الحمد لله رب العالمين ، وأفضل الصلاة وأتم التسليم ، على المبعوث رحمة للعالمين ، وعلى آله وصحبه الطيبين الطاهرين ..
وبعد ..
قال محمد اليافعي : قد اشتهرت مؤخراً خطبة الخليفة الراشد عمر بن عبد العزيز بعدما صارت تلقى في بعض القنوات بصوت الشيخ العفاسي حفظه الله ..
ثم حاولت البحث عنها في المصادر والمراجع فوجدتها مروية في كتب التاريخ والزهد لموافقتها لهذا المجال ، وقد وردت بعدة صيغ مطولة ومتوسطه ومختصرة ، مع اختلاف في الفاظها بين الرواه ..
وأحببت ان أخرجها من تلك الكتب لقوة عبارتها ووقعها على القلب ، لعل الله ينفعنا بها وبقائلها رضي الله عنه ..
فأقول وبالله التوفيق ومنه السداد :
هذه الخطبة قد أخرجها الامام يعقوب بن سفيان الفسوي في تاريخه مطولة ، فقال : ( حدثني أبو زيد عبد الرحمن بن أبي الغمر حدثنا يعقوب بن عبد الرحمن عن أبيه قال: خطب عمر بن عبد العزيز هذه الخطبة - وكانت آخر خطبة خطبها - فحمد الله وأثنى عليه ثم قال: أنكم لم تخلقوا عبثا، ولن تتركوا سدى، وإن لكم معادا ينزل الله ليحكم فيكم، ويفصل بينكم، وخاب وخسر من خرج من رحمة الله وحرم جنة عرضها السموات والأرض، ألم تعلموا أن لا يؤمن غدا إلا من حذر الله اليوم وخافه، وباع نافدا بباق، وقليلا بكثير، وخوفا بأمان، ألا ترون أنكم في أسلاب الهالكين وستصير من بعدكم للباقين، وكذلك حتى تردون إلى خير الوارثين، ثم أنكم تشيعون كل يوم إلى الله غاديا ورائحا قد انقضى نحبه وانقضى أجله حتى تغيبوه في صدع من الأرض في شق صدع، ثم تتركوه غير ممهد ولا موسد، قد فارق الأحباب، وباشر التراب ووجه للحساب، مرتهنا بما عمل غنيا عما ترك، فقيرا إلى ما قدم، فاتقوا الله قبل موافاته وحلول الموت بكم، وأيم الله إني لأقول هذا وما أعلم أن عند أحد من الذنوب أكثر مما عندي، فأستغفر الله . وما منكم أحد يبلغنا حاجة لا يسع له ما عندنا إلا حرصنا أن نسد من حاجته ما استطعنا، وما منكم من أحد يعنى حاجة لا يسع له ما عندنا إلا تمنيت أن يبدأ بي وبخاصتي حتى يكون عيشنا وعيشه عيشا واحدا وأيم الله لو أردت غير هذا من غضارة عيش لكان اللسان به ذلولا وكنت بأسبابه عالما، ولكن سبق من الله كتاب ناطق وسنة عادلة، دل فيها على طاعته، ونهى فيها عن معصيته. ثم رفع طرف ردائه فبكى، وأبكى من حوله. )
واخرجها الحافظ ابن عساكر في تاريخه ( 35 / 372 ) من طريق يعقوب بن سفيان الفسوي ، فقال : اخبرنا أبو القاسم بن السمرقندي انا أبو بكر بن الطبري انا أبو الحسين بن الفضل انا عبد الله بن جعفر نا يعقوب ....... فذكره .
وأخرجها ابن قتيبة الدينوري في عيون الأخبار وعنون لها بقوله " خطبة لعمر بن عبد العزيز رحمة الله عليه " ، فقال : ( حدثني أبو سهل عن إسحاق بن سليمان عن شعيب بن صفوان عن رجل من آل سعيد بن العاص، قال: كان آخر خطبة خطب بها عمر بن عبد العزيز رحمه الله أن حمد الله وأثنى عليه، ثم قال: أما بعد، فإنكم لم تخلقوا عبثا، ولن تتركوا سدى، وإن لكم معادا ينزل الله فيه للحكم فيكم لفصل بينكم، فخاب وخسر من خرج من رحمة الله وحرم جنة عرضها السموات والأرض. ألم تعلموا أنه لا يأمن غدا إلا من حذر اليوم وخاف، وباع نافدا بباق، وقليلا بكثير، وخوفا بأمان؛ ألا ترون أنكم في أسلاب الهالكين، وستكون من بعدكم للباقين كذلك، حتى ترد إلى خير الوارثين! ثم إنكم في كل يوم تشيعون غاديا ورائحا إلى الله قد قضى نحبه، حتى تغيبوه في سدع من الأرض في بطن صدع غير موسد ولا ممهد، قد فارق الأحباب وباشر التراب وواجه حساب، فهو مرتهن بعمله، غني عما ترك فقير إلى ما قدم. فاتقوا الله قبل انقضاء مواقيته ونزول الموت بكم! غني عما ترك فقير إلى ما قدم. فاتقوا الله قبل انقضاء مواقيته ونزول الموت بكم أما إني أقول هذا وما أعلم أن عند أحد من الذنوب أكثر مما عندي، فأستغفر الله وأتوب به. ثم رفع طرف ردائه على وجهه فبكى وأبكى من حوله )
وابن ابي حاتم في تفسيره عند قوله تعالى " وأنكم إلينا لا ترجعون " : ( حدثنا علي بن الحسين ، ثنا علي بن محمد الطنافسي ، ثنا إسحاق بن سليمان ( شيخ من أهل العراق كما قال الحافظ ابن كثير في تفسيره ) ، شيخ أهل الطرق ، ثنا شعبة ، عن صفوان ، عن رجل من آل سعيد بن العاص قال : إن آخر خطبة خطب عمر بن عبد العزيز أن حمد الله وأثنى عليه ، ثم قال : « أما بعد ، فإنكم لم تخلقوا عبثا ولن تتركوا سدى ، وإن لكم معادا ينزل الله فيه للحكم بينكم ، ويفصل بينكم ، فخاب وخسر من خرج من رحمة الله وحرم جنته ، عرضها السموات والأرض ، ألم تعلموا أنه لا يأمن غدا إلا من حذر اليوم ، وخافه وباع نافذا بباق ، وقليلا بكثير ، وخوفا بأمان ، إلا ترون أنكم من أصلاب الهالكين ، وسيكون من بعدكم الباقون حين تردون إلى خير الوارثين ، ثم إنكم في كل يوم تشيعون غاديا ورائحا إلى الله ، قد قضى نحبه وانقضى أجله حتى تغيبوه في صدع من الأرض ، في بطن صدع غير ممتد ولا موسد ، قد فارق الأحباب ، وباشر التراب ، وواجه الحساب ، مرتهن بعمله ، غني عن ما ترك ، فقير إلى ما قدم ، فاتقوا الله قبل انقضاء مواثيقه ، ونزول الموت بكم » ، ثم رفع جعل طرف ردائه على وجهه فبكى وأبكى من حوله ) ..
وعزاه الحافظ ابن كثير في تفسيره ( 5 / 500 طبعة دار طيبة للنشر والتوزيع الطبعة الثانية 1420هـ - 1999 م ، بتحقيق سامي بن محمد سلامة ) الى ابن ابي حاتم ، فقال : ( قال ابن أبي حاتم : حدثنا علي بن الحسين، حدثنا علي بن محمد الطنافسي ، حدثنا إسحاق بن سليمان - شيخ من أهل العراق - أنبأنا شعيب بن صفوان ، عن رجل من آل سعيد بن العاص ..... فذكره
وابو نعيم في الحلية ( 5 / 287 طبعة دار الكتاب العربي - بيروت الطبعة الرابعة ، 1405 ) : ( حدثنا محمد بن أحمد، حدثنا الحسين بن محمد، حدثنا أبو زرعة، حدثنا أبو زيد عبد الرحمن بن أبي المعمر المصرى، حدثنا يعقوب بن عبد الرحمن، عن أبيه قال: خطب عمر بن عبد العزيز هذه الخطبة، وكان آخر خطبة خطبها، حمد الله وأثنى عليه ثم قال: إنكم لم تخلقوا عبثا، ولم تتركوا سدى، وإن لكم معادا ينزل الله فيه ليحكم بينكم ويفصل بينكم، وخاب وخسر من خرج من رحمة الله وحرم جنة عرضها السموات والأرض، ألم تعلموا أنه لا يأمن غدا إلا من حذر الله اليوم وخافه وباع نافدا بباق، وقليلا بكثير، وخوفا بأمان؟ ألا ترون أنكم في أسلاب الهالكين، وستصير من بعدكم للباقين، وكذلك حتى تردوا إلى خير الوارثين. ثم إنكم تشيعون كل يوم غاديا ورائحا، قد قضى نحبه، وانقضى أجله، حتى تغيبوه في صدع من الأرض، في شق صدع، ثم تتركوه غير ممهد ولا موسد، فارق الأحباب، وباشر التراب، ووجه للحساب، مرتهن بما عمل، غني عما ترك، فقير إلى ما قدم. فاتقوا الله وموافاته وحلول الموت بكم، أما والله إني لأقول هذا وما أعلم عند أحد من الذنوب أكثر مما عندي وأستغفر الله، وما منكم من أحد يبلغنا حاجته لا يسع له ما عندنا إلا تمنيت أن يبدأ بي وبخاصتي حتى يكون عيشنا وعيشه واحدا، أما والله لو أردت غير هذا من غضارة العيش لكان اللسان به ذلولا، وكنت بأسبابه عالما، ولكن سبق من الله كتاب ناطق، وسنة عادلة، دل فيها على طاعته، ونهى فيها عن معصيته، ثم رفع طرف ردائه فبكى وأبكى من حوله ) .
والطبري في تاريخه ( 4 / 71 طبعة دار الكتب العلمية - بيروت الطبعة الأولى ، 1407 ) ، فقال : ( روى عبد الله بن بكر بن حبيب السهمي قال حدثنا رجل في مسجد الجنابذ أن عمر بن عبد العزيز خطب الناس بخناصرة فقال أيها الناس إنكم لم تخلقوا عبثا ولن تتركوا سدى وإن لكم معادا ينزل الله فيه للحكم فيكم والفصل بينكم وقد خاب وخسر من خرج من رحمة الله التي وسعت كل شيء وحرم الجنة التي عرضها السماوات والأرض ألا واعلموا إنما الأمان غدا لمن حذر الله وخافه وباع نافدا بباق وقليلا بكثير وخوفا بأمان ألا ترون أنكم في أسلاب الهالكين وسيخلفها بعدكم الباقون كذلك حتى ترد إلى خير الوارثين وفي كل يوم تشيعون غاديا ورائحا إلى الله قد قضى نحبه وانقضى أجله فتغيبونه في صدع من الأرض ثم تدعونه غير موسد ولا ممهد قد فارق الأحبة وخلع الأسباب فسكن التراب وواجه الحساب فهو مرتهن بعمله فقير إلى ما قدم غني عما ترك فاتقوا الله قبل نزول الموت وانقضاء مواقعه وايم الله إني لأقول لكم هذه المقالة وما أعلم عند أحد منكم من الذنوب أكثر مما عندي فأستغفر الله وأتوب إليه وما منكم من أحد تبلغنا عنه حاجة إلا أحببت أن أسد من حاجته ما قدرت عليه وما منكم أحد يسعه ما عندنا إلا وددت أنه سداي ولحمتي حتى يكون عيشنا وعيشه سواء وايم الله أن لو أردت غير هذا من الغضارة والعيش لكان اللسان مني به ذلولا عالما بأسبابه ولكنه مضى من الله كتاب ناطق وسنة عادلة يدل فيها على طاعته وينهى عن معصيته ثم رفع طرف ردائه فبكى حتى شهق وأبكى الناس حوله ثم نزل فكانت إياها لم يخطب بعدها حتى مات رحمه الله )
وابن ابي الدنيا في قصر الأمل ، فقال : ( حدثنا عبد الله قال : حدثنا أبو عبد الرحمن النحوي عبد الله بن محمد بن هانئ النيسابوري ، قال : أخبرنا مرحوم بن عبد العزيز ، عن القعقاع بن عجلان ، قال : خطب عمر بن عبد العزيز ، فحمد الله تعالى وأثنى عليه ، وقال : « أيها الناس ، إنكم لم تخلقوا عبثا ، ولن تتركوا سدى . وإن لكم معادا يجمعكم الله للحكم فيكم والفصل فيما بينكم فخاب وشقي عبد أخرجه الله من رحمته التي وسعت كل شيء ، وجنته التي عرضها السماوات والأرض ، وإنما يكون الأمان غدا لمن خاف الله واتقى ، وباع قليلا بكثير ، وفانيا بباق ، وشقوة بسعادة . ألا ترون أنكم في أسلاب الهالكين ، وسيخلفه بعدكم الباقون ؟ ألا ترون أنكم في كل يوم تشيعون غاديا أو رائحا إلى الله ، قد قضى نحبه ، وانقطع أمله ، فيضعونه في بطن صدع من الأرض غير موسد ولا ممهد ، قد خلع الأسلاب ، وفارق الأحباب ، وواجه الحساب ؟ ، وايم الله إني لأقول لكم مقالتي هذه ، وما أعلم عند أحد منكم من الذنوب أكثر مما أعلم من نفسي ؛ ولكنها سنن من الله عادلة ، أمر فيها بطاعته ، ونهى فيها عن معصيته . وأستغفر الله » . ووضع كمه على وجهه فبكى حتى لثقت لحيته ، فما عاد إلى مجلسه حتى مات رحمه الله )
وأخرجها الحافظ ابن عساكر في تاريخه ( 45 / 173 ) من طريق ابن ابي الدنيا في قصر الامل ، فقال : ( أخبرنا أبو محمد بن طاوس أنا جعفر بن أحمد السراج أنا أبو علي بن شاذان أنا أبو جعفر عبد الله بن إسماعيل بن إبراهيم الهاشمي نا ابن أبي الدنيا ..... فذكره .
وأخرجها ايضاً ابن ابي الدنيا في الزهد ، وفي ذم الدنيا ايضاً بسند واحد ، ولكن بإختصار ، فقال : ( ثنا إسحاق بن إسماعيل ، قال : حدثني يحيى بن أبي بكير ، قال : ثنا عبد الله بن الفضل التميمي ، قال : آخر خطبة خطبها عمر بن عبد العزيز أن صعد المنبر ، فحمد الله عز وجل وأثنى عليه ، ثم قال : أما بعد فإن ما في أيديكم أسلاب الهالكين ، وسيتركها الباقون كما تركها الماضون ، ألا ترون أنكم في كل يوم وليلة تشيعون غاديا أو رائحا إلى الله عز وجل ، وتضعونه في صدع من الأرض ، ثم في بطن صدع غير ممهد ، ولا موسد ، قد خلع الأسلاب ، وفارق الأحباب ، وأسكن التراب ، وواجه الحساب ، فقيرا إلى ما قدم أمامه ، غنيا عما ترك بعده « أما والله إني لأقول لكم هذا وما أعرف من أحد من الناس مثل ما أعرف من نفسي » قال : ثم مال بطرف ثوبه على عينه فبكى ، ثم نزل فما خرج حتى أخرج إلى حفرت )
والدينوري في المجالسه ( ص 221 برقم 972 طبعة دار ابن حزم - لبنان/ بيروت - 1423هـ - 2002م الطبعة الأولى ) : ( حدثنا محمد بن يحيى الحلواني نا محمد بن عبيد نا إسحاق بن سليمان عن شعيب بن صفوان قال حدثني ابن لسعيد بن العاص قال كان آخر خطبة خطبها عمر بن عبد العزيز رحمه الله حمد الله وأثنى عليه ثم قال أما بعد فإنكم لم تخلقوا عبثا ولن تتركوا سدى وإن لكم معادا ينزل الله تبارك وتعالى فيه للحكم فيكم والفصل بينكم فخاب وخسر من خرج من رحمة الله وحرم جنة عرضها السماوات والأرض ألم تعلموا أنه لا يأمن غدا إلا من حذر اليوم وخافه وباع نافدا بباق وقليلا بكثير وخوفا بأمان ألا ترون أنكم في أسلاب الهالكين وستكون من بعدكم للباقين كذلك حتى يرد الأمر إلى خير الوارثين ثم إنكم في كل يوم تشيعون غاديا ورائحا إلى الله عز وجل قد قضى نحبه حتى تغيبوه في صدع من الأرض في بطن صدع غير موسد ولا ممهد قد فارق الأحباب وباشر التراب وواجه الحساب فهو مرتهن بعمله غني عما ترك فقير إلى ما قدم فاتقوا الله قبل انقضاء مواقيته ونزول الموت بكم أما إني أقول هذا ثم رفع طرف ردائه على وجهه فبكى بكاء شديدا وأبكى من حوله )
وابن الشجري في الامالي الشجرية في الحديث الثالث عشر " ذكر ليلة القدر وفضلها وما يتصل بذلك " ، فقال : ( أخبرنا القاضي أبو محمد يوسف بن رباح بن علي البصري الحنيفي نزيل الأهواز قراءة عليه في جامعها، قال حدثنا أبو الحسن علي بن الحسين بن بندار الأردني قراءة عليه بمصر في منزله، قال حدثنا أبو العباس محمود بن محمد بن الفضيل الأديب بأنطاكية، قال حدثنا عبد الله بن الهيثم بن عثمان، قال حدثنا أبو وهب عبد الله بن بكر بن حبيب السهمي، قال حدثنا بشير أبو نصر، قال خطبنا عمر بن عبد العزيز رحمه الله بحناصره فقال: إنكم لم تخلقوا عبثا ولم تتركوا سدا وإن لكم ميعادا ينزل الله فيحكم عليكم ويفصل القضاء بينكم، فقد خاب وخسر من خرج من رحمة الله وحرم الجنة التي عرضها السموات والأرض، وباع نافدا بباق، وخوفا بأمان، وجنة بنار، وقليلا بكثير، ألا ترون أنكم في أسلاب الهالكين في كل يوم تشيعون غاديا ورائحا إلى الله عز وجل، فتنقبون له في صدع من الأرض ثم تجعلونه في بطن صدع، ثم تتركونه غير موسد ولا ممهد، قد قضى نحبه وانقضى أثره، قد فارق الأحباب وخلع الأسباب، وسكن التراب، مرتهنا بعمله، فقيرا إلى ما قدم، غنيا عما ترك، فاتقوا الموت قبل نزول الموت بكم، وأيم الله إني لأقول لكم هذه المقالة وما أعلم عند أحد منكم من الذنوب أكثر مما عندي، فأستغفر الله وأتوب إليه، ولولا كان اللسان به ذاولا وما منكم من أحد لا يسعه ما عندنا لوددت أنه بدئ بي ويلحقني الذين بلوني، ثم وضع رداءه على وجهه وبكى حتى علا بكاؤه، ثم لم يخطب بعدها حتى مات. )
وذكرها الحافظ ابن كثير في البداية والنهاية ( 9 / 224 ) ، فقال : ( قال أحمد بن مروان : ثنا أحمد بن يحيى الحلواني، ثنا محمد بن عبيد، ثنا إسحاق بن سليمان، عن شعيب بن صفوان، حدثني ابن لسعيد بن العاص قال: كان آخر خطبة خطبها عمر بن عبد العزيز، حمد الله وأثنى عليه ثم قال: أما بعد فإنكم لم تخلقوا عبثا، ولم تتركوا سدى، وإن لكم معادا ينزل الله فيه للحكم فيكم والفصل بينكم، فخاب وخسر من خرج من رحمة الله تعالى ، وحرم جنة عرضها السموات والارض، ألم تعلموا أنه لا يأمن غدا إلا من حذر اليوم الآخر وخافه، وباع فانيا بباق، ونافدا بمالا نفاد له، وقليلا بكثير، وخوفا بأمان، ألا ترون أنكم في أسلاب الهالكين، وسيكون من بعدكم للباقين، كذلك حتى ترد إلى خير الوارثين، ثم إنكم في كل يوم تشيعون غاديا ورائحا إلى الله لا يرجع، قد قضى نحبه حتى تغيبوه في صدع من الارض، في بطن صدع غير موسد ولا ممهد، قد فارق الاحباب، وواجه التراب والحساب، فهو مرتهن بعمله، غني عما ترك، فقير لما قدم، فاتقوا الله قبل القضاء، راقبوه قبل نزول الموت بكم، أما إني أقول هذا، ثم وضع طرف ردائه على وجهه فبكى وأبكى من حوله. وفي رواية : وأيم الله إني لاقول قولي هذا ولا أعلم عند أحد منكم من الذنوب أكثر مما أعلم من نفسي، ولكنها سنن من الله عادلة، أمر فيها بطاعته، ونهى فيها عن معصيته، وأستغفر الله، ووضع كمه على وجهه فبكى حتى بل لحيته، فما عاد لمجلسه حتى مات رحمه الله. )
وانظر الخطبة في هذه المصادر والمراجع : سيرة عمر لابن الجوزي ( ص 259 ) ، وسيرة عمر لابن عبد الحكم ( ص 42 - 43 ) ، العقد الفريد لابن عبد ربه ( 2 / 144 ) ، والاغاني لابي الفرج الاصبهاني ( 9 / 305 طبعة دار الفكر - بيروت الطبعة الثانية ، بتحقيق سمير جابر ) ، وصفة الصفوة لابن الجوزي ( 2 / 123 - 124 طبعة دار المعرفة - بيروت الطبعة الثانية ، 1399 - 1979 ، بتحقيق محمود فاخوري ، والدكتور محمد رواس قلعجي ) ، والابي في نثر الدر في الباب الخامس " كلام عمر بن عبد العزيز " ، والعاقبه في ذكر الموت للحافظ عبد الحق الاشبيلي ( ص 84 طبعة مكتبة دار الأقصى - الكويت الطبعة الأولى ، 1406 - 1986 ، بتحقيق خضر محمد خضر ) ، والوابل الصيب لابن القيم ( ص 20 طبعة دار الكتاب العربي - بيروت الطبعة الأولى ، ذ1405 - 1985 ، بتحقيق محمد عبد الرحمن عوض ) ، والبيان والتبين للجاحظ ( ص 274 طبعة دار صعب - بيروت الطبعة الأولى ، 1968 ، بتحقيق المحامي فوزي عطوي ) ، وجمهرة خطب العرب لاحمد زكي صفوت ( 2 / 211 طبعة المكتبة العلمية – بيروت ) ، واحياء علوم الدين للغزالي ( 4 / 455 - 456 طبعة دار االمعرفة - بيروت ) ، وغيرهم ..
آخر خطبة خطبها سيدنا عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه