التبرك بسيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم واثا ره الجزء الا ول
كاتب الموضوع
رسالة
عادل محمد زايد
عدد المساهمات : 4107 تاريخ التسجيل : 30/01/2009 العمر : 38 الموقع : المشرف علي المنتدي
موضوع: التبرك بسيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم واثا ره الجزء الا ول الجمعة يوليو 10, 2009 3:28 pm
التبرك بسيدنا رسول الله وآثاره
مفهـوم التبـرك
يخطئ كثير من الناس في فهم حقيقة التبرك بالنبي r وآثاره وآل بيته ووراثه من العلماء والأولياء رضي الله عنهم ، فيصفون كل من يسلك ذلك المسلك بالشرك والضلال كما هي عادتهم في كل جديد يضيق عنه نظرهم ويقصر عن إدراكه تفكيرهم .
وقبل أن نبين الأدلة والشواهد الناطقة بجواز ذلك ، بل بمشروعيته ينبغي أن نعلم أن التبرك ليس هو إلا توسلاً إلى الله سبحانه وتعالى بذلك المتبرَّك به سواء أكان أثراً أو مكاناً أو شخصاً .
أما الأعيان فلاعتقاد فضلها وقربها من الله سبحانه وتعالى مع اعتقاد عجزها عن جلب خير أو دفع شر إلا بإذن الله .
وأما الآثار فلأنها منسوبة إلى تلك الأعيان فهي مشرفة بشرفها ومكرمة ومعظمة ومحبوبة لأجلها .
وأما الأمكنة فلا فضل لها لذاتها من حيث هي أمكنة وإنما لما يحل فيها ويقع من خير وبر كالصلاة والصيام وجميع أنواع العبادات مما يقوم به عباد الله الصالحون ، إذ تتنزل فيها الرحمات وتحضرها الملائكة وتغشاها السكينة وهذه هي البركة التي تطلب من الله في الأماكن المقصود لذلك .
وهذه البركة تطلب بالتعرض لها في أماكنها بالتوجه إلى الله تعالى ودعائه واستغفاره وتذكر ما وقع في تلك الأماكن من حوادث عظيمة ومناسبات كريمة تحرك النفوس وتبعث فيها الهمة والنشاط للتشبه بأهلها أهل الفلاح والصلاح ، وإليك هذه النصوص المقتبسة من رسالتنا الخاصة في موضوع البركة .
التبرك بشعره وفضل وضوءه وبصاقه وعرقه :
1- عن جعفر بن عبد الله بن الحكم أن خالد بن الوليد فقد قلنسوة له يوم اليرموك ، فقال : أطلبوها ، فلم يجدوها – فقال : أطلبوها فوجدوها ، فإذا هي قلنسوة خلقة – أي ليست بجديـدة ، فقال خـالـد : اعتمـر رسول الله r فحلق رأسه فابتدر الناس جوانب شعره – فسبقتهم إلى ناصيته فجعلتها في هذه القلنسوة ، فلم أشهد قتالاً وهي معي إلا رزقت النصر .
قال الحافظ الهيثمي : رواه الطبراني وأبو يعلى بنحوه ، ورجالهما رجال الصحيح ، وجعفر سمع من جماعة من الصحابة فلا أدري سمع من خالد أم لا (9/349) ، وذكره ابن حجر في المطالب العالية (ج4 ص90) ، وفيه يقول خالد : (فما وجهت في جهة إلا فتح لي) .
2- وعن مالك بن حمزة بن أبي أسيد الساعدي الخزرجي عن أبيه عن جده أبي أسيد وله بئر بالمدينة يقال لها : بئر بضاعة ، قد بصق فيها النبي r فهو يشربها ويتيمن بها . رواه الطبراني ورجاله ثقات .
وصف عروة بن مسعود حال الصحابة مع النبي r :
3- قال الإمام البخاري بسنده : ثم إن عروة جعل يرمق أصحاب النبي r بعينه قال : فوالله ما تنخم رسول الله r نخامة إلا وقعت في كف رجل منهم فدلك بها وجهه وجلده وإذا أمرهم ابتدروا أمره ، وإذا توضأ كادوا يقتتلون على وضوئه ، وإذا تكلموا خفضوا أصواتهم عنده ، وما يحدون إليه النظر تعظيماً له ، فرجع عروة إلى أصحابه ، فقال : أي قوم والله لقد وفدت على الملوك ووفدت على قيصر وكسرى والنجاشي ، والله إن رأيت() ملكاً قط يعظمه أصحابه ما يعظم أصحاب محمد r محمداً ، والله إن يتنخم نخامة إلا وقعت في كف رجل منهم فدلك بها وجهه وجلده ، وإذا أمرهم ابتدروا أمره ، وإذا توضأ كادوا يقتتلون على وضوئه ، وإذا تكلموا خفضوا أصواتهم عنده ، وما يحدون إليه النظر تعظيماً له. رواه البخاري في كتاب الشروط باب الشروط في الجهاد. (فتح الباري ج5 ص330).
ولعل الصحابة فعلوا ذلك بحضرة عروة وبالغوا في ذلك إشارة منهم إلى الرد على ما خشيه من فرارهم ، وكأنهم قالوا بلسان الحال : من يحب إمامه هذه المحبة ويعظمه هذا التعظيم كيف يظن به أنه يفر عنه ويسلمه لعدوه ؟ بل هم أشد اغتباطاً به وبدينه وبنصره من القبائل التي يراعي بعضها بعضاً بمجرد الرحم ، فيستفاد منه جواز التوصل إلى المقصود بكل طريق سائغ .
(كذا في فتح الباري ج5 ص341)
النبي r يرشد إلى المحافظة على بقية وضوئه :
4- عن طلق بن علي قال : خرجنا وفداً إلى رسول الله r فبايعناه وصلينا معه وأخبرناه أن بأرضنا بيعة لنا فاستوهبناه من فضل طهوره ، فدعا بماء فتوضأ وتمضمض ثم صبه لنا في إداوة وأمرنا فقال لنا : [اخرجوا فإذا أتيتم أرضكم فاكسروا بيعتكم وانضحوا مكانها بهذا الماء واتخذوها مسجداً] ، قلنا : إن البلد بعيد والحر شديد والماء ينشف ، فقال : [مدّوه من الماء فإنه لا يزيده إلا طيباً] .
رواه النسائي كذا في المشكاة (رقم 716) . وهذا الحديث من الأصول المعتبرة المشتهرة الدالة على مشروعية التبرك به وبآثاره وبكل ما هو منسوب إليه فإنه r أخذ وضوءه ثم جعله في إناء ثم أمرهم أن يأخذوه معهم إجابة لطلبهم وتحقيقاً لمرادهم ، فلابد أن هناك سراً قوياً متمكناً في نفوسهم دفعهم إلى طلب هذا الماء بخصوصه ، والمدينة مملوءة بالمياه ، بل وبلادهم مملوءة بالماء فلم هذا التعب والتكلف في حمل قليل من الماء من بلد إلى بلد مع بعد المسافة وطول السفر وحرارة الشمس ؟ .
نعم كل ذلك لم يهمهم لأن المعنى الذي يحمله هذا الماء يهون عليهم كل مشقة ألا وهو التبرك به وبآثاره وبكل ما هو منسوب إليه وهو لا يوجد في بلدهم ولا يتوافر على كل حال عندهم ، بل ويتأكد تأييده لهم r ورضاه عن فعلهم بجوابه لهم لما قالوا : إن الماء ينشف لشدة الحر إذ قال لهم : [مدوه من الماء] ، فبين لهم أن بركته التي حلت في الماء لا تزال باقية مهما زادوا فيه فهي مستمرة متصلة.
التبرك بشعره r بعد موته :
5- عن عثمان بن عبد الله بن موهب قال : أرسلني أهلي إلى أم سلمة بقدح من ماء فجاءت بجلجل من فضة فيه شعر من شعر النبي r وكان إذا أصاب الإنسان عين أو شيء بعث إليها مخضبة قال : فاطلعت في الجلجل فرأيت شعرات حمراء . رواه البخاري في كتاب اللباس باب ما يذكر في الشيب .
قال الإمام الحافظ ابن حجر في الفتح : وقد بينه وكيع في مصنفه فقال : كان جلجلاً من فضة صيغ صوانا لشعرات النبي r التي كانت عند أم سلمة والجلجل – هو شبه الجرس يتخذ من الفضة أو الصفر أو النحاس ، وقد تنزع منه الحصاة التي تتحرك فيه فيوضع فيه ما يحتاج إلى صيانته .
كذا في فتح الباري (ج10 ص353) .
قال الإمام العيني : وبيان ذلك على التحرير : أن أم سلمة كان عندها شعرات من شعر النبي r حمر في شيء مثل الجلجل ، وكان الناس عند مرضهم يتبركون بها ، ويستشفون من بركتها ، ويأخذون من شعره ويجعلونه في قدح من الماء ، فيشربون الماء الذي فيه الشعر ، فيحصل لهم الشفاء ، وكان أهل عثمان أخذوا منها شيئاً وجعلوه في قدح من فضة ، فشربوا الماء الذي فيه ، فحصل لهم الشفاء ، ثم أرسلوا عثمان بذلك القدح إلى أم سلمة ، فأخذته أم سلمة ، ووضعته في الجلجل ، فاطلع عثمان في الجلجل ، فرأى فيه شعرات حمراء .
(قوله : وكان إذا أصاب الإنسان إلى آخره) كلام عثمان بن عبد الله بن موهب : أي كان أهلي كذا فسره الكرماني .
وقال بعضهم : وكان أي الناس إذا أصاب الإنسان : أي منهم ، والذي قاله الكرماني أصوب يبين به أن الإنسان إذا أصابه عين أو شيء من الأمراض بعث أهله إليها : أي إلى أم سلمة ، مخضبة – بكسر الميم وسكون الخاء المعجمة وفتح الضاد المعجمة والباء الموحدة – وهي الإجانة ، ويجعل فيها ماء وشيء من الشعر المبارك ، ويجلس فيها ، فيحصل له الشفاء ، ثم يرد الشعر إلى الجلجل .
(عمدة القاري شرح صحيح البخاري ج18 ص79) .
النبي r يقسم شعره بين الناس :
روى مسلم من حديث أنس :
((أن النبي صلى الله عليه وسلم أتى منى فأتى الجمرة فرماها ، ثم أتى منزله بمنى ونحر ، وقال للحلاق : خذ ، وأشار إلى جانبه الأيمن ثم الأيسر ، ثم جعل يعطيه الناس)) ..
وروى الترمذي من حديث أنس أيضاً قال : (لما رمى رسول الله r الجمرة نحر نسكه ثم ناول الحالق شقه الأيمن فحلقه ، فأعطاه أبا طلحة ، ثم ناوله شقه الأيسر فحلقه ، فقال : اقسم بين الناس) .
ثم ظاهر رواية الترمذي : أن الشعر الذي أمر أبا طلحة بقسمته بين الناس هو شعر الشق الأيسر ، وهكذا رواية مسلم من طريق ابن عيينة ، وأما رواية حفص بن غياث وعبد الأعلى ففيهما : أن الشق الذي قسمه بين الناس هو الأيمن وكلا الروايتين عند مسلم .
توزيع شعره صلى الله عليه وسلم شعرة شعرة :
وقد جاء في رواية حفص عند مسلم أيضاً بلفظ : (فبدأ بالشق الأيمن فوزعه الشعرة والشعرتين بين الناس ، ثم قال بالأيسر فصنع به مثل ذلك) .
وقال أبو بكر في روايته عن حفص : (قال للحلاق : هاء ، وأشار بيده إلى الجانب الأيمن هكذا ، فقسم شعره بين من يليه ، قال : ثم أشار إشارة إلى الحلاق إلى الجانب الأيسر فحلقه فأعطاه أم سليم) .
الناس يتهافتون على شعره r :
وفي رواية أحمد في المسند ما يقتضي أنه أرسل شعر الشق الأيمن مع أنس إلى أمه – أم سليم – امرأة أبي طلحة – فإنه قال فيها : (لما حلق رسول الله r رأسه بمنى أخذ شق رأسه الأيمن بيده ، فلما فرغ ناولني فقال : ياأنس! انطلق بهذا إلى أم سليم ، قال فلما رأى الناس ما خصنا به تنافسوا في الشق الآخر ، هذا يأخذ الشيء وهذا يأخذ الشيء) .
تحقيق الكلام في الموضوع :
وقد اختلفت الروايـات في هذا الموضـوع كما ترى ، ففي بعضهـا أن الذي
أعطاه لأبي طلحة هو الشق الأيمن ، والذي قسمه بين الناس هو الأيسر ، وفي بعضها العكس ، وفي بعضها أنه أعطى الأيسر لأم سليم .
ويجمع بين هذه الروايات بما جاء عن صاحب المفهم إذ قال : [إن قوله : لما حلق رسول الله r شق رأسه الأيمن أعطاه أبا طلحة] ليس مناقضاً لما في الرواية الثانية : أنه قسم شعر الجانب الأيمن بين الناس وشعر الجانب الأيسر أعطاه أم سليم ، وهي امرأة أبي طلحة وهي أم أنس – رضي الله عنها – قال : وحصل من مجموع هذه الروايات : أن النبي r لما حلق الشق الأيمن ناوله أبا طلحة ليقسمه بين الناس ، ففعله أبو طلحة ، وناول شعر الشق الأيسر ليكون عند أبي طلحة ، فصحت نسبة كل ذلك إلى من نسب إليه والله أعلم .
وقد جمع المحب الطبري في موضع إمكان جمعه ، ورجح في مكان تعذره فقال : والصحيح أن الذي وزعه على الناس الشق الأيمن ، وأعطى الأيسر أبا طلحة وأم سليم ، ولا تضاد بين الروايتين لأن أم سليم امرأة أبي طلحة ، فأعطاه r لهما فنسب العطية تارة إليه وتارة إليها . انتهى .
وفيه التبرك بشعره r وغير ذلك من آثاره بأبي وأمي ونفسي هو ، وقد روى أحمد في مسنده إلى ابن سيرين أنه قال : فحدثنيه عبيدة السلماني ، يريد هذا الحديث فقال : لأن يكون عندي شعرة منه أحب إليَّ من كل بيضاء وصفراء على وجه الأرض وفي بطنها ، وقد ذكر غير واحد أن خالد بن الوليد – رضي الله عنه – كان في قلنسوته شعرات من شعره r ، فلذلك كان لا يقدم على وجه إلا فتح له ، ويؤيد ذلك ما ذكره الملا في السيرة أن خالداً سأل أبا طلحة حين فرق شعره r بين الناس أن يعطيه شعر ناصيته ، فأعطاه إياه فكان مقدم ناصيته مناسباً لفتح كل ما أقدم عليه . انتهى عمدة القاري شرح البخاري (ج8 ص230-231) .
.
التبرك بسيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم واثا ره الجزء الا ول