هذه رسالة للأبناء والبنات، أوجهها لكم من قلب منفطر من كثرة ما نسمع عنه في هذا الزمان من العقوق،
وحتى لا أطيل عليكم سأبدأ بالقصة،
كان أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه في خلافته، (أي هو أفضل الخلق على الأرض، بعد الأنبياء والرسل عليهم الصلاة والسلام، والصديق رضي الله عنه وأرضاه)،
كان ينتظر وفود الحجاج من اليمن وكان يسأل سؤال غريب عجيب، وهو:
أفيكم أويس بن عامر؟ حتى في سنة من السنوات، سأل هذا السؤال،
فأجابه أحدهم فقال: نعم، فقال أمير المؤمنين: أنت أويس بن عامر؟
فأجابه: نعم، قال: من مراد ثم من قرن (يقصد من قبيلة القرني ومن فخذ مراد)؟
فقال: نعم، فقال: كان بك برص فبرئت منه إلا موضع درهم؟ قال: نعم،
فقال: ألك والدة؟ قال: نعم، فقال له:
قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: (يأتي عليكم أويس بن عامر مع أمداد أهل اليمن، من مراد ثم من قرن، كان به برص فبرأ منه إلا موضع درهم، له والدة هو بها بر، لو أقسم على الله لأبره، فإن استطعت أن يستغفر لك فافعل)، فاستغفر لي، فاستغفر لي، صحيح مسلم برقم 6439
المفاجأة: كيف أفضل الناس على الأرض، يطلب من هذا التابعي الشاب، أن يستغفر له؟ ولكن سرعان ما تبدد هذا الذهول، وهو أنه بار بأمه،
فأين أنت يا أخي الكريم، وأين أنت يا أختي الكريمة، فأين نحن، من هذا الحديث، بل أين نحن من هذا الرجل البار،
فهو الرجل الوحيد من التابعين، الذي ذكره الرسول صلى الله عليه وسلم،
فلماذا ذكره؟ ذكره لعظم بره بأمه،
فيا من تؤذي والديك باللسان، يا من تؤذي والديك بالجوارح والأركان، يا عاق، يا عاق، إرحم شيبتهم، إرحم كسر حالهم، إرحم ضعفهم،
وقد قال عليه الصلاة والسلام عندما تكلم في أكبر الكبائر: (الشرك بالله، وعقوق الوالدين، وقتل النفس، وقول الزور)،صحيح مسلم برقم 256 فانظروا كيف قدم العقوق على القتل وقول الزور،
فالله المستعان،
فواجب علينا أن نتوب، ونعوض ما فاتنا في هذه العبادة العظيمة والجليلة