيضاً :
رأيت الذنوب تميتُ القلوبَويـورثـهـا الـــذلُ إدمـانـهـا وتركُ الذنوبِ حياةُ القلوبوخـيـرَ لنفـسـكِ عصيانـهـا ومـا أفسـد الديـنَ إلا ملـوكَوأحـبـارَ ســوء ورهبانـهـا وباعوا النفوسَ فلم يربحواولــمْ يـغـلُ بالبـيـعِ أثمانـهـا لقـد رتـع القـومُ فــي جيـفـةتبـيـنُ لــذي الـلـبِ أنتـانـهـا
وصعد مرة جبلا بمكة ومعه جماعة فقال لهم : لو أن وليا من أولياء الله قال لجبل زل لزال .. فتحرك الجبل تحته فوكزه برجله وقال: اسكن فانما ضربتك مثلا لأصحابي . وكان الجبل أبا قبيس . وركب مرة سفينة فأخذهم الموج من كل مكان فلف إبراهيم رأسه بكسائه واضطجع وعج أصحاب السفينة بالضجيج والدعاء ، وأيقظوه وقالوا: ألا تري ما نحن فيه من الشدة ؟ فقال : ليست هذه شدة ، وإنما الشدة الحاجة إلي الناس ثم قال : اللهم أريتنا قدرتك فأرنا عفوك . فصار البحر كأنه قدح زيت . وكان قد طلبه صاحب السفينة بأجرة حمله دينارين وألح عليه ، فقال له : اذهب معي حتي أعطيك ديناريك ، فأتي به إلي جزيرة في البحر فتوضأ إبراهيم وصلي ركعتين ودعا وإذا ما حوله قد ملئ دنانير ، فقال له : خذ حقك ولاتزد ولاتذكر هذا لأحد. وقال حذيفة المرعشي : أويت أنا وإبراهيم إلي مسجد خراب بالكوفة، وكان قد مضي علينا أيام لم نأكل فيها شيئاً ، فقال لي : كأنك جائع. قلت : نعم . فأخذ رقعة فكتب فيها بسم الله الرحمن الرحيم أنت المقصود إليه بكل حال ، المشار إليه بكل معني :
أنـا حامـدَ أنـا ذاكـرَ أنـا شاكـرَأنا جائع أنا حاسـرَ أنـا عـاري هي ستةَ وأنا الضميـنُ لنصفـهفكن الضمين لنصفهـا يابـاري مدحي لغيركَ وهجُ نارِ خضتهفأجر عبيدك مـن دخـول النـارِ ثم قال لي : اخرج بهذه الرقعة ولاتعلق قلبك بغير الله سبحانه وتعالي وادفع هذه الرقعة لأول رجل تلقاه . فخرجت فإذا رجل علي بغلة فدفعتها إليه فلما قرآها بكي ودفع إلي ستمئة دينار وانصرف ، فسألت رجلا من هذا الذي علي البغلة ؟ فقالوا : هو رجل نصراني . فجئت إبراهيم فأخبرته فقال :
الآن يجئ فيسلم . فما كان غير قريب حتي جاء فأكب علي رأس إبراهيم وأسلم . وكان إبراهيم يقول : دارنا أمامنا وحياتنا بعد وفاتنا ، فإما إلي الجنة وإما إلي النار .. مثل لبصرك حضور ملك الموت وأعوانه لقبض روحك وانظر كيف تكون حينئذ ، ومثل له هول المضجع ومساءلة منكر ونكير وانظر كيف تكون .. ومثل له القيامة وأهوالها وأفزاعها والعرض والحساب ، وانظر كيف تكون . ثم صرخ صرخة خر مغشيا عليه . ونظر إلي رجل من أصحابه يضحك فقال له: لاتطمع فيما لايكون ، ولاتنس مايكون . فقيل له : كيف هذا يا أبا إسحاق ؟ فقال : لاتطمع في البقاء والموت يطلبك ، فكيف يضحك من يموت ولايدري أين يذهب به إلي جنة أم إلي نار ؟ ولاتنس مايكون الموت يأتيك صباحاً أو مساء . ثم قال : آه ! ثم خرّ مغشياً عليه . وكان يقول : مالنا نشكو فقرنا إل مثلنا ولانسأل كشفه من ربنا. ثم يقول : ثكلت عبداً أمه أحب الدنيا ونسي مافي خزائن مولاه. وقال : إذا كنت بالليل نائماً وبالنهار هائماً وفي المعاصي دائماً فكيف ترضي من هو بأمورك قائماً . ورآه بعض أصحابه وهو بمسجد وهو يبكي ويضرب بيديه علي رأسه ، فقال : مايبكيك ؟ فقال : ذكرت يوماً تنقلب فيه القلوب والأبصار .
وقال مررت في بعض جبال فاذا حجر مكتوب عليه بالعربية :
كــلُ حَــيَّ وإن بـقــيفمـنَ العيـشِ يستـقـي فاعمل اليـومَ واجتهـدَواحذرِ الموت ياشقي __________________ | |
|