عادل محمد زايد
عدد المساهمات : 4107 تاريخ التسجيل : 30/01/2009 العمر : 38 الموقع : المشرف علي المنتدي
| موضوع: حياة الأمير عبد القادر الجزائري الجمعة فبراير 06, 2009 10:31 am | |
| حياة الأمير عبد القادر الجزائري الدكتور عبود عبد الله العسكري الأمير عبد القادر واحداً من المؤلفين الأصيلين في التصوف خلال المائة سنة الأخيرة . ويمكننا تقسيم حياته الصوفية إلى ثلاث مراحل : المرحلة الأولى : وهي مرتبطة بزيارته لقبر القطب الرباني السيد عبد القادر الجيلاني في بغداد ، وهو في طريقه إلى مكة لأداء فريضة الحج عام ( 1241هـ ) وهناك أخذ الطريقة ( القادرية ) ( نسبةً إلى الشيخ عبد القادر الجيلاني ) المتوفي عام ( 561هـ-1166م ) ، عن الشيخ محمود القادري : شيخ السجادة القادرية ونقيب الأشراف في بغداد . المرحلة الثانية : هي التي انتهى بها إلى الأفق الروحاني بوقدة الاضطرار والشوق في السجن أو على الأصح في خلوة ( أمبواز ) ، وقد أشار إليها في كتاب المواقف ( الموقف 211 ) ، حيث يروي لنا المحنة الروحية التي أصابته ، وكيف استطاع تجاوزها بالصلاة والدعاء . المرحلة الثالثة : وقد تم له فيها الفتح العظيم ، وكان ذلك عندما سافر حاجاً سنة ( 1279هـ ) ، حيث أقام في مكة سنة ونصف السنة مقبلاً على العبادة والخلوة وكان للقائه بالشيخ ( العارف بالله ) محمد الفاسي أثر كبير على تطوره الروحي ، فقد أخذ عنه الطريقة ( الشاذلية ) باعتباره رئيساً لهذه الطريقة . ويعتبر الأمير عبد القادر نفسه من أهل ( الجذب ) ذلك أنه يمكن تقسيم المتصوفة إلى فئتين تختلف كل منهما عن الأخرى في طريقة وصولها إلى المطلق ، فأهل الجذب هم الذين اختصم الله بعنايته وأوصلهم بدون كبير جهد يبذلونه إلى أعلى المقامات الصوفية ، فهو سبحانه الذي يختارهم حسب مشيئته ، ورجال الفئة الثانية هم ( أهل السلوك ) أو أهل الكسب الذين يتقدمون ضمن خطة مرسومة على الدرب الصوفي ، ويقاس تقدمهم بصدقهم وإخلاصهم ومجاهدتهم لأنفسهم ، ومنهم من لا يصل أبداً ، ويفسر لنا الأمير عبد القادر حالته بقوله : ( وكنت ممن رحمه الله تعالى ، وعرفه بنفسه وبحقيقة العالم على طريقة ( الجذبة ) لا عن طريق السلوك ، فإن السالك أول ما يحصل له : الكشف عن عالم الحس ، ثم عن عالم الخيال المطلق ، ثم يرتقي بروحه إلى السماء الدنيا ثم إلى الثانية ، ثم إلى الثالثة ، ثم إلى العرش ، وهو في كل هذا من جملة العوام المحجوبين ، إلى أن يرحمه الله تعالى بمعرفته ويرفع عنه الحجاب ، فيرجع على طريقه فيرى الأشياء حينئذ بعين غير الأولى ويعرفها معرفة حق ، وهذه الطريقة ، وإن كانت أعلى وأكمل ، ففيها طول على السالك ، وخطرها عظيم ، فإن هذه الكشوفات كلها ابتلاء ، هل يقف السالك عندها أو لا يقف ؟ فربما وقف السالك عند أول كشف أو عند الثاني إلى آخر ابتلاء واختبار ، فإن كان السالك ممن سبقت له العناية فاز ونجا ، وإلا طرد عندما وقف ورجع من حيث جاء . وأما عن طريق الجذبة فهي أقصر وأسلم . . . جذبة إلهية وعناية رحمانية ، وهو المراد الذي عرفوه بأنه : ( المجذوب عن إرادته ) مع تهيؤ الأمور له ، فجاز الرسوم كلها والمقامات من غير مكابدة . وتتميز ( طريقة السالكين ) بأنها تقدم معرفة الخلق على الحق ، أي أنها طريق من عرف نفسه عرف به، ويفسر الأمير عبد القادر الجزائري ( النفس ) على أنها : ( الرب المقيد ) و ( الرب ) بوصفه : ( النفس المطلقة ) : ويقول : فإن كانت النفس لا تعرف بل هي مجهولة أبداً ، فكذلك الرب لا يعرف أبداً ، إذ المعلق على الممنوع ممنوع ، فالناس متفاوتون في معرفة نفوسهم ، كما هم متفاوتون في معرفة ربهم بما لا يكاد ينحصر ولا يدخل تحت ميزان ، أما إذا تقدمت معرفة الحق على الخلق ، فإننا أمام طريق معكوس الاتجاه بالنسبة إلى طريقة السلوك الصاعد ( وهي طريقة الاجتباء والجذب طريقة المرادين ) .
المصدر: تاريخ التصوف في سورية النشأة والتطور للدكتور عبود العسكري - ج 1 ص 77 - 79 .[center] | |
|