عدد المساهمات : 4107 تاريخ التسجيل : 30/01/2009 العمر : 38 الموقع : المشرف علي المنتدي
موضوع: حكم التوسل بالصالح الميت الجمعة فبراير 13, 2009 10:58 am
حكم التوسل بالصالح الميت
ما حكم التوسل بالصالح الميت السؤال: ما حكم التوسل بالصالح الميت ؟ هل يمكن التوسل بالنبي والأولياء الصالحين بعد وفاتهم .
الجواب: التوسل من الأمور المشروعة في الشرع الإسلامي شريطة ألا يعتقد المتوسل بالمتوسل به إمكانية النفع والضرر الذاتي لأن النفع والضرر بيد الله وحده قُل لاَّ أَمْلِكُ لِنَفْسِي نَفْعاً وَلاَ ضَرّاً إِلاَّ مَا شَاء اللّهُ ، ودليل جواز التوسل بالصالح الميت كما جاء في كتاب الدلالة النورانية لشيخنا الشيخ حسني الشريف حفظه الله ما نصه : [ النوع الرابع: التوسل بالميت الصالح : وهو الأمر الذي اشتد الخلاف فيه في هذا الزمن ولم يكن مطروقا في الماضي. علماً بأن جمهور المسلمين من أهل السنة والجماعة قد أجازوه بالدليل الشرعي. وفي الشرع من الأدلة النقلية الصحيحة ما يؤكد هذا النوع من التوسل. ولقد أوردنا في النوع الأول من أنواع التوسل حديث الأعمى لأنه المحور الأساسي في إثبات شرعية هذا النوع الرابع من التوسل. ونص الحديث حجة صحيحه للتوسل الأول، ومفهومه حجة لصحة التوسل بالميت. فقد بينا في التمهيد عقيدتنا في التوسل في أننا لا نتوسل بالجسم ولا بالحياة ولا بالموت، ولكن بالمعنى الحسن والجاه الرفيع المقبول عند الله للصالح حيا كان أو ميتا، إذ الفعل لله، ولا فرق بين حياة المتوسَّل به أو مماته. وقوله في الحديث (يا محمد إني استشفع بك) نداء للغائب يستوي فيه الحي والميت. ورغم ذلك فهناك أثر طيب أخرجه الطبري في معجمه الصغير عن أبي أُمامة بن سهل بن حنيف عن عمه عثمان بن حنيف: وهذه الرواية هي امتداد للمفهوم والمعنى الذي ورد في حديث الأعمى (أن رجلا كان يختلف إلى عثمان ابن عفان رضي الله عنه في حاجة له، فكان عثمان لا يتلفت إليه ولا ينظر في حاجته فلقي ابن حنيف فشكا إليه ذلك (وهذه الحادثة بعد وفاة الرسول صلى الله عليه وسلم وبعد خلافة أبي بكر وعمر) فقال له عثمان بن حنيف [وهو الصحابي المحدث العالم بدين الله] إيت الميضأة، فتوضأ، ثم إيت المسجد فصل فيه ركعتين ثم قل: اللهم إني أسألك وأتوجه إليك بنبينا محمد نبي الرحمة، يا محمد: إني أتوجه بك إلى ربي، فيقضي حاجتي قال: وتذكر حاجتك ورح حتى أروح معك، فانطلق الرجل يصنع ما قاله له، ثم أتى باب عثمان بن عفان فجاء البواب حتى أخذ بيده فأدخله على عثمان بن عفان فأجلسه معه على الطنفسة (الوسادة) فقال ما حاجتك، فذكر حاجته وقضاها له، ثم قال له: ما ذكرت حاجتك حتى كان الساعة، وقال ما كانت لك من حاجة فاذكرها. ثم إن الرجل خرج من عنده فلقي عثمان بن حنيف فقال له: جزاك الله خيراً، ما كان ينظر في حاجتي ولا يلتفت إليَّ حتى كلمتَه (يظن أن ابن حنيف كلمه، وتوسط له عند أمير المؤمنين عثمان) فقال عثمان بن حنيف: والله ما كلمتُه، ولكني شهدت رسول الله صلى الله عليه وسلم وأتاه ضرير، فشكا إليه ذهاب بصره، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم أوَتصبر؟ فقال يا رسول الله إنه ليس لي قائد وقد شق علي، فقال صلى الله عليه وسلم إيت الميضأه، فتوضأ ثم صل ركعتين ثم ادع بهذه الدعوات. قال ابن حنيف فوالله ما تفرقنا وطال بنا الحديث حتى دخل علينا الرجل (الأعمى) كأن لم يكن به ضر قط). والحديث محقق مع الحديث الأول. وقد أخرج ابن عساكر وابن الجوزي وابن النجار بأسانيدهم إلى محمد بن حرب الهلالي قال: (أتيت قبر النبي صلى الله عليه وسلم فزرته فجلست بحذائه، فجاء أعرابي بعدما دفنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بثلاثة أيام فرمى بنفسه على قبره وحثى من ترابه على رأسه وقال: يا رسول الله قلت فسمعنا قولك، ووعيت عن الله تعالى ووعينا عنك وكان فيما انزل عليك وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذ ظَّلَمُوا أَنفُسَهُمْ جَاءُوكَ وقد ظلمت نفسي وجئتك تستغفر لي. فنودي من القبر أنه قد غفر لك). وفي هذا جواز التوسل واستمداد المغفرة والمدد من الله تعالى بجاهه صلى الله عليه وسلم.
هذه الوسيلة للرسول صلى الله عليه وسلم كانت قبل ميلاد الرسول صلى الله عليه وسلم فقد ذكر القرآن الكريم قصة بني إسرائيل في قوله تعالى وَلَمَّا جَاءَهُمْ كِتَابٌ مِّنْ عِندِ اللَّهِ مُصَدِّقٌ لِّمَا مَعَهُمْ وسيدنا محمد صلى الله علية وسلمانُوا مِن قَبْلُ يَسْتَفْتِحُونَ عَلَى الَّذِينَ كَفَرُوا فَلَمَّا جَاءَهُم مَّا عَرَفُوا كَفَرُوا بِهِ (89 البقرة) يقول صاحب الكشاف ما نصُّهُ "وكانوا يعني اليهود من قبل: أي من قبل مبعث النبي صلى الله عليه وسلم. يستفتحون: أي يستنصرون به. على الذين كفروا: يعني مشركي العرب، وذلك انهم كانوا إذا حزبهم أمر أو دهمهم عدو يقولون اللهم انصرنا بالنبي المبعوث في آخر الزمان الذي نجد صفته في التوراة وكانوا ينـتصرون. وكانوا يقولون لأعدائهم من المشركين قد أطل زمان نبي يخرج بتصديق ما قلنا فنقتلكم معه قتل عاد وإرم. فلما جاءهم ما عرفوا: أي الرسول صلى الله عليه وسلم عرفوا نعته وصفته. كفروا به: أي جحدوه وأنكروه بغيا وحسدا وكفراً". والعقيدة الصحيحة التي نحن عليها أن الأنبياء والأولياء والصالحين لا فعل لهم ولا قدرة ولا تصرف لا الآن ولا حين كانوا أحياء في دار الدنيا لأن صفتهم الفناء والاستهلاك. وهو ما أكده الشيخ يوسف الرفاعي في كتابه «أدلة أهل السنة والجماعة» بقوله: "لو كان هذا التوسل شركاً وتوجهاً إلى غير الله كما يزعم المنكرون، فينبغي أن يمنع التوسل وطلب الدعاء من الصالحين من عباد الله وأوليائه في حال الحياة أيضا. وليس ذلك مما يُمنع فانه مستحبٌ ومستحسن شائع في الدين، ولو زعم أنهم عزلوا واخرجوا من الحالة والكرامة التي كانت لهم في الحياة الدنيا فما الدليل عليه. ومن اشتغل من الموتى عن ذلك بما عرض له من الآفات فليس ذلك كافياً ولا دليلاً على دوامه واستمراره إلى يوم القيامة". ويقول أيضاً "نعم إن كان الزائر يعتقد أن أهل القبور متصرفون ومستبدون وقادرون من غير توجه إلى حضرة الحق والالتجاء إليه كما يعتقده العوام الغافلون الجاهلون، وكما يفعل أولئك من تقبيل القبر والسجود والصلاة إليه مما وقع عنه النهي والتحذير، فذلك مما يمنع ويحذر منه وفعل العوام لا يعتبر قط، وهو خارج عن البحث وحاشا من العالم بالشريعة والعارف بأحكام الدين انه يعتقد ذلك ويفعل هذا". وإلى هذا التوسل أشار الإمام مالك رحمه الله تعالى للخليفة الثاني من بني العباس وهو المنصور جد الخلفاء العباسيين في المناظرة التي كانت في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم فقد قال له الإمام مالك: (يا أمير المؤمنين لا ترفع صوتك في هذا المسجد، فإن الله تعالى أدب قوما فقال يَا أَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا لاَ تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ (2 الحجرات). وقد مدح قوما فقال إِنَّ الَّذِينَ يَغُضُّونَ أَصْوَاتَهُمْ عِندَ رَسُولِ اللَّهِ (3 الحجرات) وذم قوما فقال إِنَّ الَّذِينَ يُنَادُونسيدنا محمد صلى الله علية وسلم (4 الحجرات). وإن حرمته ميتاً كحرمته حيا، فاستكان لها أبو جعفر فقال: يا أبا عبد الله (يعني الإمام مالك) أستقبل القبلة وأدعو أم استقبل رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فقال الإمام مالك: ولم تصرف وجهك عنه وهو وسيلتك ووسيلة أبيك آدم عليه السلام إلى الله تعالى يوم القيامة. بل استقبله واستشفع به فيشفِّعه الله، قـال اللـه تعالى وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذ ظَّلَمُوا أَنفُسَهُم (64 النساء). وهذه القصة رواها القاضي عياض بإسناد صحيح. وقد صرح كثير من العلماء بهذا[1]. والحاصل أن مذهب أهل السنة والجماعة[2] ينص على (صحة التوسل وجوازه بالنبي صلى الله عليه وسلم في حياته وبعد وفاته، وكذا بغيره من الأنبياء والمرسلين والأولياء والصالحين، كما دلت الأحاديث السابقة). فإننا إذن وبناءاً على ما تقدم لا نعتقد تأثيرا ولا خلقاً ولا إيجاداً ولا إعداماً ولا نفعاً ولا خيراً إلا لله وحده لا شريك له، فلا نعتقد تأثيراً ولا نفعاً ولا خيراً للنبي صلى الله عليه وسلم باعتبار الخلق والإيجاد والتأثير، ولا لغيره من الأحياء والأموات. فلا فرق في التوسل بالنبي صلى الله عليه وسلم وغيره من الأنبياء، وكذا بالأولياء والصالحين، ولا فرق بين كونهم أحياءً أو أمواتاً، لأنهم لا يخلقون شيئاً وليس لهم من دون الله تأثير في شيء. وإنما يتبرك بهم لكونهم أحبّاء الله تعالى، والخلق والإيجاد والتأثير لله وحده لا شريك له، ولأنه تسري بركة المكان على الداعي، كما ذكر الإمام الشوكاني. أما الذين يفرقون بين الأحياء والأموات حيث جوّزوا بعض التوسلات بالأحياء دون الأموات فهم القريبون من الزلل والخلل لأنهم اعتبروا أن الأحياء لهم تأثير دون الأموات مع أنه لا تأثير إيجاداً لغير الله تعالى على الإطلاق. وأما الإفادة وفيض البركات والاستفادة من أرواحهم استفادة اعتيادية، وتوجه أرواحهم إلى الله تعالى طالبين فيض الرحمة على ذلك المتوسل فهو شيء جائز وواقع وخال عن كل خلل دون الفرق بين الأحياء والأموات. فشبهة المانعين إن كانت من جهة أن الأموات أجساد هامدة جامدة ولا روح ولا إدراك ولا مجال للخطاب معهم، فتلك ساقطة من الاعتبار لأن أجساد الأنبياء لا تبلى، وان الله حرّم على الأرض أن تأكل لحومهم، وأن أرواحهم باقية ثابتة ولها إدراك بإذن الله تعالى، وهو تعالى يعلمها بصلاة المسلمين وبتوسلات المتوسلين، وحسبك في الموضوع خطابك النبي صلى الله عليه وسـلم في كـل صلاة عند التشـهد بقولك (السلام عليك أيها النبي ورحمـة اللـه وبركاته) وليس (السلام على النبي). فإذا توسلنا به صلى الله عليه وسلم على معنى طلب الدعاء منه فطلب الدعاء مشروع وإذا توسلنا بذاته الشريفة أو بجاهه العظيم أو بحقه الجسيم فكل ذلك واقع في الروايات الصحيحة. وإذا كان القصد الاستشفاع بـه صلى الله عليه وسلم فلا شك أنه الشفيع وشفاعته ثابتة شرعا. وما توهم الناس به من انه شرك فالشرك أن يجعل العبد أحداً سوى الله تعالى شريكاً له في الألوهية والربوية والخلق، وأين ذلك من التوسل بالرسول صلى الله عليه وسلم بصفة أنه عبد الله ونبيه ورسوله أكرمه بفضله وجعل له الشفاعة والوسيلة والمقام المحمود. وقياس المسلمين المتوسلين على عُبَّاد الأصنام فيما حكاه الله تعالى عنهم من قولهم مَا نَعْبُدُهُمْ إِلاَّ لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى (3 الزمر) ونحوه، ناشئ عن إغماضٍ عن الحق وانحرافٍ عن الواقع وتسوية بين الأمة الوثنية الجاهلة الضالة وبين الأمة المسلمة المؤمنة بالله وحده لا شريك له، الناشئة عن الملة الإسلامية الحنيفة التي تمرنت على الاعتقاد بالله والتي رضيت بالله تعالى رباً وبالإسلام دينا وبالقرآن كتابا وبسيدنا محمد صلى الله عليه وسلم عبدا ورسولا و نبياً. وآمنت بأن البعث حق والجنة حق والنار حق والموت حق والحساب حق. وكيف يتصور بمن أسلم وقرأ القرآن وفهم تعاليمه وأحب النبي العدنان أن يظن تلك الظنون الفاسدة التي ظنها عُبَّاد الأصنام الجاهليون. وكيف يتصور ذلك من العارفين بالله الدارسين لمعنى قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِّثْلُكُمْ يُوحَى إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ (110 الكهف) ولإنذارات الرسول صلى الله عليه وسلم لعشيرته بعد نزول قوله تعالى وَأَنذِرْ عَشِيرَتسيدنا محمد صلى الله علية وسلم الأَقْرَبِينَ (214 الشعراء).«°·.¸.•°°·.¸¸.•°°·.¸.•°» [center]