موضوع: قصيدة لزين الدين العابدين علي بن الحسين الإثنين مارس 16, 2009 9:39 am
قصيدة لزين الدين العابدين علي بن الحسين
الحمد لله رب العالمين له النعمة وله الفضل وله الثناء الحسن ، وصلوات الله البر الرحيم والملائكة المقربين على سيدنا محمد سيد المرسلين وعلى جميع إخوانه من النبيين والمرسلين.
قصيدة لزين الدين العابدين علي بن الحسين في بحر البسيط ( مستفعلن فا(علن) مستفعلن فاعلن )
ليس الغريب غريب الشام واليمن .... إن الغريب غريب اللحد والكفن إن الغريب له حق لغربته .... على المقيمين في الأوطان والسكن لا تنهرنَّ غريبا حال غربته..... الدهر ينهره بالذل والمحن. سفري بعيد وزادي لن يبلغني..... وقوتي ضعفت والموت يطلبني ولي بقايا ذنوب لست أعلمها.... الله يعلمها في السر والعلن ما أحلم الله عني حيث أمهلني.... وقد تماديت في ذنبي ويسترني تمرُّ ساعات أيامي بلا ندم.... ولا بكاء ولا خوفٍ ولا حَزَنِ أنا الذي أُغلق الأبواب مجتهداً ... على المعاصي وعين الله تنظرني يا زلةً كُتبت في غفلة ذهبت... يا حسرةً بقيت في القلب تُحرقني دعني أنوح على نفسي وأندبها.... وأقطع الدهر بالتذكير والحزَنِ دع عنك عذلي يا من كان يعذلني... لو كنت تعلم ما بي كنت تعذرني دعني أسحُّ دموعا لا انقطاع لها... فهل عسى عبرةٌ منها تُخلصني كأنني بين جلِّ الأهل منطرحٌ .... على الفراش وأيديهم تُقلبني وقد تجمَّع حولي مَن ينوح ومن.... يبكي عليَّ وينعاني ويندبني وقد أتوا بطبيب كي يُعالجني.... ولم أرَ الطب هذا اليوم ينفعني واشتد نزعي وصار الموت يجذبها.... من كل عِرقٍ بلا رفق ولا هونِ واستخرج الروح مني في تغرغرها.... وصار ريقي مريرا حين غرغرني وقام من كان حِبَّ الناس في عجَلٍ....... نحو المغسل يأتيني يُغسلني. وقال يا قوم نبعي غاسلا حذِقا... حرا أديبا عارفا فطِنِ فجاءني رجلٌ منهم فجرَّدني .... من الثياب وأعراني وأفردني وأودعوني على الألواح منطرحا.... وصار فوقي خرير الماء ينظفني . وأسكب الماء من فوقي وغسَّلني.. غَسلا ثلاثا ونادى القوم بالكفنِ وألبسوني ثيابا لا كِمام لها.... وصار زادي حنوطي حين حنَّطني وأخرجوني من الدنيا فوا أسفا... على رحيلي بلا زاد يُبلغني وحمَّلوني على الأكتاف أربعةٌ ... من الرجال وخلفي منْ يشيعني وقدَّموني إلى المحراب وانصرفوا ... خلف الإمام فصلى ثم ودعني. صلوا عليَّ صلاةً لا ركوع لها... ولا سجود لعل الله يرحمني وكشَّف الثوب عن وجهي لينظرني.... وأسبل الدمع من عينيه أغرقني فقام مُحترما بالعزم مُشتملا... وصفف اللبْن من فوقي وفارقني وقال هُلواعليه الترب واغتنموا .... حسن الثواب من الرحمن ذي المنن. في ظلمة القبر لا أمٌ هناك ولا .... أبٌ شفيق ولا أخٌ يُؤنسني وهالني صورةٌ في العين إذ نظرت...... من هول مطلع ما قد كان أدهشني من منكر ونكير ما أقول لهم...... قد هالني أمرهم جدا فأفزعني. وأقعدوني وجدوا في سؤالهمُ ... ما لي سواك إلهي منْ يُخلصني فامنن عليَّ بعفوٍ منك يا أملي.... فإنني موثقٌ بالذنب مرتَهَنِ تقامم الأهل مالي بعدما انصرفوا...... وصار وزري على ظهري فأثقلني واستبدلت زوجتي بعلا لها بدلي... وحكَّمته على الأموال والسكن وصيَّرت ولدي عبدا ليخدمها.... وصار مالي لهم حلا بلا ثمنِ فلا تغرنك الدنيا وزينتها..... وانظر إلى فعلها في الأهل والوطن وانظر إلى من حوى الدنيا بأجمعها.... هل راح منها بغير الحنظ والكفن خذ القناعة من دنياك وارضَ بها.... لو لم يكن لك إلا راحة البدن يا نفس كفي عن العصيان... واكتسبي فعلا جميلا لعل الله يرحمني يانفسُ ويحكِ توبي واعملي حسنا... عسى تُجازين بعد الموت بالحسنِ ثم الصلاة على المختار سيدنا ما .... وضأ البرق في شام وفي يمن والحمد لله ممسينا ومصبحنا ... بالخير والعفو والإحسان والمنن
للإشارة :علي زين العابدين : هو علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب الهاشمي أبو الحسين ، ويقال أبو الحسن ، ويقال أبو محمد ، ويقال أبو عبدالله المدني ( زين العابدين ) رابع الأئمة الأثني عشر عند الإمامية ، وأحد من كان يُضرب بهم المثل في المثل في الحلم والورع ، يقال له ( علي الأصغر ) للتمييز بينه وبين أخيه علي الأكبر ، مولده ووفاته بالمدينة ، أحُصي بعد موته عدد من كان يقوتهم سراً ، فكانوا نحو مائة بيت ، قال بعض أهل المدينة ما فقدنا صدقة السر إلا بعد موت زين العابدين ، وقال محمد بن إسحاق كان ناس من أهل المدينة يعيشون لا يدورن من أين معايشهم ومآكلهم ، فلما مات علي بن الحسين فقدوا ما كانوا يؤتون به ليلاً إلى منازلهم ، وليس للحسين السبط عقب إلا منه ، مات سنة 94 هـ وقيل 95 هـ ، وقال أبن عينه عن جعفر بن محمد عن أبيه ( مات علي بن الحسين وهو ابن 58 سنة رحمه الله ورضي عنه ) أنظر وفيات الأعيان 3 : 266 ، والطبقات لأبن سعد 5 : 211 ، وصفة الصفوة 2 : 93 ، وحلية الأولياء 3 : 133 ، وابن الوزدي 1 : 180 ، ومنهاج السنة 2 : 113 إلى 123 ، والشوارد لعبدالله خميس ج2 قافية النون .