عادل محمد زايد
عدد المساهمات : 4107 تاريخ التسجيل : 30/01/2009 العمر : 38 الموقع : المشرف علي المنتدي
| موضوع: فصل فى الجوع لسيدى محيى الدين ابن العربى سلطان الا ولياء الجمعة يوليو 17, 2009 10:25 am | |
| فصل
في الجوع
الجوع هو الركن الثالث من أركان هذا الطريق الإلهي وهو يتضمن الركن الرابع الذي هو السهر كالعزلة تتضمن الجوع والصمت , والجوع جوعان اختياري وهو جوع السالكين , وجوع اضطراري وهو جوع المحققين , فإن المحقق لا يجوع نفسه ولكن يقلل أكله إن كان في مقام الأنس , فإن كان في مقام الهيبة كثر أكله , فكثرة الأكل للمحققين دليل على صحة سطوات أنوار الحقيقة على قلوبهم بحال العظمة في مشهودهم , وقلة الأكل لهم دليل على صحة المحادثة بحال الموانسة من مشهودهم , وكثرة الأكل للسالكين دليل على بعدهم عن الله تعالى وطردهم عن بابه واستيلاء النفس الشهوانية البهيمية بسلطانها عليهم , وقلة الأكل لهم دليل على نفحات الجود الإلهي على قلوبهم فيشغلهم ذلك عن تدبير جسومهم , والجوع بكل حال ووجه سبب داع للسالك والمحقق إلى نيل عظيم الأحوال للسالكين والأسرار للمحققين ما لم يفرط بصحو من الجائع , فإنه إذا أفرط أدى إلى الهوس وذهاب العقل وفساد المزاج , فلا سبيل للسالك أن يجوع الجوع المطلوب لنيل الأحوال إلا عن أمر شيخ وأما وحده فلا سبيل له , لكن يتعين على السالك إذا كان وحده التقليل من الطعام واستدامة الصيام ولزوم أكلة واحدة في الليل والنهار وأن يغب بالادم الدسم فلا يتأدم في الجمعة سوى مرتين إن أراد أن ينتفع يجد شيخاً , فإذا وجده سلم أمره إليه , وشيخه يدبر أمره وحاله , إذ الشيخ أعرف بمصالحه منه , وللجوع حال ومقام , فحاله الخشوع والخضوع والمسكنة والذلة والافتقار وعدم الفضول وسكون الجوارح وعدم الخواطر الردية هذا الجوع للسالكين , وأما حاله في المحققين فالرقة والصفاء والمؤانسة وذهاب الكون والتنزه عن الأوصاف البشرية بالقوة الإلهية والسلطان الرباني , ومقامه المقام الصمداني , وهو مقام عال له أسرار وتجليات وأحوال ذكرناها في كتاب مواقع مواقع النجوم في عضو القلب , ولكن في بعض النسخ فإني استدركته فيه بمدينة بجاية سنة سبع وتسعين وخمسماية , وكان قد خرجت منه نسخٌ كثيرةٌ في البلاد لم يثبت فيها هذا المنزل , فهذا فائدة الجوع المصاحب للهمة لا جوع العامة , فإن جوع العامة جوع صلاح مزاج وتنعيم البدن بالصحة لا غير , والجوع يورث معرفة الشيطان عصمنا الله وإياكم منه . | |
|