عادل محمد زايد
عدد المساهمات : 4107 تاريخ التسجيل : 30/01/2009 العمر : 38 الموقع : المشرف علي المنتدي
| موضوع: هناك من يزعم أن الصوفية y يقولون بمخالفة الحقيقة للشريعة؟ الأحد مارس 08, 2009 4:38 pm | |
| سـؤال: شيخنا المبارك؛ هناك من يزعم أن الصوفية y يقولون بمخالفة الحقيقة للشريعة؟ جواب: دعوى مخالفة الحقيقة للشريعة: دعوى باطلة؛ لأن التصوف كما ذكرنا سابقا مستمد من: القرآن الكريم والسُّنَّة الشَّريفة؛ قال الإمام سَرِيُّ السَّقَطِي (253 هـ):" المتصوف لا يتكلم بباطن في علم ينقضه عليه ظاهر الكتاب أو السنة "اهـ. وقال الإمام أحمد الخراز :" كـلّ باطن يخالفـه ظاهر فهو باطل "اهـ. قوله: ( باطن ) يعني: تأويل للنصِّ؛ بأنْ بيّن معناه العلميِّ _ وهو العلم المستفاد من النصِّ _، أو الفعليِّ _ وهو: الفعل المستفاد من النصِّ _. وقوله: ( ظاهر ): يعني: مآل النصِّ. وقال أحمد النوري (295 هـ):" من رأيته يدّعي مع الله تعالى حالاً تُخرجه عن حدّ العلم الشرعي، فلا تقربنَّ منه "اهـ. وقال الشيخ عبد القادر الجيلاني (561هـ):" كل حقيقة لا تشهد لها الشريعة فهي زندقة. طِرْ إِلى الحق U بجناحي الكتاب والسنة، ادخل عليه ويدك في يد الرسول r "[الفتح الرباني:29]. وقال الشيخ عبد الوهاب الشعراني (973هـ):" إِن طريق القوم محررة على الكتاب والسنة كتحرير الذهب والجوهر، فيحتاج سالكها إِلى ميزان شرعي في كل حركة وسكون "[لطائف المنن والأخلاق:1/2]. وقال أيضاً:" إِن حقيقة طريق القوم علم وعمل، سداها ولحمتها شريعة، وحقيقة لا أحدهما فقط "["لطائف المنن والأخلاق:1/25]. وقال أيضاً:" فَمَنْ دقَّق النظر عَلِمَ أنه لا يخرج شيء من علوم أهل الله تعالى عن الشريعة. وكيف يخرج والشريعة صلتهم إِلى الله U في كل لحظة "[التصوف الإِسلامي والإِمام الشعراني:71]. وعلى هذا: فمن ادَّعى علماً أو فعلاً مخالفاً للشرع، ثمَّ انتسب إلى التصوف فهو كذاب، والتصوف بريء منه. والتصوف بريء ممن ينتسب إليه ممن سوَّلت له نفسُهُ أو سواها بتجاوز أدلة الدين ومخالفة أحكامه: براءة سائر الأركان ممن أحدث فيها ما ليس منها؛ فقد قال الله تعالى: ) وما أُمِروا إلا لِيَعبدوا اللهَ مُخْلِصِيْن له الدِّيْنَ (، وإخلاص الدِّين: لا يتحقَّقُ بتجاوز أدلته وأحكامه، وقال سيدنا رسول الله محمد r: « مَن أحْدَثَ في ديننا ما ليس مِنْه: فهو رَدّ ». فالمخالفات المَنْسُوبَة إلى التَّصوفِ أو المُشَاهدة عند بعض المُنْتَسِبِيْنَ إليه: إنما هي منهم لا منه، مردودة عليهم عقلاً ونقلاً وتصوفاً. قال الحافظ السيوطي بعد أن ذكر أصل علم التصوف وأثنى عليه:" وعلمت أيضا أنه كثر فيه الدخيل من قوم تشبهوا بأهله وليسوا منهم، فأدخلوا فيه ما ليس منه فأدى ذلك إلى إساءة الظن بالجميع، فوجه أهل العلم للتمييز بين الصنفين ليعلم أهل الحق من أهل الباطل، وقد تأملت الأمور التي أنكرها أئمة الشرع على الصوفية، فلم أر صوفيا محققا يقول بشيء منها، وإنما يقول بها أهل البدع والغلاة الذين ادعوا أنهم صوفية وليسوا منهم "[تأييد الحقيقة العلية:57]. ومعلوم: أنه قد شذ عن حدود التصوف أناس، وانتسب إليه آخرون بالباطل، فأحدثوا حوادث منكرة ونسبوها إليه كذباً وزوراً. كما ادعـاه بعض المُتعالمين الذين لا قَـدَم لهم في منازل الرجال، ولا لهم نسبة إلا من جهة الحيلة وشراء الذمم بالوجاهة والأموال، ولا لهم من علومه وأعماله إلا ما جمعوه أو بلغهم بغير تحقق ولا معرفةٍ مِنَ القيل والقال!! فأولئك من أشر البريَّة وأهـل الاحتيال؛ بمـا زعموه من الصَّفاء والكمـال، وما تَقَوَّلُوه على التصوف من العلم والعمل والأحوال، وبإرشادهم الناسَ إلى مسالكهم بالهوى البَطَّال!! وكانت فتنة الأوّلين من وجوه: منها: التَّطفُّل؛ إذ لم يرجعوا إلى عارف يسلكهم، بل قلّبوا كتب التصوف وأخباره، وتصفحوا وظائفه وأوراده، ثم عملوا بما اشتهته نفوسهم منه؛ ربما لظنهم أن الصفاء يحصل بعمل كل ممْكن تشتهيه النفوس أو يرجحه الهوى من العبادات والمزكِّيَات والمجاهَدَات!! وليس هو كذلك، بل أعمال التصوف المستحقّة لثمرة الصفاء: إنما هي الأعمال الظاهرة والباطنة المناسبة للسالك _ بحسب وسعه وطاقته التي فطره الله تعالى عليها _، والتي يراها العارفون بنور الله تعالى من طريق الكشف والعلم اللدني. ومنها: الوقوع في شرك المُدَّعين؛ حيث فتنوا فيهم واتَّبعوهم على عمى، وعملوا بإرشادهم وتوجيههم القاصر. ومنها: الخلود إلى الأرض واتباع الهوى. ومنها: الرضا بالحياة الدنيا من الآخرة! وأما الآخرون _ أعني: المُتعالمين المُدَّعين _: فقد غفلوا عن آيات الله تعالى وغرّتهم الحياة الدنيا ففرحوا واطمأنوا بها! إذ ادَّعوا ما ادعوه طلباً لمتعة الدنيا من حق العارفين على الناس عامّة والمريدين خاصَّـة؛ فإن حقَّ العارفين على العامَّة: التعظيم والتوقير، وصحبتهم شـرط في التصوف، وحقهـا على المريدين: الأدب الكامل معهم والسمع والطاعة لهم .. الخ مـا يقتضيه قول الله تعالى: ) قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله ( _ وبيّنته مفصلاً في غير هذا الموضع _ فضَلّوا وأضَلّوا. وإن بعض هؤلاء ترجع نِسبتهم للأولين على التحقيق؛ إذ رضوا بالحياة الدنيا من الآخرة، فاستغلوا متشابهات أهل الحق لفتنة الناس عنهم لكي يجمعوهـم تحت كنف سرابهم ودعواهم فينالوا ما يطمعون إليه من الجاه أو غيره من متاع الدنيا المطلوب عندهم!! فاستغلوا نحو عدمِ ظهور بعض أحكام التصوف للتشكيك بها! وجهلِ بعض الناس لاسيما المفتونين بهم ببعض آخر _ ومنه أنواع الكرامات وحدودها _ لإنكاره! ونحو تشابه بعض أعمال البر بالفجور فيما يُفرّق بينه بالنية والمعرفة _ كالنفقات المالية _ للطعن بأهل الحق من الصوفية y!! .. وهكذا.[right] | |
|