لا يخفى على مسلم ولا مسلمة، ما لصلاة الفجر من مكانة سامية ومنزلة عالية في الكتاب والسنة، وفي قلب كل مسلم. وهذه بعض النصائح التي تعين على القيام لأداء صلاة الصبح ونيل ثوابها العظيم:
1 النوم مبكراً: لحديث أبي برزة : كان رسول الله لا يبالي بعض تأخيرها (أي صلاة العشاء) ولا يحب النوم قبل صلاة العشاء والحديث بعدها. وقد استثنى من ذلك حالات، منها ما ذكره الإمام النووي في شرحه على صحيح مسلم، فقال: سبب كراهة الحديث بعدها: أن يؤدي إلى السهر، ويخاف من غلبة النوم عن قيام الليل. أو عن صلاة الصبح في وقتها الجائز، أو في وقتها المختار أو الأفضل. والمكروه من الحديث بعد صلاة العشاء هو ما كان في الأمور التي لا مصلحة فيها، أما ما كان فيه مصلحة وخير فلا كراهة فيه، كمدارسة العلم وحكايات الصالحين، ومحادثة الضيف والعروس للتأنيس، ومحادثة الرجل أهله وأولاده للملاطفة والحاجة، ومحادثة المسافرين بحفظ متاعهم أو أنفسهم، والحديث في الإصلاح بين الناس، والشفاعة إليهم في خير، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، والإرشاد إلى مصلحة أو ما شابه ذلك، فكل ذلك لا كراهة فيه.
2 الحرص على آداب النوم: كالنوم على طهارة وأداء ركعتى الوضوء، والمحافظة على أذكار النوم، والاضطجاع على الشق الأيمن، ووضع الكف الأيمن تحت الوجه، وقراءة المعوذتين في الكفين ومسح ما استطاع من الجسد بهما، وغير ذلك من أذكار النوم.
3 ابذر الخير تحصد الخير: فمن نام عقب أداء طاعة من صلة رحم، أو بر والدين، أو إحسان إلى جار، أو صدقة سر، أو ستر مسلم، أو أمر بمعروف، أو نهي عن منكر، أو إرشاد ضال، أو شفقة على يتيم، أو سعي في حاجة محتاج، كوفئ بأن يكون ممن يشهدون الفجر، لأن حسنة المؤمن تستوحش فتدعو أختها إلى جوارها تأبى التفرد.
4 انزع الشر تسلم: وذلك بحفظ الجوارح عما لا يحل لها، فيصرف النظر عن الحرام، وكذلك اللسان والسمع وسائر الأعضاء عما لا يحل لها. فقد سئل الحسن البصري: لم لا نستطيع قيام الليل؟ فقال: قيدتكم خطاياكم فمن نام على معصية ارتكبها من غيبة مسلم، أو خوض في باطل، أو نظرة إلى حرام، أو خذلان محتاج، أو خُلْف وعد، أو أكل حرام، أو خيانة أمانة، عوقب بالحرمان من شهود صلاة الفجر؛ لأن من أساء في ليله عوقب في نهاره، ومن أساء في نهاره عوقب في ليله.
5 استعن بنوم القيلولة : فقد كان أبو ذر الغفاري يعتزل الصبيان لئلا يسمع أصواتهم فيقيل، فقال : إن نفسي مطيتي، وإن لم أرفق بها لم تبلغني. وهى سنة النبي { ينفذها أبو ذر } كما علمه إياها المعلم القدوة ، فلا شك أن نوم القيلولة يريح الجسد من تعبه، فيقوي الإنسان على الاستيقاظ على أذان الفجر.
6 مساعدة إخوان الخير : فهؤلاء هم العدة والعتاد في مواجهة رسل النوم وبواعث الكسل بقيادة إبليس، أوصهم بأن يوقظوك وأن ينبهوك ويذكروك، واستعن على ذلك بشهود مجلسهم وحضور منتدياتهم، فمن عاشر قوماً أربعين يوماً صار منهم، فإن كان قلبك مريضاً شفي، وإن كان ميتاً حيي.
7 اعرف قدر الآخرة: فلو قيل لك: احضر إلى مكان كذا في تمام الساعة الثالثة بعد منتصف الليل، فإنه سوف يأتيك من يسلمك مبلغاً من المال.. ترى ماذا كنت فاعلاً؟ لا شك أنه لن تغفل لك عين، ولن يطيب لك نوم، بل ستظل تتقلب على جمر الشوق، وتتقلى في نار القلق، وتعد الساعات بل الدقائق والثواني كأنها الدهر، وستذهب قبل الموعد تنتظر بلهفة حضور المال. ويحك، مال زهيد وعارية مستردة أم الجنة؟ ثواب الدنيا أم الآخرة؟ لذة ساعة أم نعيم الأبد؟ لو عرفت قدر الآخرة حقاً لأفاق قلبك المخمور. وما الدنيا إلى الآخرة إلاّ صفر مهمل وسراب خادع ووهم كبير.
8 انتقم من عدوك: فإذا فاتك شهود الفجر فانتقم من شيطانك انتقاماً يؤلمه، فيحذرك ويخاف الاقتراب منك، بعد أن كان يعدك من قبل لتكون ذباب طمع وفراش نار، وخطة الانتقام تتمثل في صيام هذا اليوم الذي ضيّع عليك صلاة الفجر فيه، أو قراءة جزء من القرآن زائد عن وردك، أو أداء أي عبادة مما تجد فيها النفس مشقة وتعباً، وكلما عظمت المشقة زاد الشيطان فرقاً، فقابِل كل ضربة منه بضربة، وكل غفلة بيقظة، وكل سقطة بنهضة، تنجُ من كيده وتسلم من أذاه، وإياك إياك والمداهنة فإنها دليل الذل وعلامة الجبن وبداية الهزيمة. وهذه وصية أمين الأمة أبو عبيدة عامر بن الجراح التي يبث لك فيها الأمل، مهما طوقتك ذنوبك وحاصرتك آثامك، يقول: ادرؤوا السيئات القديمات بالحسنات الحديثات، فلو أن أحدكم عمل من السيئات ما بينه وبين السماء، ثم عمل حسنة أدلت فوق سيئاته حتى تقهرهن. كما هى وصية عبدالله بن عمر رضى الله عنهما الذى كان يؤثر النصيحة بالحال على النصيحة بالمقال، فكان إذا فاتته صلاة جماعة صلى تطوعاً إلى الصلاة الأخرى، إرغاماً للشيطان وتأديباً له ونكاية فيه.
9 الاجر عاقبه الصبر: فمن عرف حلاوة الأجر هانت عليه مرارة الصبر. والعاقل الفطن له في كل ما يرى حوله عبرة، فهو يرى أنه ما ابيض وجه رغيف حتى اسود وجه خبازه وما علت اللآلئ الأعناق إلاّ بمعاناة الغوص في الأعماق. ومن سهر الليالى بلغ المعالي. ومن استأنس بالرقاد استوحش يوم الرقاد. ولا يحل لحم الغزال دون ذبحه، ولا يطيب إلاّ بأن يصلى النار. وإضاءة الشمعة إفناء نفسها. وكلما طال سفر القافلة عظم ربحها. وإذا كانت السلعة غالية رامت همماً عالية. وصاح بهذا المعلم الأول رسولنا الأمين : ألا إن سلعة الله غالية، ألا إن سلعة الله الجنة. فتذكر هذا تفق على صوت الديك، وإلا فقد سبقتك الديوك:
ولله در القائل:
قم بنا يا أخي لما نتمنى واطرد النوم بالعزيمة عنا قم فقد صاحت الديوك ونادت لا تكون الديوك أطرب منا