2. وقيل لأنه يقدر فيها ما يكون في تلك السنة، لقوله تعالى: " فيها يفرق كل أمر حكيم " .
3. وقيل لأنه ينزل فيها ملائكة ذوات قدر.
4. وقيل لأنها نزل فيها كتاب ذو قدر، بواسطة ملك ذي قدر، على رسول ذي قدر، وأمة ذات قدر.
5. وقيل لأن للطاعات فيها قدراً عظيماً .
6. وقيل لأن من أقامها وأحياها صار ذا قدر.
والراجح أنها سميت بذلك لجميع هذه المعاني مجتمعة وغيرها ، والله أعلم .
ما ورد في فضلها :
يدل على فضل هذه الليلة العظيمة وعظيم قدرها وجليل مكانتها عند الله ورسوله ما يأتي :
من القرآن 1. نزول سورة كاملة فيها ، وهي سورة القدر، وبيان أن الأعمال فيها خير من الأعمال في ألف شهر ما سواها .
2. قوله تعالى : " فيها يفرق كل أمر حكيم , أمراً من عندنا إنا كنا منزلين " ، حيث يقدر فيها كل ما هو كائن في السنة، وهو تقدير ثان، إذ أن الله قدر كل شيء قبل أن يخلق الخلائق بخمسين ألف سنة.
في أي الليالي تلتمس ليلة القدر؟
تلتمس ليلة القدر في العشر الأواخر من رمضان ، خاصة في الوتر منها ، سيما ليلتي إحدى وعشرين وسبع وعشرين ، وأرجحها ليلة سبع وعشرين .
فعن عمر رضي الله عنهما أن رجالاً من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم أروا ليلة القدر في المنام في السبع الأواخر، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " أرى رؤياكم قد تواطأت في السبع الأواخر ، فمن كان متحريها فليتحرها في السبع الأواخر".
وعند مسلم : " التمسوها في العشر الأواخر، فإن ضعف أحدكم أوعجز فلا يغلبن على السبع البواقي ".
وعن عائشة رضي الله عنها كذلك: " تحروا ليلة القدر في العشر الأواخر من رمضان ".
ذهب علي ، وابن مسعود ، وابن عباس ، وعائشة من الصحابة ، والشافعي وأهل المدينة ومكة من الأئمة إلى أن أرجى لياليها ليلتا إحدى وعشرين وثلاث وعشرين ، وقد رجح ذلك ابن القيم رحمه الله .
وذهب أبي بن كعب رضي الله عنه إلى أنها ليلة سبع وعشرين ، وكان يحلف على ذلك ، ويقول : " بالآية أوالعلامة التي أخبرنا بها رسول الله صلى الله عليه وسلم ، أن الشمس تطلع في صبيحتها لا شعاع لها ".
وفي مسند أحمد عن ابن عباس أن رجلاً قال: " يا رسول الله ، إني شيخ كبير عليل يشق عليَّ القيام ، فمُرني بليلة لعل الله يوفقني فيها لليلة القدر ؛ قال : عليك بالسابعة ".
الأقوال المرجوحة أوالشاذة :
ما ذكرنا سابقاً هو المعتمد عند أهل العلم ، وعليه عامة أهل السنة سلفاً وخلفاً ، وهناك أقوال مرجوحة أوشاذة عن ليلة القدر ، وهي :
1. أنها رفعت .
2. أنها في كل سبع سنين مرة .
3. أنها في كل السنة .
4. أنها في الشهر كله .
5. أنها في أول ليلة منه .
العمل فيها :
أحب الأعمال لمن وفق وحظي بليلة القدر ما يأتي :
1. أداء الصلوات المكتوبة للرجال مع جماعة المسلمين ، سيما الصبح والعشاء .
2. القيام ، أي الصلاة ، لقوله صلى الله عليه وسلم : " من قام ليلة القدر إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه ".
3. الدعاء .
4. قراءة القرآن .
5. اجتناب المحرمات ، دقيقها وجليلها .
أفضل ما يقال فيها من الدعاء :
اللهم إنك عفو تحب العفو فاعف عني ؛ يردده ويكثر منه داخل الصلاة وبين تسليمات القيام وفي سائر ليلها ونهارها . فعن عائشة رضي الله عنها أنها قالت للنبي صلى الله عليه وسلم : " أرأيتَ إن وفقت ليلة القدر، ما أقول فيها ؟ قال : قولي : اللهم إنك عفو تحب العفو فاعف عني ". وكان من دعائه صلى الله عليه وسلم : " أعوذ برضاك من سخطك ، وعفوك من عقوبتك ".
علاماتها :
هناك بعض العلامات التي يستدل بها البعض على ليلة القدر، ويعوزها كلها الدليل القاطع ، وإنما هي اجتهادات وتخمينات لا يعتمد عليها ، من تلك العلامات :
1. طلوع الشمس في صبيحتها من غير شعاع ، كما استدل على ذلك أبي بن كعب رضي الله عنه .
2. وكان عبدة بن لبابة يقول : هي ليلة سبع وعشرين ؛ ويستدل على ذلك بأنه قد جرب ذلك بأشياء وبالنجوم ، والشرع لا يثبت بالتجارب . وروي عنه كذلك أنه ذاق ماء البحر ليلة سبع وعشرين فإذا هو عذب .
3. أن ليلتها تكون معتدلة ليست باردة ولا حارة .
4. أن الكلاب لا تنبح فيها وكذلك الحمير لا تنهق فيها .
5. أن يرى نور .
6. الملائكة تطوف بالبيت العتيق فوق رؤوس الناس .
7. استجاب الله دعاء البعض في ليلة سبع وعشرين ، وإجابة الدعاء ليست دائماً علامة صلاح ، فالله كريم يجيب دعوة المضطر ولو كان فاسقاً أوفاجراً ، وربما تكون إجابة الدعاء في بعض الأحيان من باب الاستدراج .
وأخيراً إعلم أن الأعمال بخواتيمها ، فإذا فاتك الاجتهاد في أول الشهر فلا تغلب على آخره ، ففيه العوض عن أوله .