وكان t يقول:
يجب على المريد أن يطهر أعضاءه عن الغفلات، والفتور عن ذكر الله، كما يجب تطهيرها عن المعاصي من باب حسنات الأبرار سيئات المقربين. وكان يقول:
لا ينبغي لحامل القرآن العظيم أن يدنس فمه بكلام حرام ولا أكل حرام في عِرض مؤمن ولا مؤمنه. قال تعالى: {إن الذين يرمون المحصنات الغافلات المؤمنات لعنوا في الدنيا والآخرة} الآية ومثال من ينطق بالقرآن الكريم مع تدنس فمه بغيبة أو نميمة أو بهتان مثال من وضع المصحف في قاذوره وقد قال العلماء بكفره.
وكان يقول:
يا أولادي لا يسر أحدكم سريرة سيئة فإن الله تعالى سيظهر ما كنتم تكتمون، وما كنتم تخفون، وما كنتم تستترون وينادي عليكم بالصريح والتوبيخ فلان عمل كذا وكذا وكان يستتر من الناس ولا يستتر من الله تعالى . فلان كان يرتكب المحارم والقبائح ويظهر للناس الصلاح زورا وبهتاناً فلان كان يطلق بصره إلى النساء ويدعي أنها نظرة فجأة وهو يعطف طرفه ويميل كأنه لص سارق فيا فضيحة من تزيا بزي الفقراء وخالف طريقهم. فيا أولادي جميعكم إنما كلامي مواعظ وتذكير وتحذير وترغيب لمن يتأدب.
وكان t يقول:
يا أولادي لا تصحبوا غير شيخكم.واصبروا على جفاه فإنه ربما امتحنكم ليريد بكم الخير، وأن تكونوا محلاً لأسراره ومطلعاً لأنواره، ليرقيكم بذلك إلى معرفة الله عز وجل فمن أشغل قلبه بمحبة شيخه رقاه الله عز وجل،ولولا أن الشيخ سلم لترقية المريدين، لمقت الله تعالى كل قلب وجد فيه محبة لسواه فإن الله تعالى غيور.
وكان يقول:
يا أولاد قلبي إن أردتم أن تُنًادَوْا يوم المنة. { يا أيتها النفس المطمئنة} فليكن طعامكم الذكر وقولكم الفكر وخلوتكم الأنس واشتغالكم بالله تعالى لا خوف عقاب ولا رجاء ثواب، ولا بد لكل من معلم ونحن ننتظر من فيض ما أفاض الله علينا. ولا نعرف غير طريق ربنا، ثم علم مكسوب من الكتب وعلم موهوب من قبل ربنا. وكان يقول: المراقب لا يتفرغ لطلب المكاسب وكل من ادعى الحب ولم يفنه الحب فهو لا شيء.
وكان يقول:
إذا تجلى عروس الكلام في رتبة الإلهام طلعت شموس المعارف وتجلى البدر المنير في الليل باتوا قائمين، فإذا ذهب عليهم نسيم السحر مالوا مستغفرين، فلما رجعوا عند الفجر بالأجر نادى منادي الهجر يا خيبة النائمين.
وكان يقول:
من لم ينخلع من طوره ويخرج عن نفسه ويأتي هو بلا هو، لا يجد عند ذلك هو، وقد بالغت لكم جهدي في النصح فإن اتبعتم أفلحتم.
وكان يقول:
يا ولدي البس قميص الفقر النظيف الظريف ما الأمر بلبس الثياب، ولا بسكنى القباب والخانقات، ولا بالزاويات، ولا بلبس العبايات ولا بلبس القباء الأزرق ولا حف الشوارب ولا بلبس الصوف ولا بالنعل المخصوف، إنما الفقر أن تخلص عملك كله في قلبك وتلبس ثوب صدق عزمك وتحتزم بحزم إيمانك، فإذا كان عملك كله في قلبك، كان فائدة وربحاً وأضرم نار القلب، واحترق الحشى، وامتلأ القلب خوفاً من الله تعالى ومحبة له فما رقيق الثياب حينئذ وما خشنها فإذا قويت في القلب الأنوار لم يطق صاحبه حمل ثوب رقيق ولا إزار، قلت: وهذا سبب ترك بعض القوم لبس الثياب من مجاذيب وصحاة والله أعلم.
قال الشيخ t:
فإن تهتك هذا فلا يلام وإن صاح أو باح فقد حل عنه الملام،وإن رش عليه الماء في ليالي الأربعينيات فلا يزيده إلا ضراما وكل شيء نزل باطنه من الطعام والماء نَارَ واسْتَنَارَ. فيا أولادي الفقراء كلهم عندي ملاح فليكونوا عندكم كذلك، فاحذروا الإنكار.