عدد المساهمات : 4107 تاريخ التسجيل : 30/01/2009 العمر : 38 الموقع : المشرف علي المنتدي
موضوع: صبر الصحابيات وشهامه العرب الجمعة مايو 29, 2009 12:24 pm
صبر الصحابيات وشهامه العرب
-------------------------------------------------------------------------------- أم سلمه ، وما أدراك ما أم سلمه؟ أما أبوها فسيد من سادات مخزوم المرقومين ، وجواد من أجواد العرب المعدودين ، وأما زوجها فعبد الله بن عبد الأسد أحد العشرة السابقين إلى الإسلام. أسلمت (هند) أم سلمه مع زوجها فكانت هي الأخرى من السابقات إلى الإسلام أيضا ، وما إن شاع نبأ إسلام أم سلمة وزوجها حتى هاجت قريش وماجت ، وجعلت تصب عليهما من نكالها ، فلم يضعفا ولم يهنا .. ولما اشتد عليهما الأذى وأذن الرسول صلى الله عليه وسلم لأصحابه بالهجرة إلى الحبشة كانا في طليعة المهاجرين ، وعلى الرغم مما لقيته أم سلمة وصحبها من حماية النجاشي نضر الله في الجنة وجهه ، فقد كان الشوق إلى مكة مهبط الوحي ، والحنين إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يزيد أشواقها وزوجها لهبا. ثم تتباعت الأخبار على المهاجرين إلى أرض الحبشة بأن المسلمين في مكة قد كثر عددهم ، وأن إسلام حمزة بن عبد المطلب ن وعمر بن الخطاب رضي الله عنهم قد شد من أزرهم ، وكف شيئا من أذى قريش عنهم ، فعزم فريق منهم على العودة إلى مكة يحدوهم الشوق ويدعوهم الحنين ، فكانت أم سلمة وزوجها في طليعة العائدين ، لكن سرعان ما اكتشف العائدون أن ما نمي إليهم من أخبار كان مبالغا فيه ، ولقد تفنن المشركون في تعذيب المسلمين وترويعهم ، فأذاقوهم من بأسهم ما لاعهد لهم من قبل. عند ذلك أذن الرسول صلى الله عليه وسلم لأصحابه بالهجرة إلى المدينة ، فعزمت أم سلمة وزوجها على أن يكونا أول المهاجرين فراراً بدينهما وتخلصا من أذى قريش ، لكن هجرة أم سلمة وزوجها لم تكن سهلة ميسرة لهما ، وإنما كانت شاقة مرة خلفت وراءها مأساة تهون دونها كل مأساة. تقول أم سلمة : لما عزم أبو سلمة على الخروج إلى المدينة أعد لي بعيراً ، ثم حملني عليه ، وجعل طفلنا سلمة في حجري ، ومضى يقود بنا البعير وهو لا يلوي على شيء ، وقبل أن نفصل عن مكة رآنا رجال من قومي بني مخزوم فتصدوا لنا ، وقالوا لأبي سلمة : إن كنت قد غلبتنا على نفسك ، فما بال امرأتك هذه ؟ وهي بنتنا، فعلام نتركك تأخذها منا وتسير بها في البلاد؟ ثم وثبوا عليه وانتزعوني منه انتزاعا ، وما إن رآهم قوم زوجي بنو عبدالأسد يأخذونني أنا وطفلي ، حتى غضبوا أشد الغضب ، وقالوا : لا والله لا نترك الولد عند صاحبتكم بعد أن انتزعتموها من صاحبنا انتزاعا .. فهو ابننا ونحن أولى به ، ثم طفقوا يتجاذبون طفلي سلمة بينهم على مشهد مني حتى خلعوا يده وأخذوه، وفي لحظات وجدت نفسي ممزقة الشمل وحيدة فريدة ، فزوجي اتجه إلى المدينة فرارا بدينه وبنفسه وولدي اختطفه بنو عبد الأسد من بين يدي ، أما أنا فقد استولى علي قومي بنو مخزوم ، وجعلوني عندهم ... ففرق بيني وبين زوجي وبين ابني في ساعة .. ومنذ ذلك اليوم جعلت أخرج كل غداة إلى الأبطح ، فأجلس في المكان الذي شهد مأساتي ، وأستعيد صورة اللحظات التي حيل فيها بيني وبين ولدي وزوجي ، وأظل أبكي حتي يخيم علي الليل .. وبقيت على ذلك سنة أو قريبا من سنة إلى أن مر بي رجل من بني عمي فرق لحالي ورحمني وقال لبني قومي : ألا تطلقون هذه المسكينة ؟ فرقتم بينها وبين زوجها وبين ولدها . وما زال بهم يستلين قلوبهم ويستدر عطفهم حتى قالوا لي : إلحقي بزوجك إن شئت .. ولكن كيف لي أن ألحق بزوجي في المدينة وأترك ولدي فلذة كبدي في مكة عند بني عبد الأسد؟ ورأى بعض الناس ما أعالج من أحزاني وأشجاني فرقت قلوبهم لحالي ، وكلموا بني عبد الأسد في شأني واستعطفوهم علي فردوا لي ولدي سلمة. لم أشأ أن أتريث في مكة حتى أجد من أسافر معه ، فقد كنت أخشى أن يحدث ما ليس بالحسبان فيعوقني عن اللحاق بزوجي عائق .. لذلك بادرت فأعددت بعيري ، ووضعت ولدي في حجري ، وخرجت متوجهة نحو المدينة أريد زوجي ، وما معي أحد من خلق الله .. وما أن بلغت (التنعيم) حتى لقيت عثمان بن طلحة (وكان حاجب بيت الله في الجاهلية ، أسلم مع خالد بن الوليد وشهد فتح مكة فدفع إليه الرسول صلى الله عليه وسلم مفتاح الكعبة وكان يوم رافق أم سلمة مشركاً فقال : إلى أين يا بنت زاد الركب (يقصد أبوها). فقلت : أريد زوجي في المدينة . قال: أوما معك أحد؟ قلت : لا والله إلا الله ثم بني هذا. قال : والله لا أتركك أبدا حتى تبلغي المدينة ، ثم أخذ بخطام بعيري وانطلق يهوي بي ... فوالله ما صحبت رجلا من العرب قط أكرم منه ولا أشرف : كان إذا بلغ منزلا من المنازل ينيخ بعيري ، ثم يستاخر عني ، حتى إذا بلغ منزلا من المنازل ينيخ بعيري ، ثم يستأخر عني ، حتى إذا نزلت عن ظهره واستويت على الأرض دنا إليه وحط عنه رحله ، واقتاده إلى شجرة وقيده فيها .. ثم يتنحى عني إلى شجرة أخرى فيضطجع في ظلها . فإن حان الرواح قام إلى بعيري فأعده ، وقدمه لي ، ثم يستأخر عني ويقول : اركبي ، فإذا ركبت ن واستويت على البعير ، أتى فأخذ بخطامه وقاده. وما زال يصنع بي مثل ذلك كل يوم حتى بلفنا المدينة ، فلما نظر إلى قرية بقباء لبني عمرو ابن عوف قال : زوجك في هذه القرية، فادخليها على بركة الله ، ثم انصرف راجعا إلى مكة.