فتنه داود عليه السلام
فتنه داود عليه السلام
تاقت نفس ارويا بن حنان إلى أن يكون زوجا لشريكه يسكن إليها فبحث إلى أن وجد ضالته المنشودة بل ألقى مرساته على فتاه جميله وكريمه من فتيات قومه سابغ بنت شائع وخطبها ولقد كان أوريا شابا وعلى الشباب جزيه يؤدونها قربانا لوجه الوطن فعليه أن يتهيأ وان يدفع بنفسه للجيش الزاخر الذى أعده نبي الله داود جهادا فى سبيل الله , طالت بالجيش أيامه و تعدد إصباحه و إمسائه واتسعت أمامه الغزوات وليس لفتانا أن يصبر حتى يقضى الله أمراً كان مفعولا
فى تلك الغيبة الطويلة التى كتبت على الجندي تعلقت أنظار سيدنا داود بتلك الفتاه فما تردد أن ذهب وطلبها من أهلها ومن هم هؤلاء حتى يردوا يد نبي كريم
أليس فى ذلك شرف ؟ لهم و أليس أوريا طالت غيبته ؟ بهذه المعاذير تعلق آل الفتاه وزفوا ابنتهم حلالا طيبا لنبيهم داود فعاشت معه عيشه كلها خير
قرت عين النبي داود بزوجه الجديد التي تعلقت بها نفسه فكانت له وهو من بعد قد سار على منواله فكان يتبع نظامه الذى شرعه لنفسه منذ حين من الدهر قد قسم الدهر أربعا واحد لنفسه وآخر لعبادته وثالث للفصل بين الناس و القضاء والرابع لبنى قومه يعظهم ويرشدهم وداود نبي وملك أقام على منازله الحراس والجند وهو لا يغير أنظمته تلك ولا يحيد عنها
******
رجلان لاكن يختلفا عن رجال بنى إسرائيل قوم النبي داود فأولئك تعودوا انظمه ملكهم فأطاعوها فتقدموا إلى الجند طالبين أن يدخلوا على داود وذلك فى غير وقت القضاء و مقابله الناس فمنعهم الحراس وما كان الحراس أن يدركوا هذه القدرة الخارقة المعجزة فليس هذان إلا ملكين فى صوره ناس وهما سيصلان حتما إلى داود
تسور الملكان المحراب ودخلا على النبي داود ففزع منهما وقد رآهما بين يديه جالسين بغير أذن ولا شفيع فقال(لا تخف خصمان بغى بعضنا على بعض فأحكم بيننا بالحق ولا تشطط وإهدنا إلى سواء الصراط )
وجد داود نفسه أمام أمر واقع فتهيأ لهما واستعد للحكم بينهما واستمع لجدالهما فإذا احدهم يقولان هذا اخى له تسع وتسعون نعجة ولى نعجة واحدة ولكن اخى امتدت به أطماعه وقال اعطينى إياها فتلفت داود إلى الرجل الآخر فأستوضح الأمر فقال أردت أن أخذها منه حتى تكتمل نعاجي مائه فقال داود أو أخوك يكره ذلك؟ قال نعم فاستشاط داود غيظاً ورماه شذراً وقال إنا لا ندعك وان رمت ذلك ضربنا منك أنفك وجبهتك
فقال الرجل يا داود أنت أحق منى بهذا فقد كان لك تسع وتسعون امرأة ولم يكن لأوريا غير واحده
تلفت داود بعد هذا القول فلم يجد احد حوله فعرف سر الأمر وفطن إلى حقيقة الحال فأستغفر ربه وخر راكعا وجاهد نفسه راغبا إلى الله تعالى فى العفو الصفح والغفران فتاب الله عليه وغفر زلته وأبقى له منزله الأنبياء المكرمين
وما كان يدور فى خلد نبي الله داود انه بعمله مقدم على ما يستوجب اللوم والعتاب ولكن الله حاسبه فألزمه الحجة حتى يوقن الناس أن الله لا يترك صغيره ولا كبيرة إلا احصاها وانه يأخذ الناس جميعاً بأعمالهم سواء ذلك عامتهم وأنبياؤهم فلا يدع مؤاخذه نبي لنبوته , ولا يغفل عن حق مظلوم أقعده ضعفه عن بسط ظلامته .