العــــــــرش

موضوع: العــــــــرش السبت أغسطس 01, 2009 1:53 pm

العــــــــرش

العرش في اللغة :

يقول الفيروز أبادي صاحب القاموس المحيط :

العرش عرش الله تعالى ولا يحد ، وسرير المَلِكِ ، ومن البيت سقفه ،

ومن القوم رئيسهم المدبر لأمرهم ، وللطائر عشه ، وإهتزازهُ فرحه .

العرش في القرآن على معنيين :

الأول : سرير الملك كقوله تعالى :

" وَرَفَعَ أَبَوَيْهِ عَلَى الْعَرْشِ وَخَرُّوا لَهُ سُجَّدًا "

وكقوله سبحانه : " يَا أَيُّهَا المَلا أَيُّكُمْ يَأْتِينِي بِعَرْشِهَا قَبْلَ أَنْ يَأْتُونِي مُسْلمِينَ " .

وقد أثبت اللَّه لنفسه عرشا ، استوى عليه بكيفية تليق بجلاله

وعظمته ...ووصف سبحانهُ عرشه الرحماني بأنه عظيم ..كريم ...

مجيد . فقال :

" الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى "

" وَهُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ "

" لا إِلَهَ إِلا هُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْكَرِيمِ "

" ذُو الْعَرْشِ الْمَجِيدُ " .

المعنى الثانى : سقف البناء

كقوله تعالى : "أَوْ كَالَّذِي مَرَّ عَلَى قَرْيَةٍ وَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَى عُرُوشِهَا " .

وقوله عز وجل : " وَهُوَ الَّذِي أَنْشَأَ جَنَّاتٍ مَعْرُوشَاتٍ وَغَيْرَ مَعْرُوشَاتٍ " .

أما في السنة النبوية المطهرة فقد ورد أنه فوق أعلى الجنان .

فى قوله صلى الله عليه وسلم :

" إن في الجنة مائة درجة أعدها اللَّه للمجاهدين في سبيله ،

كل درجتين ما بينهما كما بين السماء والأرض ، فإذا سألتم اللَّه

فسلوه الفردوس ، فإنه أوسط الجنة ، وأعلى الجنة وفوقه عرش الرحمن " .

والعرش عند القوم :

يقسمه ابن عربى إلى خمسة أنواع :

1- عرش الحياة :

وهو عرش الهوية ، وعرش المشيئة ، ومستوى الذات ويستدل له

بقوله تعالى : " وسيدنا محمد صلى الله علية وسلمانَ عَرْشُهُ عَلَى الْمَاءِ " .

فأضافه إلى الهوية وجعله على الماء ، ومن ثم سمى بعرش

الحياة ، لقوله تعالى : " وَجَعَلْنَا مِنْ الْمَاءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ " .

2- العرش المجيد :

وهو العقل الأول ، والقلم الأعلى ، فهو أول ما أوجد

اللَّه من العقول المدبرة ، وهو أول عالم التدوين

والتسطير ، وهو الخازن الحفيظ ، العليم الأمين على

اللطائف الإنسانية ، التى من أجلها وجد وهو القلم من

حيث التدوين والتسطير وهو الروح من حيث التصرف

وهو العرش المجيد من حيث الاستواء ، وهو الإمام

المبين من حيث الإحصاء .

3- العرش العظيم :

وهو اللوح المحفوظ ، وهو النفس الناطقة الكلية السابقة

فلما أوجد اللَّه سبحانه القلم الأعلى ، أوجد له فى

المرتبة الثانية هذه النفس التى هى اللوح المحفوظ

وهى من الملائكة الكرام ، وهو المشار إليه بكل شئ فى

قوله تعالى : " وسيدنا محمد صلى الله علية وسلمتَبْنَا لَهُ فِي الألْوَاحِ مِنْ كُل شَيْءٍ

مَوْعِظَةً وَتَفْصِيلا لكُل شَيْءٍ " .

وهو اللوح المحفوظ وقال الله تعالى : " بَلْ هُوَ قُرْآنٌ

مَجِيدٌ فِي لَوْحٍ مَحْفُوظٍ " فهو موضع تنزيل الكتب ، وهو

أول كتاب سطر فيه الكون ، فأمر القلم أن يجرى على

هذا اللوح بما قدره وقضاه مما كان من إيجاده ما فوق

اللوح إلى أول موجود .

4- العرش الرحمانى :

استوى عليه سبحانه بالاسم الرحمن بالاستواء الذى

يليق به الذى لا يعلمه إلا هو من غير تشبيه ولا تكييف .

5- العرش الكريم :

وهو الكرسى وعمر هذا الكرسى بالملائكة المدبرات ،

لأنه أول عالم التركيب .

ويقول القشيري :

ما تجمل بالعرش ، ولكن تعزز العرش بأنهُ أضافهُ إلى نفسه

إضافة خصوصية . .. والكريم هو الحَسَنْ .

ويقول الجيلى :

عرش الرحمن هو الربوبية النافذة فى حق الوجود

المطلق ، بأحدية الوجود السارى فيه ، فيتجلى فيها

جمالا وجلالا ، بالبسط والقبض والعطاء والمنع ، والإيجاد

والإعدام . يتجلى اللَّه تعالى على العبد فى هذا المنظر

بتجلى يتمكن فيه العبد من العالم الكونى ، فيفعل ما

يشاء كما يريد ، فحينئذ يستوى العبد أعنى روحه

المقدسة على عرش الأسماء والصفات ، فيتصف بما شاء

من الصفات ، ويترك ما شاء مدخرا فى الذات ، أعنى

يظهر أثر ما شاء ويخفى أثر ما شاء .

والعرش الأكبر عند أهل التصوف : هو قلب الإنسان الكامل.

وقال القشيرى فى الاستواء الوارد فى قوله تعالى :

" الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى "

استواء عرشه فى السماء معلوم ، وعرشه فى الأرض

قلوب أهل التوحيد ، قال الله تعالى : "وَيَحْمِلُ عَرْشَ

رَبِّكَ فَوْقَهُمْ يَوْمَئِذٍ ثَمَانِيَةٌ " وعرش القلوب . قال

تعالى : " وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ " .

أما عرش السماء فالرحمن عليه استوى ، وعرش القلوب

الرحمن عليه استولى . وعرش السماء قبلة دعاء الخلق ،

وعرش القلب محل نظر الحق ، فشتان بين عرش وعرش .