يقول الحسن بن علي (سلام الله عليهما): (رأيت أمي فاطمة في محرابها ليلة جمعتها فلم تزل راكعة ساجدة حتى اتّضح عمود الصبح وسمعتها تدعو للمؤمنين والمؤمنات وتسميهم وتكثر الدعاء لهم ولا تدعو لنفسها بشيء). وفي سيرتها أنها كانت تخصّص الساعات الأخيرة من نهار الجمعة للدعاء.
وأنها في العشر الأخير من رمضان المبارك لا تنام الليل وتُحرّض جميع من في بيتها بإحياء الليل بالعبادة والدعاء. وأنها كانت تشكو من تورّم في قدميها لكثرة وقوفها بين يدي ربّها خاشعة ومتهجّدة.
وهل خرجت فاطمة في حياتها كلها من المحراب؟ وهل كانت حياتها كلها إلا السجود الدائم؟
فهي في البيت تعبد الله في حسن التبعل وفي تربية أولادها (إن مسجد المرأة بيتها)، وهي في قيامها بالخدمات العامة كانت تطيع الله وتعبده في خلقه الذين كلهم عيال الله وأحب خلقه إليه أنفعهم لعياله.
وهي في مواساتها للفقراء وللمتعبين والمعذبين كانت تقوم بعبادة الله بنفسها وبأهل بيتها حيث أنهم كانوا حسب نقل القرآن الكريم (ويطعمون الطعام على حبِّه مسكيناً ويتيماً وأسيراً) حين كانوا (ويُؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة) والغاية على لسانهم وفي قلوبهم (إنما نطعمكم لوجه الله لا نريد منكم جزاءً ولا شكوراً) __________________ واتقوا الله ويعلمكم الله