ومن أجل ذلك أضع الآن بين أيديكم البعض من المواعظ والحكم في غاية الروعه مواعظ من سِيَر الصالحين ------------------------------ عن محمد بن سيرين :
أنه سمع رجلا يسب الحجاج فأقبل عليه فقال : إعلم أنَّ الله تعالى حكَمٌ عدل إن أخذ من الحجَّاج لمن ظلمه ، فسوف يأخذ للحجَّاج ممن ظلمه فلا تشغلن نفسك بسب أحد ...
ويقول : (( إني لأعرف الذنب الذي حُمِّلَ عليَّ به الدين ما هو ؟! قلت لرجل من أربعين سنة : يا مفلس ))
فحدّث به أبا سليمان الداراني فقال : قلَّتْ ذنوبهم فعرفوا من أين يُؤْتَون وكثرت ذنوبنا فليس ندري من أين نُؤتى !!!
قال ابن الجوزي في صيد الخاطر : رأيت أقواما من المنتسبين إلى العلم أهملوا نظر الحق عز وجل إليهم في الخلوات ، فمحا محاسن ذكرهم في الجلوات ، فكانوا موجودين كالمعدومين ، لا حلاوة لرؤيتهم ، ولا قلب يحنُّ إلى لقائهم ! فالله .. الله في مراقبة الحق عز وجل ، فإنَّ ميزان عدله تَبينُ فيه الذَّرَّة وجزاؤه مرصدٌ للمخطيء ولو بعد حين ، وربما ظن أنه العفو ، وهو إمهال ! وللذنوب عواقب سيئة ... فالله .. الله .. الخلوات .. الخلوات .. البواطن .. البواطن فإنَّ عليكم من الله عينا ناظرة !
وله - أيضاً - في صيد الخاطر : أعظم المعاقبة أن لا يحس المُعاقب بالعقوبة وأشد من ذلك أن يقع السرور بما هو عقوبة ! كالفرح بالمال الحرام ، والتمكُّن من الذنوب ومن هذه حاله لا يفوز بطاعة ..
ومن مواعظه ..أيها الغافل : ما عندك خبر منك ! فما تعرف من نفسك إلا أن تجوع فتأكل ، و تشبع فتنام ، و تغضب فتخاصم فبم تميزت عن البهائم ! يا من قد وهى شبابه ، و امتلأ بالزلل كتابه أما بلغك ان الجلود إذا استشهدت نطقت ! أما علمت أن النار للعصاة خُلِقَت ! إنها لتحرق كل ما يُلقى فيها أين ندمك على ذنوبك ؟ أين حسرتك على عيوبك ؟ إلى متى تؤذي بالذنب نفسك و تضيع يومك تضييعك أمسك لا مع الصادقين لك قدم ، و لا مع التائبين لك ندم هلاّ بسطت في الدجى يدا سائلة ، و أجريت في السحر دموعا سائلة ؟!
من مواعظ شميط بن عجلان : "حملت على قلبك الضعيف هَمَّ السنين والدهور والأزمنة وَهَمَّ الغلاء والرخص ، وهم الشتاء قبل أن يجىء ، وهم الصيف قبل أن يجىء فماذا أبقيت من قلبك الضعيف للآخرة !!! ما تُطلب الجنة بهذا ، متى تهرب من النار ؟؟؟ كل يوم يُنْقِص من أجلك ثمّ لا تحزن!!! أُعْطيتَ ما يكفيك وأنت تطلب ما يُطغيك ، لا بقليل تقنع ولا من كثير تشبع ، كيف لا يتبيّن للعالم جهله وقد عجز عن شكر ما هو فيه !! مُعْتَنٍ في طلب الدنيا فيقرأ القرءان ويطلب العلم حتى إذا علمه أخذ الدنيا فضمّها إلى صدره وحملها على رأسه !!!
من مواعظ سلمة بن دينار :يا بؤس من يموت وتبقى ذنوبه من بعده !!! ذهبت اللذة وبقيت التبعة إحذر ... إنك تعامل من لا يجهل ، والذي يحفظ عليك لا يغفل داوِ دينك فقد دخله سقم شديد ، أما ترى ما أنت فيه من الجهل والغرة وما الناس فيه من البلاء والفتنة !!
من مواعظ أبي سليمان الداراني :يجمع الناس موقف واحد جميعا وهم فرادى ، كل شخص منهم مشغول بنفسه ، فمرارة التقوى اليوم حلاوة في ذلك اليوم والأعمى من عَمِيَ بَعْدَ البصر ، والهالك من هلك في آخر سَفَرِه وقد قارب المنزل والخاسر من أبدى للناس صالح عمله وبارز بالقبيح من هو أقرب إليه من حبل الوريد !
من مواعظ إبراهيم بن أدهم :ليس من أعلام الحب أن تحب ما يبغض حبيبك ! ذم مولانا الدنيا فمدحناها ، وأبغضها فأحببناها وزهّدنا فيها فآثرناها ورغبنا في طلبها وعدكم خراب الدنيا فحصَّنتموها ، ونُهيتم عن طلبها فطلبتموها وأنذرتم الكنوز فكنزتموها خالفتم الله فيما أنذر وحَذَّر ، وعصيتموه فيما نهى وأمر وإنّما تحصدون ما تزرعون ، وتجنون ما تغرسون ، وتُكافأون بما تفعلون وتُجزَون بما تعملون، فاعلموا إن كنتم تعقلون ، وانتبهوا من رقدتكم لعلكم تفلحون الحذر الحذر !! الجد الجد !! كونوا على حياء من الله ، فوالله لقد ستر وأمهل وجاد فأحسن ...
من مواعظ أحمد الرفاعي : " إن غركم لباس الحكام والأعيان وزينتهم وضاقت صدوركم بهذافاذهبوا إلى المقابر وانظروا ءاباءكم وءاباءهم تجدوا الكل في التراب والله أعلم بمن هو في النعيم وبمن هو في العذاب فأنتم كذلك مع هؤلاء تتساوون : { وسيعلم الذين ظلموا أيّ مُنقلَب ينقلبون}