عادل محمد زايد
عدد المساهمات : 4107 تاريخ التسجيل : 30/01/2009 العمر : 38 الموقع : المشرف علي المنتدي
| موضوع: الميراث بطيخه قصه عظيمه الأحد سبتمبر 27, 2009 12:58 am | |
| ورث ثلاثة أولاد عن أبيهم بطيخة عظيمة ! فقد كان فلاحاًماهراً ، وكانت هذه الثمرة هى خلاصة عرقه بعد الغرس والتعهد ، فاوصاهم بها بالحفظ والإعتزاز باعتبارها من ذكرى أبيهم ...
كانت الثمرة فى أول عهدها خضراء نضرة لامعة نظيفة يعجب بها كل من يراها ، بمرور الزمن وتقلبات الأجواء وانصارف الأبناء وانشغالهم بدأالفساد يدب فيها فأصابها الوهن ! وبدأت فى التحلل من الداخل أولاً ثم أصاب قشرتها لين حتى تمزقت وانبعثت منها رائحة كريهة تصيب من يشمها بالغثيان ومن يعرفها من قبل يشفق على مصيرها ..
وكان على الإخوة الثلاثة أن يقرروا مصير هذه البطيخة العزيزة التى أصابها العطب ، وانقسموا إلى ثلاثة أقوال:
* قال الأول : - لابد من الإحتفاظ بها رغم كل شئ ، ولو تعرضنا بسببها للهلاك ؛ لأنها كانت سببا للبر بأبينا ولو ألقيناها نكون قد عققناه ولم ننفذ وصيته ، خاصة وأنها كانت رمزاً لتفوق أبينا وتميزه ومجده فى الزراعة ..
*وقال الثانى معترضاً : - كلا ! لا يجب الاحتفاظ بهذا الشئ الكريه ، إن هذه البطيخة الفاسدة ليست هى نفس لابطيخة التى تركها لنا أبونا ، لقد كانت نضرة تعجب الزراع ، والآن فسدت ، وعلينا أن نشترى بطيخة جديدة ، فإن البطيخ كلخ سواء ! ولو تركنا هذه البطيخة فى مكانها لكانت وبالا علينا وعلى صحتنا ولا تهمنا الناس فى عقولنا وتمييزنا ... بل أقول : إن كل بطيخة أخرى هى خير من بطيختنا بعد ما أصابها من فساد ..
*وذهب الثالث مذهباً وسطاً فقال: - رأيى أن نستخلص البذور من هذه البطيخة فهى اللب الذى يمكننا بذره ليخرج لنا بطيخاً جديداً نضراً صالحاً ، تتصل الوشائج بينه وبين تراث أبينا .. أما الاحتفاظ بالبطيخة الفاسدة حتى يأتى الدود عليها جميعاً فجلبة للسخرية والأمراض ، ومضيعة للبطيخة ذاتها .. أما رميها برمتها والاعتياض عنها بأخرى جديدة تبديد لتراث أبينا وللنقود التى نؤديها فى ثمن هذه وأثمان غيرها ، وما نشتريه جديداً لابد أن يجرى عليه من الفساد مثل ما جرى على بطيختنا أن نحن احتفظنا به قدر احتفاظنا بها أقل ..وإن التجديد هو ملاك الحياة ؛ بيد أن كل جديد ينبغى أن يتولد من بذور الماضى ، وهذه البذور لابد ان تُبْذر فى أرض الماضى ولو تغيرت الفروع لتتواءم مع مقتضيات الفصول ، وتناولها التطعيم لتجويد الثمار..
وهكذا إنتصر الرأى الثالث لأنه أصلح الأراء وأوسطها وأعقلها ، رغم أنه أصعب الأراء ؛ لأنه يكلف الأبناء عملاً دؤوباً مستمراً جاداً متقناً قد يستغرق حياة الأبناء الثلاثة وحياة أولادهم وأحفادهم .. حتى تعود إلهم عزة أبيهم وعزتهم ..
| |
|