أحمد الكبير الرفاعي
مولده: ولد t في قرية حسن بالبطائح ـ من أعمال واسط العراق سنة 512 هجرية. وفي السابعة من عمره توفي أبوه في بغداد، فكفله خاله السيد منصور الرباني البطاحي فأحسن تربيته.
نسبه الشريف من جهة أمه: السيد أحمد الرفاعي بن السيدة فاطمة الأنصارية (وتتصل من جهة أمها السيدة رابعة بنت السيد عبد الله الطاهر إلى الإمام الحسين بن علي بن أبي طالب t) بنت الشيخ يحيى البخاري من جهة أمه أيضاً. وهو يحيى بن علويه ـ ويقال: عاليه ـ بنت الحسن اللاع، بن محمد، بن يحيى، بن الحسين ملك اليمن ومكة، بن القاسم، أبي محمد الرسي، بن إبراهيم طبا طبا، بن إسماعيل بن إبراهيم ـ الغمر بن حسن المثنى بن الإمام الحسن السبط، بن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب t.
نسبه إلى أبي بكر الصديق t : فإنه يتصل نسبه أيضاُ بأمير المؤمنين أبي بكر الصديق t، من جهة جده الإمام جعفر الصادق لأن أم الإمام هي فروة بنت القاسم، بن محمد، بن أبي بكر الصديق t.
نشأته العلمية ومشايخه رضي الله عنهم:
درس القرآن العظيم وأتم حفظه وترتيله على الشيخ الورع المقرىء الشيخ عبد السميع الحربوني بقرية حسن (من واسط العراق). وكان له من العمر سبع سنين: وفي هذه السنة توفي أبوه في بغداد. وبعد وفاة والده كفله خاله الباز الأشهب الشيخ منصور البطائحي، ونقله ووالدته وإخوته إلى بلده نهر دقلي (من أعمال واسط).وأدخله على الإمام العلامة الفقيه المقرىء المفسر المحدث الواعظ الصوفي الكبير الشأن الشيخ أبي الفضل علي الواسطي t، فتولى أمره، وقام بتربيته وتأديبه وتعليمه. فبرع بالعلوم النقلية والعقلية وأحرز قصب السبق على أقرانه.
وكان يلازم درس خاله إذ الشيخ أبي بكر شيخ وقته وسلطان علماء زمانه. كما كان يتردد على حلقة خاله الشيخ منصور الرباني. ويتلقى بعض العلوم عن الشيخ عبد الملك الحربوني. حفظ كتاب التنبيه (فقه شافعي) للإمام أبي إسحق الشيرازي على ظهر قلب. وشرحه شرحا جليلاً (يقال أنه ضاع في واقعة التتر). واستغرق أوقاته بجمع المعارف الدينية. وقد أفاض الله عليه من لدنه علماً خاصاً حتى رجع مشايخه إليه، وتأدب مؤدبوه بين يديه.
وفي العشرين من عمره أجازه شيخه الشيخ أبو الفضل علي محدث واسط وشيخها إجازة عامة بجميع علوم الشريعة والطريقة. وألبسه خرقته المباركة.وأعظم شأنه، ولقبه: أبا العلمين (الظاهر والباطن) وانعقد عليه في حياة مشايخه الإجماع، واتفقت كلمتهم على عظم شأنه ورفعة قدره. (من كتاب البرهان المؤيد للإمام السيد أحمد الرفاعي الكبير ـ طبعة مكتبة الحلواني دمشق ـ صفحة)
نسبه: منسوب إلى بني رفاعة قبيلة من العرب وسكن أم عبيدة بأرض البطائح إلى أن مات بها رحمه الله تعالى. وكانت انتهت إليه الرياسة في علوم الطريق، وشرح أحوال القوم، وكشف مشكلات منازلاتهم، وبه عرف الأمر بتربية المريدين بالبطائح، وتخرج بصحبته جماعة كثيرة، وتتلمذ له خلائق لا يحصون. ورثاه المشائخ والعلماء وهو أحد من قهر أحواله، وملك أسراره، وكان له كلام عال على لسان أهل الحقائق.
وكان t يقول
إذا قمت إلى الصلاة كان سيف القهر يجذب في وجهي. وكان t يقول ما يحصل للعبد صفاء الصدر حتى لا يبقى فيه شيء من الخبث لا لعدو ولا لصديق ولا لأحد من خلق الله عز وجل. وهناك تستأنس الوحوش بك في غياضها والطير في أوكارها ولا تنفر منك ويتضح لك سر الحاء والميم. وقال له شخص من تلامذته
يا سيدي أنت القطب فقال نزه شيخك عن القطبية فقال له وأنت الغوث فقال نزه شيخك عن الغوثية، قلت وفي هذا دليل على أنه تعدى المقامات والأطوار لأن القطبية والغوثية مقام معلوم ومن كان مع الله وبالله فلا يعلم له مقام وإن كان له في كل مقام مقام والله أعلم.
قال يعقوب الخادم t
ولما مرض سيدي أحمد t مرض الموت قلت له تجلي العروس في هذه المرة قال نعم فقلت له لماذا فقال جرت أمور اشتريناها بالأرواح وذلك أنه أقبل على الخلق بلاء عظيم فتحملته عنهم وشريته بما بقي من عمري فباعني وكان يمرغ وجهه وشيبته على التراب ويبكي ويقول العفو العفو ويقول اللهم اجعلني سقف البلاء على هؤلاء الخلق. وكان مرض الشيخ t بالبطن فكان يخرج منه في كل يوم ما شاء الله فبقي المرض بالشيخ شهرا فقيل له من أين لك هذا كله ولك عشرون يوماً لا تأكل ولا تشرب فقال يا أخي هذا اللحم يندفع ويخرج ولكن قد ذهب اللحم وما بقي إلا المخ اليوم يخرج وغدا نعبر على الله تعالى فخرج منه شيء أبيض مرتين أو ثلاثاً وانقطع ثم توفي يوم الخميس الظهر ثاني عشر جمادي الأولى سنة سبعين وخمسمائة وكان يوماً مشهوداً.
وكان آخر كلمة قالها أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمداً رسول الله ودفن في قبر الشيخ يحيى البخاري. وكان شافعي المذهب قرأ كتاب التنبيه للشيخ أبي إسحق الشيرازي وما تصدر قط في مجلس ولا جلس على سجادة إلا تواضعاً. وكان لا يتكلم إلا يسيراً ويقول أمرت بالسكوت t (.[1])